أربعة أشهر فقط مرت علي تولي د. سيد خطاب منصب - رئيس هيئة الرقابة - علي المصنفات الفنية خلفا لعلي أبوشادي، من نوفمبر 2009 وحتي الآن.. خلال الأشهر الأربعة، نجح سيد خطاب في تقليل عدد المعارك التي دخلها مع المبدعين وصنّاع السينما، ففيما عدا أزمته الأخيرة مع أسرة فيلم «المشير والرئيس»، لم تحدث اشتباكات قوية بين الرقيب الجديد وصنّاع الأفلام، فالأمور تسير بشكل هادئ إلي حد كبير بلا أزمات ولا مشاحنات. الأمر يبدو وكأن د. سيد خطاب قرر أن يكون أكثر مرونة في التعامل مع السينمائيين، وأن يقلل عدد مرات استخدامه لمقص الرقيب رافعا سقف الحرية بهدف التخلص من تلك القيود القديمة التي طالما اختنق منها صناع السينما وعانوا منها سنوات طويلة، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، فالرقيب الجديد اختار أن يحل الأزمة المشتعلة بين السينمائيين والرقابة بحل سحري. رأي أنه الأسهل والأضمن في وجهة نظره. الحل يمكن تلخيصه في رفض معظم السيناريوهات التي تعرض علي الرقابة «من بابها». لدرجة أنه رفض عشرة سيناريوهات خلال أربعة أشهر فقط، منها خمسة سيناريوهات أعاد صنّاعها عرضها علي الرقابة مرة أخري بعد رفضها في عهد الرقيب السابق علي أبوشادي. أسباب رفض الرقابة للسيناريوهات مختلفة، فمنها ما تم رفضه لأسباب أخلاقية مثل سيناريو «كلمة السر» الذي تم رفضه لتطرقه لقضية الشذوذ الجنسي بين الفتيات، وهو من تأليف سامح أبو الغار، وكان مرشحا لبطولته كل من ماريا وعلا غانم، وسيناريو آخر للمخرجة إيناس الدغيدي كان يتناول قضية زنا المحارم. ومنها ما تم رفضه لأسباب سياسية مثل سيناريو «حسن حسين أوباما» الذي كتبه حامد سعيد، وكان من المقرر أن يخرجه سعيد حامد، وكان سيقوم ببطولته سليمان عيد. أما سبب رفض السيناريو هذه المرة فهو الإساءة للرئيس الأمريكي لكونه يحكي عن قصة تخيلية لشقيق الرئيس الأمريكي الذي يعيش في حي بولاق الدكرور، وهو ما دفع مخرجه للتقدم بشكوي للجنة التظلمات يطالب فيها بإعادة النظر في السيناريو. كذلك تم رفض سيناريو بعنوان «اغتيال حمار» بحجة إساءته للشعب المصري، حيث رأت الرقابة أن السيناريست تيمور سري مؤلف الفيلم يرمز بكلمة «حمار» لكل مواطن من الشعب! واعترض الرقيب أيضا خلال الأشهر الأربعة الماضية علي سيناريو آخر بعنوان «خليها علي الله» للصحفي والسيناريست معوض جودة بحجة أن السيناريو لم ينتصر للمظلوم، في حين أنه انتصر للفساد، حيث يتطرق السيناريو إلي عدد من القضايا التي أثيرت علي الساحة المصرية مؤخرا كقضية أكياس الدم الفاسدة واستيراد شحنات من القمح الفاسد. هذا عن انفرادات الرقيب التي قرر فيها أن يتخلص نهائيا من مقص الرقابة الذي طالما أزعج السينمائيين، لكنه في الوقت نفسه لم ينس التأكيد علي رفض السيناريوهات التي سبق رفضها من قبل في عهد علي أبو شادي، والتي كان لدي صنّاعها أمل في أن تتم الموافقة عليها مرة أخري بعد إعادة نظر الرقابة فيها، وهي «منتخب مصر» للسيناريست عباس أبوالحسن والذي رفض بحجة تشويه سمعة مصر من خلال أحداث ومواقف تحدث في المجتمع المصري، ارتأت الرقابة أنها تحمل تعميما غير مقبول، وسيناريو «ابن الرئيس» للسيناريست يوسف معاطي والمخرج شريف عرفة الذي تم رفضه من قبل إحدي الجهات السيادية، فأعاد عرفة عرضه علي الرقيب الجديد بعد تغيير اسمه ل «هما يحبوا بعض»، ورفض للمرة الثانية، وسيناريو بعنوان «تحت النقاب» رفض بحجة الإساءة للمنتقبات، حيث يصور عددا من المنتقبات كعاهرات، بالإضافة للجزء الثاني من فيلم «نمس بوند» الذي رفض لأسباب سياسية لها علاقة باعتراض الرقابة علي بعض المشاهد في الجزء الأول، ففضل علي أبوشادي رفض الجزء الثاني منعا لتكرار المشاكل والأزمات مرة ثانية، ليبقي التحدي الأهم وهو سيناريو فيلم «المشير والرئيس» وهي المعركة الوحيدة التي دخلها سيد خطاب بكامل طاقته وقوته وعنفوانه كرقيب منذ أن تولي المنصب. الغريب أن المعركة الوحيدة التي قرر الرقيب أن يدخلها، اختار أن يقف فيها في وجه صنّاع الفيلم لمنع تصويره بأي طريقة، إلا أن صنّاع الفيلم انتصروا في النهاية للعمل الفني، ولحرية الإبداع وحصلوا أخيرا علي تصريح تصوير الفيلم بعد جولة طويلة بين المحاكم.