لم يكن الرئيس دونالد ترامب مبالغا عندما قال في أثناء حملته الانتخابية إن الولاياتالمتحدة من الممكن أن تلغي اتفاق باريس حول التغير المناخي. وهكذا كان قرار الرئيس ترامب بانسحاب امريكا من ذلك الاتفاق الذي يضم نحو200 دولة وهذا القرار من الممكن أن يكون له تأثير الدومينو علي مشاركة بلدان أخري كثيرة في الجهد الدولي الرامي للحد من تلوث الوقود الأحفوري, مما يجعل من المستحيل تقريبا وقف التغير المناخي الكارثي لأنه سيكون, في هذه الحالة, مكلفا للغاية. خطورة القرار ان الولاياتالمتحدة تعد ثاني أكبر باعث لغازات الاحتباس الحراري في العالم واكبر مساهم مالي في الاتفاق. وكان ترامب سبق ان وقع أمرا تنفيذيا لإجراء مراجعة شاملة لإجراءات مواجهة التغير المناخي التي كان قد تبناها سلفه باراك أوباما. وكان ترامب والحزب الجمهوري عاضبين من خطة الطاقة النظيفة التي تبناها أوباما في عام.2015 وتفرض الخطة قيودا علي انبعاثات الكربون من محطات الطاقة التي تعمل بوقود الفحم.والغي المرسوم الرئاسي القيود التي فرضتها حكومة أوباما علي استخراج الفحم من أراض مملوكة للدولة. وقال ترامب إنه يقوم باتخاذ خطوات تاريخية لإلغاء القيود علي الطاقة الأمريكية من أجل عكس توجه الحكومة وإلغاء التنظيمات التي تقضي علي فرص الوظائف.. وكان الحزب الجمهوري منذ البداية غير مقتنع بحجج الاتفاقية, فبعد موافقة نحو200 دولة علي توقيع اتفاقية التغير المناخي في باريس, عقد المجلس المحلي لبلدة وودلاند بولاية نورث كارولاينا الأميركية, اجتماعا لحظر نشر استخدام ألواح تجميع الطاقة الشمسية في مزارعها, وأصدرت قرارا بمنع كل المحاولات المقبلة لتنصيب أي من هذه الألواح الشيطانية. وعبرت المتحدثة باسم المجلس, وهي أستاذة متقاعدة لمادة العلوم, عن معارضتها التامة لتنفيذ المشاريع الخضراء لتوليد الطاقة الشمسية بدعوي أنها تقتنص كل طاقة الشمس وتؤدي إلي قتل النباتات في الأراضي المجاورة. ولا تمتلك اتفاقية باريس القوة القانونية الملزمة التي يمكنها الوقوف في وجه مثل هذا القرار حيث تنص المادة12 من الاتفاقية علي ما يلي: علي الأطراف الموقعة أن تتعاون فيما بينها علي تحديد الأطر المناسبة لنشر ثقافة التصدي للتغير المناخي, والتدريب, والالتزام بجوانب الحيطة والحذر, وتشجيع المشاركة العامة في الجهود, وإتاحة الفرصة لكل الناس للدخول إلي قواعد المعلومات المتعلقة بالموضوع, وإدراك مدي أهمية هذه الخطوات في تفعيل الممارسات التي تندرج ضمن الإطار العام لهذه الاتفاقية. ويبدو بوضوح من خلال هذا النص أن الاتفاقية لا تلزم أحدا بأي شيء, مثلما هي الحال في بقية موادها وبنودها. وبنظرة مدققة في الجزء الملزم من النص النهائي للاتفاقية, وخاصة منه ما ورد في المادة4 التي تقول إن علي الدول الأكثر غني أن تعمل علي وضع استراتيجياتها الاقتصادية علي أساس تخفيض معدلات انبعاث الغازات الضارة, بدلا من أن تستخدم تعبير يتحتم عليها أن تفعل ذلك. ومع كل هذا, دأب المشاركون علي التلاعب بالألفاظ ودلالات الكلمات خلال الأحاديث الصحفية التي التأمت خارج غرف المفاوضات. ومن ذلك مثلا أن عديد الدول قالت: إن كلمة يتحتم التي وردت في المادة4 لا تحمل في مضمونها معني الإلزام, ولكن كلمة علي تحمله بالفعل.!. أن مكافحة تغير المناخ تتطلب5 تريليونات دولار أو أكثر من الاستثمارات العالمية السنوية, حسب بعض التقديرات, وانسحاب امريكا يضربها في الصميم. كما ان اتفاق باريس يتعامل مع البلدان الفقيرة معاملة غير عادلة.