لم تحظ منطقة في العالم كله مثلما حظيت منطقة الشرق الأوسط بزيارات الرؤساء الأمريكان لها في السبعين سنة الأخيرة. بلغت تلك الزيارات في مجملها70 زيارة, حظيت مصر بنصيب الأسد منها بلغت في مجملها ست عشرة زيارة, رسمية, إضافة الي زيارات غير رسمية للرؤساء الأمريكان, مما يدل علي الأهمية الإستراتيجية البالغة لمصر في السياسة الأمريكية. بقية الزيارات كانت كالآتي: المملكة العربية السعودية إحدي عشرة زيارة وإسرائيل إحدي عشرة زيارة والأردن ست زيارات وتركيا ست زيارات والعراق خمس وإيران أربع وفلسطين ثلاث والكويت2 وسوريا2 وزيارة واحدة لكل من البحرين وعمان وقطر ودولة الإمارات العربية. كانت أول زيارة لمصر في الفترة من22 الي26 نوفمبر1943 قام بها الرئيس فرانكلين روزفلت لحضور مؤتمر قمة مع كل من تشرشل وآخرين, وكانت آخر زيارة الي المملكة العربية السعودية وإسرائيل في الفترة من20 الي22 مايو2017 قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور الموتمر العربي الإسلامي الأمريكي ثم السفر الي إسرائيل لمناقشة مشكلة الشرق الأوسط. يحضرني هنا التشابه بين زيارة نيكسون لمصر في المدة من12-14 يونيو1974 وزيارة ترامب الي المملكة العربية السعودية الأخيرة. كلتا الزيارتين حدثتا في ظروف متشابهة. زيارة نيكسون كانت في وقت صعب عليه, جاء الي مصر بناء علي دعوة من الرئيس السادات تاركا وراءه هموما كبيرة حيث أصدر كل من الكونجرس ومجلس النواب قرارات بمحاكمته في6 فبراير1974, بناء علي إعاقته للعدالة واستغلال السلطان. كان إستقباله حافلا في مصر حيث خرجت الملايين لاستقباله. لم تشفع له حرارة الاستقبال تلك, واستمرت إجراءات محاكمته مما جعله يقدم استقالته في9 أغسطس.1974 أما زيارة ترامب فإنها مختلفة في قليل من الأمر. أولا لم تثبت إدانته حتي الآن, غير أن الأمور تمشي في احتمالية حدوث ذلك, وأنه فصل مدير الإف.بي.آي جيمس كومي الذي يتولي التحقيق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة لمصلحة ترامب. هذا الفصل قد يرقي طبقا لكثير من المحللين الي مرتبة إعاقة العدالة التي توجب محاكمته وعزله طبقا للقانون الأمريكي. الزيارة تشبه زيارة نيكسون في حرارة وحفاوة الاستقبال السعودي للرئيس ترامب وعائلته والوفد المرافق له. وتتفوق علي الزيارة المصرية فيما أنجزه الرئيس ترامب من اتفاقيات خيالية بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية في المجالات العسكرية والاقتصادية بلغت قيمتها460 بليون دولار. هذا الأمر جعل الرئيس ترامب يقول بعد توقيعه الاتفاقيات بكل فخر: هذا الاتفاق يعني وظائفو وظائف في أمريكا. هو صائب في قوله هذا, لأن تلك المبالغ الخرافية ستخلق ملايين الوظائف في أمريكا وستساعد الاقتصاد الأمريكي أن ينمو وأن يحقق ما كان يدعو إليه ترامب في حملته الانتخابية: إذا ما إنتخبتموني, سأخلق ملايين الوظائف. هذا النجاح غير المسبوق والذي لم يحققه أي رئيس أمريكي من قبل قد يقوي مركز الرئيس ترامب لدي قاعدته الانتخابية ولدي المواطن الأمريكي العادي بصفة عامة والذي لا يهمه غير تحسن الأوضاع الاقتصادية والحصول علي وظيفة. غير أن استطلاعات الرأي التي أجريت بأمريكا خلال الزيارة وبعدها مباشرة تظهر مزيدا من تدني شعبيته, وأن الصفقات الرهيبة لم تؤد الي الآن دورها في الرضا عن سياسته. عقب زيارة السعودية الناجحة سافر الرئيس ترامب الي إسرائيل التي رحبت بنتائج زيارته للسعودية لأنها تصب في مصلحتها ولأن الاتجاه الواضح الآن هو اعتبار إيران العدو اللدود للدول السنية بالمنطقة وهو ما تسعي إليه إسرائيل وتريده بشدة لأنه يجعلها صديقة وليست عدوة. لقد نجح ترامب في رحلته نجاحا منقطع النظير رغم أن المشاكل تلاحقه من الداخل. كل يوم تخرج الصحافة بمزيد من الاتهامات له بأنه متواطئ مع روسيا, وأنها كانت السبب وراء انتخابه. [email protected]