تقول الحدوتة إن رجلا دعا ربه أن تكون حدود ما يملك من أرض هي عند منتهي بصره. استجاب الرب وأرسل إليه ملاكا يأمره أن يمتطي حصانه وينطلق وسوف يمتلك كل أرض يصل إليها منتهي بصره شريطة أن يعود لنقطة البدء قبل غروب الشمس. مع انطلاق الحصان لم يكن هناك منتهي للبصر. كان يستحث الحصان ليزيد من سرعته وليتسع مدي الرؤية. عند الظهيرة تذكر الشرط. قال لنفسه لا يزال هناك متسع من الوقت لكسب مزيد من الأرض قبل العودة. حل العصر.. مالت الشمس نحو الغروب. أدار عنان جواد أنهكه الركض وخارت قدماه. غربت الشمس وهو لم يعد وضاع كل شيء. كثير من غيلان مافيا الأراضي لم ينتظروا حتي تغرب الشمس كبطل الحدوتة وإنما وضعوا أيديهم علي أكبر مساحات ممكنة ثم سلكوا بمعونة مسئولين فاسدين سبلا معوجة طوال عصري السادات ومبارك أتاحت لهم كسب المليارات. ملايين الأفدنة في مصر موزع دمها بين الوزارات بحيث ليس هناك في النهاية مالك صريح. مافيا الأراضي تعرف ذلك. كل المطلوب لافتة عن مشروع وحفر كام بئر واستزراع كذا فدان ثم قيام من لا يملك من الغيلان ببيع هذه الأرض لمن يسعي الي امتلاك أرض بثمن معقول بعد أن ضاقت به الأرض في موطنه الأصلي. يختفي الغول الكبير ويجد المشتري الصغير نفسه في مواجهة دولة استيقظت بعد غفوة أو غفلة طويلة تقول له إن هذه الأرض ملك لها. منذ بداية التسعينيات تقوم هوجة تقنين وضع اليد مستهدفة غولا لم يعد محل رضا ويكون ضحيتها في الأغلب صغار واضعي اليد ثم تخمد لتندلع من جديد حسب التساهيل. بعض المستثمرين العرب يحصل علي أرض بزعم الاستصلاح والاستزراع ثم يقوم بمساعدة فاسدي الذمم بتحويلها الي مشاريع إسكانية بحجة عدم وجود مصادر للري كانت موجودة ثم تم ردمها وإخفاء معالمها. البعض الآخر كما حدث في توشكي يحصل علي مئات الآلاف من الأفدنة ويستصلح بضع مئات ثم ينام علي ذلك تسقيعا للأرض وبيعها بعد ذلك بمئات الألوف للفدان الذي حصل عليه بعشرات الجنيهات. أعلن رئيس الجمهورية منذ نحو عامين عن استصلاح واستزراع1.5 مليون فدان كخطوة أولي في استزراع أكثر من ثلاثة ملايين فدان. انتظر الناس ثمرة هذا المشروع الذي تقف وراءه الدولة بكل إمكانياتها لكن المعلن عنه كان أقل بكثير من المتوقع والمأمول. يبدو وإن كان ذلك غير معلن حتي الآن أن المشروع اصطدم بمافيا وغيلان الأراضي من واضعي اليد. في مؤتمر في قنا يوم الأحد الماضي طلب الرئيس وضع حد بنهاية الشهر الحالي لمسألة وضع اليد وأنه محدش في مصر هياخد حاجة بدون حق. احنا مش في طابونة عشان كل اللي عايز حاجة ياخدها. أن يضع الرئيس تاريخا محددا لكل المسئولين من جيش وشرطة ومحليات لا يتعدي نهاية الشهر لإنهاء هذا الوضع من شأنه حال تنفيذه أن يضع حدا لداء استشري حتي تحول إلي وباء. لكن هناك خشية لها سوابق هي أن يلجأ المسئولون من أجل تنفيذ أمر الرئيس الي استخدام اليد الطرشاء في أخذ العاطل بالباطل وفي استخدام البلدوزرات كما حدث أيام يوسف والي في إزالة مزروعات ومبان وردم آبار وإعادة أرض مزروعة الي بور مرة أخري. من يريد أن يزرع وأن يتملك فأهلا به شريطة دفع ثمن ما يتملك لكن شريطة ألا يكون هناك تعسف في الثمن أو في الشروط. عايزينها تعمر.