تسعة وستون عاما مضت علي ذلك اليوم المشؤوم15 مايو..1948 يوم النكبة الذي احتل فيه الصهاينة أرض فلسطين الغالية ومنذ ذلك الحين ولا تزال النكبات تتوالي.. وما زالت الخيانات مستمرة.. والشعوب دائما وحدها هي من تدفع الثمن.. فما أشبه اليوم بالبارحة بل ما أشبه الكثير من أيامنا الراهنة بذلك التاريخ الذي تواطأت فيه خيانة وعمالة بعض الأنظمة العربية لتسليم فلسطين إلي كيان محتل بغيض وذبح الكرامة العربية قربانا علي أعتاب التاج البريطاني لإثبات الولاء لبريطانيا التي مكنت تلك الأنظمة من الحكم ليكونوا لها عونا علي بني جلدتهم وليكونوا ذراع الكيان الصهيوني في المنطقة بكاملها الذي ينفذ كل مخططاتهم تباعا.. ولم تكتف هذه الأنظمة العميلة بإشاعة الأكاذيب حول ذلك اليوم المنكوب وحول أسباب هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين عام1948 أمام الكيان الصهيوني المحتل بل استباحت أيضا تعليم الأجيال التالية تاريخا مزيفا من أجل خدمة الأهداف الصهيونية كذلك.. فروجوا لسنوات طوال أن الفلسطينيين هم من باعوا أرضهم إلي الصهاينة ليواروا سوءة خياناتهم هم أنفسهم في تلك الحرب حين ولوا أمرهم لقائد بريطاني يدعي الجنرال جون باجوت جلوب والمعروف بكلوب باشا آنذاك ليقودهم إلي هزيمة منكرة فادحة الثمن. لم يتغير المشهد كثيرا منذ ذلك التاريخ البعيد زمنا القريب إلي الأذهان وجعا برغم تغير الوجوه والأسماء وكأن بعض الأنظمة العربية لا تتعلم من أخطاء الماضي أو ربما تتعمد تكراره لأهداف لم تعد خافية علي أحد.. فكما بدأت النكبات في عام1948 لانضواء جيوش عربية تحت لواء البريطاني كلوب باشا تستمر أيضا في واقعنا الراهن تحت مظلة تريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية الحالية في مشهد لن ينمح من ذهن أي مواطن عربي ما زال يدفع ثمن خيانات أنظمة عميلة لا هم لها سوي تثبيت دعائم حكمها حتي ولو كان الثمن تسليم بقية الدول العربية إلي الكيان الصهيوني كما تم تسليم فلسطين من قبل.. وكما التاريخ كان شاهدا علي أن الجيش المصري هو الوحيد الذي حارب بحق من أجل حماية الأراضي الفلسطينية في تلك الحرب يبقي الحاضر أيضا مؤكدا موقف مصر المشرف من جميع القضايا العربية الراهنة وعلي أن جيشها هو الحصن الحصين ليس للمصريين فقط ولكن لكل دولة عربية شقيقة تكالب عليها العملاء والخونة من كل حدب وصوب. إن من يزيفون التاريخ وحدهم هم من يسعون إلي سرقة الجغرافيا.. ومن يسعون إلي سرقة الجغرافيا ليسوا سوي صهاينة الفكر والأيديولوجية وإن حملوا هويات عربية.. فالصهيونية لم تعد تقتصر علي من اغتصبوا أرض فلسطين ذات يوم مشؤوم وإنما باتت تتغلغل في مجتمعاتنا العربية لإسقاط الدول واحدة تلو الأخري في براثن التقسيم الذي يخدم مخطط إقامة ذلك الكيان الطفيلي دولته من النيل إلي الفرات كما يزعمون.. فنكبة فلسطين لم تكن سوي بداية لتوالي النكبات علي المنطقة العربية بكاملها.. والخيانات الحالية ليست إلا امتدادا لخيانات سابقة والتي لولاها ما تمكن عدو من هزيمتنا وما تمكن محتل من سرقة هويتنا واحتلال أراضينا العربية. إن نكبة الشعوب العربية الحقيقية تكمن في عمالة بعض الأنظمة لبريطانيا ولقيطتهم إسرائيل.. فطالما بقيت الخيانة العربية فرضا من فروض ولاء هذه الأنظمة للدول الغربية التي ترعي المصالح الإسرائيلية في العالم سيبقي الحال كما هو عليه من هزائم ونكبات.. فما حاجة الكيان الصهيوني الآن لمحاربتنا عسكريا وهناك من بني جلدتنا من يتولي بدلا منه أمر تدمير بلادنا وتشريد شعوبها.