لغلق الباب أمام أي فكر متشدد أو متطرف أو تنظيمي من التسلل إلي المساجد وخاصة بين النساء جاء التعاقد مع المجموعة الأولي من الداعيات الجديدات من خريجي كليات جامعة الأزهر والحاصلات علي معهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف ولأول مرة تتاح الفرصة للنساء للعمل في المجال الدعوي إذ بلغ عددهن في المرحلة الأولي144 داعية من19 محافظة ومن المستهدف أن يصل عدد الواعظات هذا العام إلي ألفي واعظة ويعد الاتجاه إلي الاستعانة بالنساء في المجال الدعوي تقديرا للمرأة إذ أنها الأجدر علي مخاطبة السيدات خاصة فيما يتصل بالأمور الفقهية الخاصة بأحوال المرأة وقضايا الأسرة والطفل والأخلاق والتربية وتنظيم العملية الإنجابية والاتجاه الأخير للاستعانة بالمرأة في المجال الدعوي تأكيد أن الدعوه ليست مقصورة علي الرجل بل هي حق لكل امرأة مؤهلة بشرط التزامها بالضوابط الشرعية والأسطر التالية تعرض آراء المتخصصين من علماء الدين وعالمات الأزهر حول الاتجاه إلي توظيف المرأة في مهام الداعية والواعظة. د. أسامة العبد: التعيين تأخر كثيرا قال الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر السابق ورئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب إن قرار تعيين داعيات بالمساجدجاء بناء علي توصيات اللجنة مشيرا الي الواعظات منذ ظهور الإسلام موضحا أن هذا القرار كان لابد منه وتأخر كثيرا في ظل انتشار قيام بعض السيدات غير المؤهلات بالعمل الدعوي ونشر أفكار لاتمت للفكر الوسطي المعتدل بصلة داخل المنازل, وخاصة في ظل وجود بعض الأسئلة التي تخشي المرأة أن تسألها للرجل وتحتاج إلي تفسير فقهي يساعدها علي حل بعض المشكلات التي تواجهها. وأوضح العبد أننا لابد أن نعمل علي التفكير بعقلانية خاصة في ظل وجود داعيات لدينا يتم تخرجهن في كليات الأزهر ومعاهد اعداد الدعاة مؤهلات للقيام بتلك المهمة ولسد الذرائع وغلق الأبواب أمام الجماعات المتطرفة لنشر فكرها عبر السيدات خاصة أن المنطق العصري المتقدم يسعي للمساواة بين الرجل والمرأة, مطالبا بتعيين داعية من النساء في كل مسجد به مصلي وأوضح أن المرحلة الحالية تحتاج لنشر فكر الإسلام الوسطي الصحيح الذي يتبناه الأزهر وتصحيح صورة الاسلام في الخارج التي تم تصديرها بأن ديننا الحنيف يظلم المرأة ويضعها في مكانة غير لائقة علاوة علي إبراز سماحة الدين العظيم ومعالجة القضايا المختلفة, موضحا أن ذلك أمر مهم في تجديد الخطاب الديني, فالمرأة نصف المجتمع, وهناك أكثرمن50 ألف إمام وخطيب من الرجال ويجب أن يكون هناك عدد أكبر من الداعيات, موضحا أن عدد144 سيدة عدد قليل ويجب العمل علي زيادته خلال الفترة المقبلة, نظرا لدور النساء المهم في نشر تعاليم وسماحة الإسلام. د.إلهام شاهين: الأزهر أعطي المرأة حق الوعظ والفتوي لأول مرة قالت د.إلهام محمد شاهين عضو هيئة تدريس بجامعة الأزهر إنه من حيث حقوق المرأة وتوليها المناصب القيادية بالأزهر الشريف فإن المرأة الآن أصبحت تتولي معظم المناصب التي يتولاها الرجال بالأزهر موضحة أنه بنظرة إلي كليات الجامعة كلها ستجد أن كل كليات البنات العمداء والوكلاء فيها من السيدات وكذلك الإدارة كلها من السيدات وكذلك رئاسة الأقسام من السيدات موضحة أن هذه الكليات تم تأنيثها منذ أن كان الدكتورأحمد الطيب رئيسا للجامعة فبعد أن كانت رئاسة الأقسام والعمادة والوكالة للرجال أصبحت للسيدات مع التدريس. وقالت إنه فيما يتعلق بالمشاركات العلمية والرؤي الموضوعية والاستشارات العقلية في كل القضايا المتعلقة بالدين والعلم والمجتمع بالجامعة وبالمشيخة وعضوية اللجان فالكل يشارك بها وتستدعي المرأة لحضورالجلسات ونتقدم بالمشاركات المكتوبة وإبداء الرأي والتعليق وليس الأمر حكرا علي الرجال فقط الآن. وأشارت الي أن المرأة بالأزهر الشريف كانت مهمشة لعقود طويلة فلم تكن لتتولي مناصب قيادية ولا لتشارك في مهام الأمور ولا حتي يوجد لها حضور بالمشيخة ولكن في الفترة الأخيرة مع تولي فضيلة الإمام الأكبرالدكتورأحمد الطيب شيخ الأزهر وجدت المرأة بالأزهر دعما شديدا وقوة كبيرة تساندها وتدفعها لأخذ حقوقها. أكدت د. إلهام علي الدورالكبيرالذي يقوم به الأزهرالشريف لخدمة قضايا المرأة وبدعم مسيرة التنوير في قضايا المرأة والتي تجلت في صورعديدة لعل من أهمها منح المرأة الأزهرية لأول مرة حق الوعظ والفتيا, حيث تم اعتماد مجموعة من الأزهريات واعظات وداعيات للرد علي القضايا المثارة حول المرأة وتفنيد الشبهات المثارة حولها من خلال المرصد العالمي للرصد والفتوي. د. مهجة غالب: وجود المرأة يساعد علي توضيح ثوابت الدين الصحيح للنساء وتؤكد الدكتورة مهجة غالب عميدة كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهروعضو لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب أن الدعوة ليست مقصورة علي الرجل وحق لكل امرأة مؤهلة بشرط التزامها بالضوابط الشرعية وأن الإسلام لم يفرق بين الرجل والمرأة في العمل, مؤكدة أن المرأة كانت تعمل منذ القدم في مجال الدعوة ومنذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم ولدينا نماذج علي ذلك مثل السيدة عائشة وأم سلمة وغيرها ممن أثروا الحياة الدعوية وشددت علي أن المرأة تتعرض خلال الفترة الماضية لحملات من جانب بعض أصحاب الأفكار المتشددة التي تعتبر المرأة كما مهملا وتفهمها بشكل خاطئ حيث يتم عرضها وكأنها جزء بشري فقط مشيرة الي أن الأزهر لديه كليات للبنات وكنت أترأس أكبر تلك الكليات والمسئولة عن تخريج الداعيات مشددة علي أننا لدينا داعيات علي أعلي مستوي وعلي قدر المسئولية ولايقلون فكرا وفهما للأمور الدينية عن الرجل خاصة أنهم يدرسون بالأزهر الشريف نفس المناهج التي يدرسها الرجل في الكليات المناظرة من فقه وتفسير وحديث وجميع العلوم الشرعية بالاضافة الي حملهن للقرآن الكريم. وقالت الدكتورة مهجة غالب أن وجود المرأة في هذه المنظومة يساعد في توضيح ثوابت الدين الصحيح لكثيرات من النساء في مصر, وهذا الأمر ليس مستحدثا, وإنما كان يحدث منذ ظهور الإسلام, قائلة: وفي عهد الرسول صلي الله عليه وسلم كانت السيدة عائشة تشرح لنساء المسلمين تعاليم الدين الإسلامي, موضحة أن هناك نساء يعملن في أعلي المناصب القيادية الدينية في مصر, وجلوس المرأة مع المرأة يساعد في توضيح مفاهيم الدين الإسلامي, خاصة أن هناك كثيرا من الأمور قد تستحيي النساء أن تسأل فيها الرجل, وهذا الأمر سيتلاشي إذا ما وجدت المرأة داعية من جنسها تشرح تعاليم الإسلام ومفاهيمه لها بكل بساطة ووضوح ووسطية. جابر طايع: الدروس النسائية مهمة الداعيات الجديدات يقول الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف إن مهمة الداعيات الجدد هي الدروس النسائية- ومناقشة فقه العبادات وأمور الصلاة والوضوء والغسل. فالداعيات الجدد من خريجي كليات جامعة الأزهر وكليات أخري, وحاصلات علي معهد إعداد الدعاة بوزارة الأوقاف أو المراكز الثقافية بالوزارة مشيرا إلي أنه تم التعاقد مع144 داعية كبداية للعمل في مساجد الأوقاف الخاصة بالنساء, مشددا علي أنه سيتم فتح طلبات لداعيات أخريات عبر موقع الأوقاف. كان وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة قد التقي الداعيات الجديدات, اللاتي تم تعيينهن بقرار من الوزارة, بإتاحة الفرصة للنساء للعمل في المجال الدعوي ولأول مرة وناقش مع الداعيات الجدد, وعددهن بالمرحلة الأولي144 داعية من19 محافظة, المهام الدعوية التي سيقمن بها, وآلية العمل وأولوياته في المرحلة الراهنة, كما سيتم تسليمهن كارنيهات الوعظ, وبعض إصدارات المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بالأوقاف للاستعانة بها في أداء رسالتهن الدعوية. كما كلف وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة, مدير عام التدريب الشيخ أحمد تركي بإعداد برنامج عاجل ومكثف للداعيات. د. نيفين مختار: الواعظة تقدم النصح المفيد والموعظة الحسنة أكدت الدكتورة نيفين مختار الداعية بوزارة الأوقاف وأحد الداعيات اللاتي تم تعيينهن بوزارة الأوقاف إن المرأة كان لها دور كبير وطويل في مجال الدعوة, وأثبتت فطنتها ورجاحة عقلها في أمور كثيرة وسأسرد عدة نماذج السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها عندما مات النبي وكان عمرها وقتها نحو ثمانية عشر عاما وقد حفظت عنه الكثير فأخذ الناس عنها من الأحكام والآداب كثيرا حتي قيل ان ربع الأحكام الشرعية منقول عنها رضي الله عنها. وأشارت الي أن المرأة لم تحظ بالاهتمام والتكريم والرعاية مثلما حظيت به في الإسلام, فقد وضعها الإسلام علي قدم المساواة مع الرجل, فللرجل وظيفة اجتماعية وللمرأة وظيفة اجتماعية لا تقل عن وظيفة الرجل, وكل ميسر لما خلق له, فقال تعالي( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثي بعضكم من بعض). هكذا كانت الآيات صريحة في وصف دور المرأة في المجتمع وقد قال أيضا سبحانه( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم من بعض) والمرأة تطلب العلم وتسعي له وتعلم أقرانها امتثالا لقول النبي صلي الله عليه وسلم( طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة) بل إن الله سبحانه وتعالي جعل للمرأة مثل الرجل مكانة في الدعوة إلي الله وإلي ما يصلح العبد في الدنيا والآخرة. قال تعالي( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) فلم يختص الله سبحانه وتعالي الذكر فقط في الدعوة إلي الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, إنما جعل الحكم عاما للرجال والنساء. وأضافت نيفين مختار أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد رفع أيضا من شأن المرأة وكانت آخر وصاياه( الصلاة وما ملكت أيمانكم) وقال أيضا( استوصوا بالنساء خيرا) موضحة أن الداعية تدعو لتعليم أجيال صالحة تنهض بأعباء الحياة ومتطلباتها بأمانة ومسئولية, فالمرأة قد عملت وشاركت الرجل في تحمل مسئولياته في كل المجالات قال( إنما النساء شقائق الرجال لهن مثل الذي عليهن بالمعروف) فخرجت المرأة للجهاد وداوت الجرحي, وأعطاها الإسلام ذمة مالية مستقلة تتصرف فيها كيفما شاءت, وشاركت برأيها في العديد من المشكلات وتلقت العلم وعلمت غيرها وتفقهت في الدين, بل وقالت الشعر وتصدرت المجالس الأدبية واشتركت في تسيير أمور الدولة, وأدارت دفة الحكم وقد وضعت المرأة مع الرجل طريقا للحياة السليمة, إن ارتباط المرأة بدينها جعلها تتمسك بعفتها وطهارتها مما ساعدها علي أن تنهض بدينها عن طريق الوعظ لأقرانها من بنات ونساء المسلمين. وقالت: إن دور المرأة الداعية إلي الله يبرز في حجابها السوي وسلوكها المستقيم وعقلها المستنير ومداركها المتفتحة الواسعة علي كل مناحي الدين الوسطي الحنيف تنهل منه لتنير درب غيرها فمن غير المرأة يستطيع أن يفهم المرأة مثلها وما يدور في نفسيات بعضهن, وما يدور بخلدهن, وبالأخص في ظل الانفتاحات علي العالم الغربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما تبثه من أفكار ومفاهيم, أصبحت معها المرأة مهزوزة منقسمة رغباتها لا تعرف ماذا تريد, ولهذا فهي تندفع في عدة طرق في وقت واحد, وهنا يأتي دور الداعية التي توعظها وتقف بجوارها لتضع قدميها علي الطريق الصحيح وتأخذها من التخبط الذي يحيط بها وما هذا إلا لأهمية المرأة وقوة تأثيرها في المجتمع فهي الأم والزوجة والأخت والابنة, فكان دور المرأة الداعية يأتي في تكوين عقولهن تكوينا إسلاميا نظرا لدورهن السامي في تربية الأجيال, وربطهم بالدين حتي لا يميلوا عن الطريق المستقيم ويتبدلوا, ومن غير المرأة الداعية يستطيع الولوج إلي عالم المرأة وأنماطها وأخلاقها وما يحكمها من تصرفات وسلوك, فالواعظة تقدم النصح المفيد والدعوة الحسنة, وتعلمها أصول دينها, وكيف تربي أبناءها, وكيف تعرف للرجل قدره وتحترمه, وما له من فضل عليها حتي تستقيم بينهما الحياة فيقدرها الرجل ويحنو عليها. ولفتت الي أن هذا كله من شأنه ترسيخ دعائم الأسرة لقيام المجتمع الصالح الذي يتربي علي فهم وسطية الدين الحنيف, والبعد عن المغالاة, والتقرب إلي الله, لهذا كله جاء دور الواعظة المتيقظة المتميزة في دعوتها الحافظة لحدود الله, فتدعو إلي الله بالحسني فقد قال تعالي( ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) والمرأة إذا صلحت صلح المجتمع كله وإذا فسدت فسد المجتمع كله.