انشغل الناس بمقطع فيديو يرد فيه ولي أمر تلميذ قبل زميلته علي شكوي أم البنت بقوله اللي عنده معزة يربطها, عن تقرير لوكالة رويترز يتحدث عن وجود عسكري روسي في قاعدة مصرية علي الحدود مع ليبيا. ولا لوم علي اهتمام الناس بالمقطع علي تفاهته أو فجاجته عله يخرجهم قليلا من حالة الهم التي يعيشونها جراء الغلاء والتضخم وتدني قيمة الجنيه. ولا تثريب كذلك علي الذين لم يشغلهم تقرير رويترز الذي نفته مصر وروسيا والجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر. فالناس باهتمامهم بالفيديو أو عدم انشغالهم بالتقرير أسري إعلام يسعي جاهدا لشغلهم بكل ما هو تافه كمقطع الفيديو وغير عقلاني كظهور صور الأنبياء علي جدران ضريح أحد الأولياء أو هل تعاد أو لا تعاد مباراة الزمالك والمقاصة وصرف انتباههم عن كل ما هو جاد وخطير مثل ما يحدث في ليبيا. وأظن وليس كل الظن اثما انه حتي معلومات المتنورين عما جري ويجري في ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام2011 أقل بكثير من معلوماتهم عن أحداث سوريا والعراق واليمن. الجهل بما يجري في ليبيا تقصير تتحمل مسئوليته كل وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية, ودليل عجز وقصور رؤية فيما ينبغي أن يكون في أولوية الاهتمام وعدم توافر كوادر متخصصة في شئون دول الجوار. والتجهيل بما يحدث في ليبيا هو مسئولية أجهزة دولة لا تزال تتعامل مع مواطنيها في كل ما يمس حياتهم ووجودهم باعتبارهملم يصلوا الي سن الرشد بعد لكي يحاطوا علما بما يتهددهم وما يدبر لهم. تقرير رويترز ينسب الي مصادر أمريكية ومصرية ودبلوماسية أن روسيا نشرت فيما يبدو قوات خاصة في قاعدة جوية بغرب مصر قرب الحدود مع ليبيا في الأيام الأخيرة في خطوة من شأنها زيادة المخاوف الأمريكية بشأن دور موسكو المتنامي في ليبيا. تقرير رويترز لا يعني بالضرورة أن ما قالته المصادر عن الوجود الروسي صحيح لكنه لا ينفي بالضرورة أن المصادر قالت ذلك لأشياء كثيرة في نفس يعقوب. هناك تكالب علي كعكة النفط الليبية ومشاريع اعمار ما بعد استقرار الأوضاع هناك بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ولكل منها قوات تعمل داخل الاراضي الليبية مع هذا الطرف أو ذاك لكن الصراع بينها مكتوم في المرحلة الحالية. وهناك ايضا سعي روسي حثيث للوجود في ليبيا في ضوء علاقات وتعاقدات سابقة مع حكومة القذافي من ناحية وحرص من موسكو ألا تجد نفسها مرة أخري خارج اللعبة بعدما تعرضت له من خداع من قبل الدول الغربية في الكيفية التي تمت بها الاطاحة بالقذافي وتدمير ليبيا. كذلك هناك سعي من موسكو التي رسخت وجودها العسكري في سوريا لتكرار التجربة في ليبيا. هذا الصراع والتكالب ليس هو كل الخطر الذي يتهددنا لكن أخطر الخطر هو أن ليبيا بعد الهزائم التي تلحق بتنظيم الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق سوف تكون الملاذ الجديد لعناصر التنظيم وغيره من التنظيمات المتطرفة وقد شرعوا بالفعل في التدفق عليها ممايجعل مصر بين فكي كماشة سيناء في الشرق وليبيا في الغرب. كل هذا يجري والإعلام المصري مشغول بالجدي الهائج والمعزة السايبة ولا أحد يعرف شيئا عن التشرذم والتشظي الذي لحق بليبيا ولا عن طبيعة العلاقات بين القوي المتناحرة في الداخل ولا عن القوي العربية والإقليمية التي تمول وتناصر هذه القوة او تلك. عسانا ألا نكون النار التي يتم إنضاج الكعكة الليبية عليها.