علي وقع ضربات متتالية تعرض لها تنظيم داعش الإرهابي في سورياوالعراق, بدأت العناصر الإرهابية تغير البوصلة تدريجيا وتتجه شرقا نحو آسيا, وتبحث عن موطئ قدم لها في بعض المناطق, بالتزامن مع عمليات نوعية في أوروبا. صحيفة الجارديان البريطانية كشفت النقاب عن أن المسئولين الأمنيين في بريطانيا يستعدون حاليا وبصورة عاجلة لعودة مئات المواطنين البريطانيين, الذين ذهبوا للقتال في صفوف تنظيم( داعش) الإرهابي, في ضوء الهزيمة المتوقعة للتنظيم الإرهابي في سورياوالعراق. وقالت الصحيفة إن معاقل التنظيم الإرهابي في الموصل بالعراق والرقة بسوريا قد تسقط بحلول صيف العام الحالي, وبالتالي فإن من المتوقع حدوث موجة فرار جماعي من جانب المقاتلين الأجانب المتواجدين في صفوف التنظيم. وأعرب مسئولون أمنيون عن قلقهم بشكل خاص من احتمالية عودة الأطفال الصغار, بمن فيهم الأطفال الذين ولدوا تحت حكم( داعش) في سوريا أو العراق, إلي المملكة المتحدة مع والديهم. عناصر التنظيم الإرهابي توعدت أيضا مؤخرا الصين والهند والفلبين وجمهوريات آسيا الوسطي بما سمتها موجات زسبلغاتهم الأصلية, وفيما يبدو فإنهم لن يعدموا حواضن شعبية جديدة هنا وهناك. ولأنها حرب عبثية تستنزف الأرواح ولن تحقق النتائج مهما طالت المعارك, تبدو تلك الدول المستهدفة مطالبة بالتفكير في معالجات جذرية تبحث في الأسباب الحقيقية لبروز هذه الجماعات التي فاقت كل تصور في التطرف والدموية. في هذا السياق باتت جميع الدول مدعوة للنظر في الأسباب التي جعلت داعش تتمدد وتظهر بهذه القوة. في مقدمة الأسباب يأتي فشل الدولة العربية علي كل الأصعدة; سياسيا واقتصاديا, داخليا وخارجيا, إضافة إلي الانتهاكات الحقوقية التي تقف وراءها بعض الأجهزة حيث تظهر داعش بوصفها المخلص والمنقذ. كما تعاني المجتمعات من إفراغ قواها الحية, فلا أحزاب ولا جامعات ولا وسائل إعلام تعبر عن نبض الناس. يضاف إلي هذا الفساد الذي نهب الموارد وأفقر الشعوب وجعل فرص العمل الكريمة شيئا يشبه المستحيلات. كما غابت الأصوات المعتدلة سواء تلك التي تتحدث بخطاب ديني أو علماني, وترك الساحة للغوغاء الذين ينشرون الجهل ويشيعيون التعصب ويصيبون العقول بالتسطيح. في هذا السياق أيضا الذي يسمح بظهور التنظيمات المتطرفة يلاحظ عدم وجود نظام إقليمي أو دولي قادر علي إطفاء الحرائق وتبريد بؤر الصراع وإقامة علاقات متوازنة علي أساس التعاون والمصالح المشتركة بدلا من الهيمنة وفرض النفوذ. ومن المنتظر أن تستضيف واشنطن اجتماعا يوم22 مارس الجاري للدول المشاركة في التحالف العالمي الذي تقوده الولاياتالمتحدة لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي والذي يتكون من68 دولة ومنظمة دولية. الاجتماع سيكون أول اجتماع كامل للتحالف منذ عام2014, وهو يرمي إلي تكثيف الجهود الدولية لهزيمة داعش وزيادة الضغوط علي الجماعات والشبكات التابعة لها, كذلك يناقش الاجتماع الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع. وبينما يبدو من الواضح أن تنظيم الدولة والجماعات المتشددة الأخري في طريقها للاندحار في سورياوالعراق, إلا أن هذا لا يعني القضاء علي تلك التنظيمات فكريا وتنظيما, وإنما غاية الأمر هو طردهم من مكان كانوا متجمعين فيه إلي أماكن أخري في العالم يصعب السيطرة عليهم فيها.