الأطباء تبحث مع منظمة الصحة العالمية مشاركة القطاع الخاص في التأمين الصحي    خليه في المياه.. رئيس شعبة الأسماك: المزارع توقفت عن التوريد لتجنب خفض الأسعار    محافظ الإسكندرية يطلق مبادرة توظيفك علينا لتشغيل 1000 شاب وفتاة    مصرع 76 شخصا وتشريد 17 ألف آخرين بسبب الفيضانات في كينيا    خالد جلال: شحاتة وزيزو يقودان تشكيل الزمالك المثالي أمام دريمز    القصة الكاملة لمشادة صلاح وكلوب| أول رد من المدرب واللاعب.. تفاصيل جديدة    أمير هشام: جماهير الأهلي تشعر بالرضا بتواجد وسام أبو علي    مصرع شابين في سقوط سيارة بترعة قرية تطون بالفيوم    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    موعد مباراة توتنهام وآرسنال اليوم في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    لتضامنهم مع غزة.. اعتقال 69 محتجاً داخل جامعة أريزونا بأمريكا    السكك الحديد تعلن عن رحلة اليوم الواحد لقضاء شم النسيم بالإسكندرية    حالة الطقس اليوم الأحد على القاهرة والمحافظات    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    نصبوا الخيام، شرارة الاحتجاجات الطلابية ضد العدوان على غزة تصل إلى أعرق جامعات كندا    تتبع المنهج البريطاني.. ماذا قال وزير التعليم عن المدرسة الدولية؟    التصريح بدفن جثة شاب صدمه قطار أثناء عبوره المزلقان بقليوب    زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمان لبناء العلاقات مع روسيا    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    عضو اتحاد الصناعات يطالب بخفض أسعار السيارات بعد تراجع الدولار    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    ألميريا يهبط إلى دوري الدرجة الثانية الإسباني بعد الخسارة من خيتافي    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول المغرب العربى حطب المعركة القادمة.. وعبدالرحيم المنار: 7 آلاف تونسي وجزائرى انضموا للدواعش معظمهم فى ليبيا
نشر في الأهرام العربي يوم 04 - 01 - 2016


زينب هاشم
أصبح توجه داعش نحو دول المغرب العربي حقيقة لا مفر منها، خصوصا بعد اتخاذه ليبيا مركزا يتسلل من خلاله عبر الحدود لاستقطاب الأنصار في تونس والجزائر والمغرب، لا سيما أن الجزائر لديها تاريخ مع الإرهاب، وأن دولة المغرب ينتمى فيها رئيس الحكومة بن كيران فكريا إلي الإخوان المسلمين، وكذلك تونس القريبة للغاية من حدود التنظيم في سرت.

«مجلة الأهرام العربي» ناقشت عددا من رموز المجتمع المغاربي عن مدى وجود وتمدد داعش في دول المغرب العربي وإلي أي مدي ستتأثر هذه الدول بتمركز الجماعة الإرهابية في ليبيا.
بداية يتحدث الجزائري الدكتور فوزي أوصديق خبير القانون الدولي الإنساني عن النظرة الشمولية والتاريخية ل"داعش" قائلا: إن تنظيم داعش صنعته كما يعلم العام والخاص أجندات غربية تريد السيطرة على المنطقة العربية لداوع اقتصادية وجيوستراتيجية ليست وليدة الساعة. فلو عدنا إلى التاريخ المعاصر نجد أمريكا أفسحت المجال لإرهاب الدولة الصهيونية الذي كان وقودا لإنماء الفكر المتطرف من خلال إحساس الشعوب بالظلم و الكيل بمكيالين.
وظهرت داعش لإبادة التنظيمات الجهادية عن بكرة أبيها ككيان مختلف يوجه هجماته للدول التي هبت عليها نسائم الربيع العربي كالعراق وسوريا وليبيا. أو تحاول الوقوف علي خطي ثابتة.
ويعلق خبير القانون الدولي عن عدم استهداف داعش لدول أخري بخلاف دول المغرب العربي كالأردن مثلا قائلا: استهداف داعش لبعض البلدان دون الأخرى لا يعني أنها مستبعدة من الهجمات، لأن الواقع الذي شهدته أوروبا يؤكد أن العالم كله مستهدف، وداعش ما إن حطت رحالها بالدول التي مستها الفوضى كالبلدان المغاربية، حتى خلقت لنفسها فرعا هناك لضمان مأوى لها يمكنها من خلاله إحكام قبضتها على المنطقة المغاربية من جهة والزحف الى أعماق البلدان الإفريقية التي هي الأخرى تشهد اضطرابات وصراعات مسلحة رفع شعارها "بوكو حرام "الذي بايع منذ أيام تنظيم داعش.
ويؤكد أوصديق أن ليبيا وأجزاء من تونس باتت عرين الفوضى تحدد من خلالها مسارها وكينونتها. ولهذا السبب أيضا اختارت داعش أن تكون ليبيا الحاضنة لأهم الهجمات الإرهابية، استغلالا لحالة الانشقاق والشرخ الذي ميز الساحة السياسية في ليبيا و عدم التوصل لحل ينهي حالة التشنج بين الفرقاء ويطفئ نيران الفتنة ونيران يريد داعش تغذيتها أكثر لتلهب المنطقة المغاربية، فتونس مثلا أصبحت منطقة عبور لدخول الجزائر التي تعتبر من أهم الدول الإستراتيجية كونها تتقاسم شريطها الحدودي مع كل من مالي وموريتانيا والمغرب ونيجيريا أي أن الجزائر هي العقدة التي تحول دون نزول المقصلة على رقاب شعوب شمال إفريقيا وما جاورها. كما يراه البعض أنها خزان الجهاديين لما لفظته العشرية السوداء في التسعينيات والتي ولولا إعلان ميثاق المصالحة الوطنية والوئام المدني وما تبعها من هدوء و استقرار لبقيت الجزائر مركزا إستراتيجيا لميلاد جماعات متطرفة أخرى والجزائر، كما تعلمون تحاول دائما تغليب لغة الحوار على القوة.
وعن مستقبل تنظيم داعش في المنطقة العربية يقول د. فوزي الإرهاب ليس قدرا محتوما بقدر ما هو نتاج سياسات فاشلة ولا يمكن التحصين منه أو لقاح إلا بمزيد من الانفتاح و الديمقراطية والابتعاد عن سياسات الإقصاء والتهميش وأصبح من الملح محاربة الفكر، فإنه الأساس في الأفعال المادية المنافية للفكر والقيم الإنسانية و لا يمكن تحديده أو حصره بدولة دون أخري بحكم أن الإرهاب ليس له حدود ولا جنسية فهو إفراز لقراءة مغشوشة للنصوص الدينية وتشويه للتاريخ وتفسيرات خاطئة لسياقات تاريخية. والفكر المتطرف يحارب بالفكر وليس بالسلاح فمواجهته تكون بفكر معتدل متنور بحقوق الإنسان بالتعايش وتقبل الآخر بالتسامح ونبذ جميع أشكال العنف بالديمقراطية والانفتاح، ومن ثم علي المجتمع الدولي كذلك أن لا يخلط بين الإرهاب وحق الشعوب للمقاومة بإزالة المظالم وفلسطين شاهدةعلي ذلك. ومستقبل داعش غير واضح المعالم ولاستئصاله لابد من محاربة الفكر المتعفن بفكر معتدل لا حل غير هكذا حل.

هذا «الداعش» من ذاك «القاعدة»
ويستكمل الحديث الجزائري سالم حمادي أستاذ العلاقات الدولية اختصاصي تحليل دراسات أمنية وباحث الحركات الإسلامية في الجزائر ظهر الإخوان في مرحلة الانفتاح السياسي بجملة من الإصلاحات الحكومية مثل أحداث أكتوبر 1988 وكانت بالجامعات والمجتمعات حركات هادئة في مرحلة التفاعل السياسي منذ 1962، وهذه الحركات تتميز بأنها نشطة وتتبني طرحا ذا توجه إسلامي وليس العنف.
وحتي لا نظلم الإخوان في الجزائر فإن طبيعة المجتمعات تفرض اجتهادات سياسية من مرحلة إلي أخري، ففي مرحلة الشاذلي بن جديد كان المتظاهرون من جميع الطوائف وكانت تظاهراتهم مرتبطة بالتحولات في الجزائر . وتشكلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ 1989 بعد التعددية الحزبية التى فرضتها الانتفاضة الشعبية 1988، ولم يكن الجزائري آنذاك له تنشئة سياسية سليمة، لينتخب فئات بعينها في هذه المرحلة، وحدث ما حدث وتدخل الجيش وتطورت الأمور إلى القتل والتدمير والإرهاب الأسود.
أما داعش فقد ولد من رحم القاعدة بدليل ما يتمتع به من قوة وتشكيل مسلح والقيادة الصلبة القادرة على التحكم عبر العالم، وقد تم تجهيزه أحسن تجهيز من خلال أقوي أجهزة الاستخبارات في العالم، فانتقل من مرحلة العمل الذئبي إلي الهدف العشوائي ثم إلي مرحلة متعددة الأهداف، وما حدث في باريس خير دليل على ذلك. وهو ينتشر كالهشيم في الدول العربية خصوصا في ليبيا وكذلك الحال في سوريا التي هي في مأزق أمني خطير.
وفي النهاية لا أعتقد أن داعش موجودة في الجزائر. بل هناك بقايا تنظيمات مسلحة إرهابية تخلفت من قبل وهى محاصرة في الجبال ب مدينة عنابة شرق الجزائر وتم القضاء عليهم.
أما المغرب فلا يوجد بها خلايا نائمة هناك جماعات متطرفة متشددة وبين هذا التنظيم في الصحراء توجد جماعات لم تعلن ولاءها أو أنها مصنفة إرهابية ونحن الآن نعيش حالة الفوضي الأمنية، فلا نستطيع ولا نعرف طبيعة هذه الجماعات الإرهابية.
وداعش مصيره كمصير القاعدة، وسيتراجع وفق مصالح وأجندات إقليمية وربما نري تشكيلات أخري حسب طبيعة المرحلة. أن روسيا تلعب علي الطوائف والتشكيلات الشيعية والفكر المسيحي المتورط. هذا بخلاف المقاربة الروسية السعودية التي تعلن حلف الحزب الموجه إلي إيران بل تجابه الإرهاب أينما كان.

سقوط الأنظمة هيأ التربة
ويتحدث التونسي د. عبدالواحد المكني أستاذ الأنتروبولوجيا التاريخية بالجامعة التونسية، أعتقد أن تمدد داعش في بلاد المغرب العربي له ما يفسره، بدايته الهزيمة في سوريا وقبلها مصر وحتى في العراق، فإن الخناق بدأ يضيق عليهم، خصوصا أن الموقف الروسي صار حازما هذه المرة فى سقوط نظامين في تونس وليبيا وعدم تعافي الدولتين خصوصا ليبيا التي وجدت فيها هذه المجموعات أرضية خصبة في ظل تشتت الدولة وضعفها وانفراط مركزيتها..كانت نقطة البداية، فغياب الدولة في ليبيا وضعفها في تونس خصوصا زمن الترويكا وحكم النهضة الذي غض الطرف عن الفكر التكفيري والإرهابي، كل هذا خلق مجالا خصبا لتمكن التكفيريين في بداية القاعدة ومشتقاتها ثم مبايعة داعش، ولا ننس أن الجزائر والمغرب فيها سوابق للجماعات التكفيرية والإرهابية وإن كان التراب المغربي حاليا معافى.
كما أن عملية عين أميناس تدل على أن الجزائر بدورها يمكن أن تكون في طائلة الإرهاب، والأخطر أن الجزائريين هم في قيادات التنظيمات الإرهابية وأغلبهم ينشط بليبيا وسوريا وتونس مثل التحصن بجبال الشعانبي.
وأن تكون بلدان المغرب خصوصا ليبيا وتونس والأنظمة الجمهورية تحديدا العراق سوريا مصر اليمن هدفا للدواعش، وهو الأمر الذي يتطلب وقفة تأمل:
أولا: أن حاضنة الإرهاب في المغرب ارتبطت باحتداد التهميش الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ولا ننس أن المخططين والقيادات العليا لداعش هم من المشرق، ويجدون دعما من تركيا وبعض الأنظمة الخليجية.
وبالتالي فإن أتباع داعش في بلاد المغرب هم عبارة عن حطب المعركة ووقودها وهم الجسم والساعد الذي يضرب ويقتل، أما القيادة و البرمجة فابحثوا عنها هناك بعيدا حتى عن بلاد العرب وربما بصفة غير مباشرة عند المخابرات الإمبريالية والصهيونية.
ولا ننسى أن الفكر التكفيري ومنذ 11 سبتمبر إلى اليوم قدم أكبر خدمة لإسرائيل وهو التلهي عن القضية الفلسطينية العادلة، كما أن التنظيمات الإخوانية وشبه الإخوانية في ليبيا وتونس ومصر وسوريا غضت الطرف عن داعش والقاعدة وهي بذلك تركت الميدان خصبا للتكفيريين.

شراكة أم قيادة من الخلف؟
ويفضل الجزائري عربي بومدين الأستاذ بقسم العلوم السياسية في مستهل حديثه التفريق بين إقليمين الأول إقليم الشرق الأوسط ويضم مصر والثاني وهو منطقة المغرب العربي ويقول: بالتأكيد فإن الاعتبارات التاريخية والجغرافية وطبيعة التفاعلات الإقليمية والدولية تختلف من إقليم إلى آخر، لأنه مع التحولات السياسية في المنطقة العربية فيما عرف بالحراك العربي أو الثورات العربية، سجل أمرين مهمين وهما تراجع القوى التقليدية في المنطقة ممثلة في مصر والعراق وسوريا مع بروز قوى تعديلية خصوصا إيران وسوريا والصين وتركيا.
والأمر الثاني هو فراغ القوة الدولية ممثلة في القوى الغربية أي الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الفاعلة، وفي مقابل ذلك بروز تنظيم الدولة الإسلامي أي فاعل إقليمي من غير الدول وهو ما يطلق عليه في العلاقات الدولية بالفواعل تحت الدولة، إذن النتيجة هناك صراع كبير في المنطقة وهناك تنازع بين مشاريع كثيرة مثل: المشروع السعودي والمشروع الإيراني والمشروع التركي ثم الدور الروسي والدور الأمريكي وعلينا أن نفكك هذه المعادلة لأن هناك اتفاقا سعوديا - أمريكيا وتباعدا تركيا - أمريكيا إلى حد ما في ظل تفاهم أمريكي - إيراني.
والدور الروسي تحكمه اعتبارات داخلية تتمثل في طبيعة النظام السياسي في روسيا وإقليمية تتمثل فى مشكلة الشيشان وجورجيا وأوكرانيا، في خضم ذلك هناك نشاط كثيف لنشاط تنظيم الدولة داعش وفي اعتقادنا قد يفسر وفق مقاربتين.
المقاربة الأولى تقول إن داعش تمثل أداة في يد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يطلق عليه بالقيادة من الخلف فتراجع الولايات المتحدة الأمريكية في إقليم الشرق الأوسط تراجع تكتيكي في إطار القيادة من الخلف، عبر هذا التنظيم مع انصراف الإستراتيجية الأمريكية إلى آسيا في إطار العقيدة الأمنية العسكرية في إبريل 2012 والتي ترى أن مركز القوة العالمي الآن هو آسيا، بالإضافة إلى محاصرة الصين بعقد تحالفات مع أستراليا ونيوزيلندا، وحتى الهند.
أما المقاربة الثانية فتقول إن هذا التنظيم هو شركة ذات اسهم بالنسبة لجميع القوى الفاعلة في المنطقة سواء كانت إقليمية أم دولية.

عبدالرحيم المنار

عبدالرحيم المنار السليمى رئيس المركز المغربى للدراسات الأمنية وتحليل السياسات:
6000 تونسى و1000جزائرى انضموا ل «الدواعش» معظمهم فى ليبيا
على قدم وساق تقف السلطات المغربية فى مواجهة الإرهاب الداعشى الذى ظهر بقوة فى دول المغرب العربى ونجح فى استقطاب عدد كبير من المغاربة لاستخدامهم فى أعمال الإرهاب والقتل، لكن بشتى الطرق يرصد المعنيون بالأمن فى دولة المغرب حركات داعش الداخلية وجنودهم التى تدخل عددا من الشباب المغربى والفتيات المغربيات أيضا حقل داعش الإرهابي.
«الأهرام العربى» التقت المغربى عبدالرحيم المنار السليمى، رئيس المركز المغربى للدراسات الأمنية وتحليل السياسات بالرباط، الذى باح بكثير من أسرار تجنيد داعش للمغاربة عبر سطورنا المقبلة.

بعد سنوات من القتل والتعذيب والإرهاب كيف ترى تنظيم داعش؟
تنظيم داعش أكبر خطر يواجهه النظام الدولى منذ الحرب العالمية الثانية، فتهديداته لا تقف عند حدود الدول لكنها تستهدف دفع المجتمع الدولى إلى حالة فوضى عارمة،فنظرية الفوضى الخلاقة انزلقت وتحولت إلى خطيئة عالمية تتحمل مسئوليتها قوي غربية كبري وقوى إقليمية مجاورة لسوريا والعراق، إضافة إلى تركيا وحكومة المالكى السابقة المدعومة من طرف إيران، فالقوي الغربية أرادت تطبيق نظرية تسمى ب "عش الدبابير"، وذلك بجمع كل المتطرفين فى مكان واحد هو سوريا للقضاء على نظام الأسد فى مرحلة أولى لتدخل التنظيمات الإرهابية فى قتال داخلى بينها فى مرحلة ثانية، وبذلك التقت مصلحة القوي الكبري الغربية وبعض القوي الإقليمية لجر كل التنظيمات الإرهابية نحو سوريا ودفعها إلى التناحر، واستعملت تركيا كممر عالمى لجمع وولوج المتطرفين إلى سوريا، بينما استعملت ليبيا كمستودع وقاعدة خلفية لتدريب الإرهابيين، وحاول الغربيون تطبيق نفس خطة إسقاط القذافى ضد نظام الأسد، إذ كان من المتوقع أن يقود " عبدالحكيم بلحاج "، زعيم ما كان يسمى بالجماعة الليبية المقاتلة، جيش المتطرفين من الحدود التركية نحو الأراضى السورية بنفس الطريقة التى دخل بها طرابلس، لكن هذه الخطة تم التراجع عنها، فى الوقت نفسه كانت إيران تُمارس حرب تطهير عرقى ضد السنة فى العراق، وذلك بقيادة "المالكى "مما دفع سنة العراق إلى إعادة التجمع واستقطاب كل المتطرفين فى سوريا لتأسيس نواة تنظيم الدولة التى هى تطوير للتنظيم الذى كان يشرف عليه" أبو مصعب الزرقاوى "، فدخول سنة العراق المكونين لجيش "صدام حسين" السابق وصحوات العراق والعشائر واحتواؤهم لكل الأجانب لم يكن متوقعا من طرف الدول الغربية.
معنى ذلك أن الفوضى فى سوريا كانت عاملا رئيسيا فى ظهور داعش؟
الأمر يتعلق بخطأ كبير غير محسوب فى سوريا والعراق، قاد إلى إنتاج تنظيم إرهابى متعدد الجنسيات لدرجة بات الحديث داخلهم عن مجموعات مثل الداعشيين الشرق أوسطيين والداعشيين المغاربيين والداعشيين الأوروبيين، وداعش تضم مغاربيين وأوروبيين وأمريكيين وروسيين وصينيين وشرق أوسطيين، وداعش العراق مختلفة عن داعش سوريا برغم أن القيادة واحدة، لأن المكونات البشرية فى العراق من السنة بقايا "جيش صدام حسين " و"الصحوات "، وهو ما يفسر قدراتهم الحربية الكبيرة على الأرض، يضاف إلى ذلك الداعشيون الأجانب، فالأرقام تشير إلى نحو 20ألف عسكرى سابق وخمسة آلاف ضابط سابق فى جيش "صدام حسين"، إضافة إلى نحو 30ألف أجنبى من مختلف الجنسيات أغلبهم موجود فى سوريا، فقيادة داعش فى العراق عراقيون وفى سوريا سوريون وأجانب والكل تحت قيادة" أبوبكر البغدادي"، وإن كانت القيادة تبدو جماعية، وهو اختلاف جوهرى عن تنظيم قاعدة "بن لادن "القديمة، وداخل هذه المكونات يبدو أن المغاربيين والسعوديين والآسيويين يوظفون فى جبهات القتال وفى حرب الشوارع، مقابل ذلك يلعب بعض الأجانب الأوروبيين أدوارا أخرى ذات طبيعة تقنية وتواصلية.
فى رأيك من الداعم الأساسى لفكر داعش؟ وما منهجهم فى تنفيذ العمليات الإرهابية التى قاموا بها؟
يعتمد تنظيم داعش على استعمال التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعى، فالقاعدة كانت لها قوة فى التواصل لكنها مركزية، أما قوة داعش فهى أن كل داعشى له قدرة كبيرة على التواصل الفردى مع محيطه، وكل داعشى له طريقة ومضمون فى خطابه التواصلى الاستقطابى من الخطاب الدينى الفردى إلى خطاب يغري بالمال أو بالزواج والجنس وعلاقات الرومانسية والغزل، فالعديد من الداعشيات تم استقطابهن بخطاب تواصلى ملىء بالغزل، فالخطاب الداعشى الاستقطابى ليس دينيا بالدرجة الأولى، إضافة إلى من ذهب للبحث عن " البطولة " مثل حالة الشاب حامل الأثقال المصرى أو الملاكمين الأستراليين، فداعش خطيئة عالمية مشتركة، فالوصفة كانت تعد للإطاحة بالأسد وتطبيق نظرية " عِش الدبابير " بجمع الإرهابيين فى ميدان واحد وتركهم يتقاتلون، لكنها انزلقت وأصبح من الصعب التحكم فيها، فالظروف كانت ملائمة من داخل تنظيم القاعدة لتطوير النواة وفصل التنظيم القديم عن التنظيم الجديد، فالعلاقة بين القاعدة وداعش علاقة "الأم " "بالبنت" والصراع هو انفلات بين بعض خلايا التنظيم ومن المتوقع أن يقود" البغدادي" أو قيادى داعشى ثان التنظيم بكامله بإدماج داعش والقاعدة وبناتها.
هل كان متوقعا ظهور جماعة داعش الإرهابية قبل الإعلان عن قيامها؟
لا أحد كان يتوقع داعش، تنظيم القاعدة وحده هوالذى توقع قيام تنظيم داعش، إذ تكشف الوثائق التى حصل عليها الأمريكيون بعد دخول أفغانستان عن خطة إستراتيجية لتنظيم القاعدة من خمس مراحل تمتد بين 2000و2020، هذه الخطة تتوقع قيام " دولة إسلامية " ما بين 2013و2016، تليها بعد سنة 2016مرحلة "المواجهة الشاملة"، حسب وثيقة المتضمنة لخطة تنظيم القاعدة، مما يعنى أن التحليل المبنى على التمييز بين القاعدة وداعش ليس صحيحا، فالأمر يتعلق بتحول فى تنظيم القاعدة الأم وباختلاف شخصى مع أيمن الظواهرى بعد اختفاء قيادة "كاريزماتية" فى القاعدة مثل «بن لادن».
هل هناك إحصاءات تخص عدد الذين انضموا إلى داعش من دول المغرب العربى؟
تشير الأرقام إلى ارتفاع عدد الداعشيين التونسيين بشكل خطير، إذ يصل عددهم إلى ما يفوق 6000شخص، 70فى المائة منهم موجود حاليا فى ليبيا بعد نزوحه من سوريا، ومن المتوقع أن يرتفع سقف المخاطر علي تونس وباقى دول الجوار الليبى مع وجود هذا العدد، خاصة أن الداعشين التونسيين كانت لهم وظيفة التكفير وقيادة العمليات الانتحارية فى سوريا وسيتولون تنظيم جند الخلافة الداعشي فى شمال إفريقيا، ويصل عدد الداعشيين المغاربة إلى 1200شخص ينحدر أغلبهم من مدن الشمال المغربى،
وإذا كانت الأرقام معروفة تقريبا فى المغرب، فإن دولا أخرى يصعب تحديد عدد الداعشيين بها، كالجزائر، حيث تشير بعض المعطيات إلى وجود أكثر من 1000داعشى جزائرى فى ليبيا وحدها، والخطورة أن السلطات الأمنية الجزائرية لا تتوافر على قاعدة معطيات حول هوية هؤلاء الجزائريين الداعشيين، كحالة الإرهابى الذى ركب الطائرة منذ ستة أشهر من مطار الجزائر وألقى عليه القبض فى برشلونة الإسبانية .
بم تفسر تمركز داعش فى ليبيا؟
يبدو أن تنظيم «البغدادى» فى ليبيا يتوسع نحو المثلث النفطى ويستفيد من تحالفه الجديد مع جماعة مختار بلمختار ليتجه نحو الجنوب، لكن الخطير هو أن التحالف يتجه حسب بعض المعلومات الأمنية إلى ربط داعش ليبيا بخلايا القاعدة الموجودة فى شمال مالى وجنوب الجزائر التى بايعت البغدادى، إذ تشير هذه المعلومات إلى تزايد عدد المقاتلين فى شمال مالى بعد نهاية العملية العسكرية الفرنسية، فالأرقام تشير إلى وجود ما بين 5000إلى 7000مقاتل إرهابي، أغلبها من شمال إفريقيا، تشير بعض المعطيات إلى أن نحو 70فى المائة منها جزائريون لهم علاقة بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى الذى يبدو أنه ينصهر فى داعش شمال إفريقيا منذ خطاب أيمن الظواهرى الأخير، وتزايد هذا العدد بشكل كبير منذ التحاق لحبيب عدى سعيد الملقب بعدنان أبى الوليد الصحراوى الذى ينتمى إلى مخيمات تيندوف، هذا الالتحاق سهل فتح ممرات كبيرة بين المخيمات وشمال مالى فى البداية تخللتها عملية اختطاف لأجانب من داخل مخيمات تيندوف، وبإعلان أبوالوليد الصحراوى تأسيس جماعة المرابطين فى مرحلة أولى وانفصالها عن القاعدة ومبايعة زعيمها لداعش منذ سنة ازداد درجة الاستقطاب والتحالف بين الجماعات الإرهابية التى قربها بلمختار من داعش منذ يونيو الماضى بعد لقاء أجدابيا الذى قصفه الأمريكيون.
هل تلعب الخلفية التاريخية لوجود الإرهاب بالجزائر دورا فى تخلل داعش لدول المغرب العربي؟
فيما يبدو أن ما يجرى منذ شهور على الحدود الجزائرية الليبية فى الممرات المحيطة بمدينة الدبداب فى ولاية اليزى الجزائرية يُظهر أن قيادة داعش فى ليبيا تتجه نحو الجزائر، وهي مدفوعة فى ذلك بمرجعية جغرافية وبشرية تجمع بين إرث القاعدة وواقع تنظيم داعش الحالى، وهى مرجعية تدفع "البغدادي" نحو الجزائر لاعتبارات تتعلق بالاختراق السابق للجزائر من طرف قاعدة بلاد المغرب الإسلامى، وعدد الجزائريين الملتحقين بالموارد البشرية القتالية فى التنظيمات الإرهابية سواء فى أفغانستان أو العراق أو تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، أيضا عدد الجزائريين الذين قاتلوا فى تنظيم "أبى مصعب الزرقاوى "بالعراق التى وصلت إلى نحو 15فى المائة من مكونات التنظيم، وتشير العديد من المعطيات الميدانية أن الجماعات المتطرفة انخرطت فى عملية استقطاب كبيرة خلال الشهور الأخيرة على الحدود الليبية الجزائرية المشتركة فى الجنوب، فالجماعات المتطرفة تقدم مبلغ 500يورو شهريا لكل ملتحق مستخدم فى العمليات الإرهابية أو التهريب، ويزداد هذا المبلغ إذا استطاع الملتحقون من الليبيين والجزائريين والماليين تهريب سيارات إلى داخل الأراضى الليبية .
هل لاضطراب المحيط الإقليمى ونجاحات المدرسة الاستخباراتية المغربية دور فى صعود داعش بهذا الشكل؟ وظهور مخاطر كبيرة بعيدة المدى كل يوم؟
لا يوجد ما يسمى بالخطر البعيد، هذا هو الأساس الذى يقوم عليه التفكير الإستراتيجى الأمنى المغربى فى تقييم المخاطر والتصدى لها، فالفراشة التى ترفرف فوق سماء بكين يمكنها إحداث عواصف فوق سماء واشنطن، هذا هو منطلق تحليل المخاطر، فالأجهزة الأمنية المغربية كانت تواجه الخطر فوق الأراضى البلجيكية والفرنسية والهولندية منذ سنوات عن طريق جمع المعلومات وتحليلها حول أحياء مثل مولنبيك، إذ إن المخابرات المغربية توقعت الخطر ونبهت السلطات الأمنية الأوروبية منذ ثلاث سنوات حول عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من سوريا والعراق نحو الأراضى الأوروبية، واشتغلت المخابرات المغربية فى تعاون نموذجى مع السلطات الأمنية الإسبانية فى الممرات بين إسبانيا والمغرب، إضافة إلى انتباه الأمن المغربى إلى قضية جوازات السفر المزورة فى سوريا وفوق الأراضى الليبية والتونسية، مكنها من إلقاء القبض على العديد من الإرهابيين فى المطارات والتحقيق معهم، الشيء الذى أعطى للمخابرات المغربية قاعدة معلومات كبيرة جعلتها قادرة على استشعار الخطر وتوقعه قبل حدوثه، فالأمن المغربى فكك منذ 2002إلى حدود اليوم ما يفوق 148خلية وتصدى لأكثر من 200مشروع إرهابى تخريبى، واستطاع تقديم معلومات لفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية جنبتهما ضربات إرهابية كان يتم الإعداد لها فى سنة 2008بمعسكر خلدن فى أفغانستان، كما قدم معلومات لفرنسا قبل ساعات من ضربة باريس الأولى فى يناير الماضى، ومعلومات أخري جنبت باريس ضربة إرهابية ثالثة كانت ستنطلق من سان دونى خلال نوفمبر الماضى عن طريق خلية الإرهابى «أباعوض».
ما الطرق التى تتبعها دولة المغرب فى الوقوف فى وجه داعش ومكافحة الإرهاب؟
إن النموذج المغربى فى مكافحة الإرهاب ينبنى علي ثلاث إستراتيجيات: الأولى، تقوم على أساس محاربة التطرف فى المجال الدينى عن طريق مسلسل الإصلاح الدينى الذى انطلق منذ سنة 2004ولا يزال يتجدد باستمرار، ويعتمد على تجهيز الأئمة ومراقبة المساجد وإعطائها أدوارا تربوية، وإستراتيجية ثانية تقوم على أساس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كمبادرة تنموية تهدف إلى محاربة الفقر وتنظيم الأفراد فى تنظيمات للمجتمع المدنى حاملة لمشاريع تنموية فى المدن والأرياف، وإستراتيجية ثالثة أمنية تقوم على أساس تطوير الجهاز الأمنى تحول معها إلى جهاز ذى مهنية عالية يعتمد بالاساس على كفاءة العنصر البشرى وعلى الحكامة المؤسساتية، فالمكتب المركزى للأبحاث القضائية أو ما يسمى ( ف. ب. المغرب) نموذج أمنى جديد فى التصدى لمخاطر الإرهاب والجريمة العابرة للقارات، يضاف إلى ذلك اعتماد الأمن المغربى على جميع الوسائل فى جمع المعلومات من استعمال التكنولوجيا الحديثة إلى جهاز «المقدم» الذى هو عون سلطة قديم فى المغرب له قدرة كبيرة على جمع المعلومات وتقديمها بسرعة أظهرت كفاءته فى التصدى لخطر الإرهاب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.