كان محمد غانم يرحمه الله واحدا من الرياضيين الأفذاذ الذين عشقوا الرياضة هواية خالصة وايمانا بان الرياضة فلسفة حياة تكون المرء وتوفر له الراحة النفسية وتعطيه جرعة ثقة تمكنه من تخطي العقبات واجتياز الموانع الحياتية. لعب محمد غانم لعبات عديدة ولكن الهوكي كانت رياضته المحببة حيث مارسها منذ اليفاعه وأصبح واحدا من نجومها وكون مع اصدقائه محمود رأفت والمهيلمي وأحمد خيري وعدد آخر من اللاعبين فريق الهوكي بالنادي الأهلي وشاركوا بقوة في مسابقات اللعبة وكانوا ايضا من اعضاء منتخبها القومي ولكن ضربة المعلم الكبري التي قام بها محمد غانم تمثلت في انشائه لاتحاد الشركات الرياضي, وكان ذلك في ستينيات القرن الماضي عندما اتفقت آراء مجموعة من رجال الشركات والمؤسسات الصناعية علي ارساء قواعد اتحاد رياضي يضم العديد من شركات القطاع العام وهدفه نشر الرياضة بين العمال حيث كانت هذه المجموعة نؤمن بان نشر الرياضة في الشركات سيكون من عوامل زيادة الانتاج ذلك ان العامل النشيط الممارس للرياضة هو بالقطع أكثر انتاجا من العامل الخامل الذي يقضي وقت فراغه علي القهوة يتسامر مع الناس, وبفضل يدي محمد غانم وايدي كوكبة من رجال الشركات منهم عبدالمنعم وهبي وعمر ابوالدهب وعلي طلحة وسالم محمدين وغيرهم تأسس اتحاد الشركات, وبفضل جهود غانم هذه المجموعة شب اتحاد الشركات وترعرع حتي أصبح الآن قلعة رياضية ضخمة ينضوي تحت لوائها المئات من الشركات التي يزاول العاملون فيها ألوان الرياضة المختلفة ويتنافسون كل عام في بطولتهم التي تعتبر عيدا للرياضة حيث يشارك في المنافسات آلاف مؤلفة من الرياضيين تحت مستويات السن المختلفة فهناك منهم من تعدي الخامسة والخمسين ويشارك في المنافسة الرياضية. عرفت محمد غانم منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي وعندما كان برتبة النقيب يوم ان قامت ثورة الثالث والعشرين من يوليو سنة1952 وكان يأتي إلي الإذاعة مشاركا في تزويدنا بكل ما نطلبه من معلومات عن الثوار والثورة وعن تحركات الضباط الاحرار ومؤتمراتهم لنقوم بتغطيتها عبر ميكروفون الإذاعة ثم علي مدي عامين لم نره في الإذاعة إلي ان التقيت به في اعياد الشباب في وارسو1955 حيث كانت له مهمات خاصة وان كان رسميا احدا إداريي البعثة المصرية المشاركة في الأعياد, ولكن توثق الصلة جاء عندما تأسس اتحاد الشركات فقد كان محمد غانم الدينامو الذي يبعث الحياة والحركة في الاتحاد الوليد, كان غانم هو الداعم الأكبر لمسيرة هذا الاتحاد وظل سنوات عديدة رئيسا للاتحاد وعندما شعر محمد غانم انه ادي الرسالة وارسي القواعد اكتفي بالرياسة الشرفية للاتحاد تاركا الأمور لجيل من اصدقائه وابنائه الذين صقلهم ودربهم وأعدهم لحمل المسئولية. وإذا كان محمد غانم صاحب أيدي بيضاء علي الرياضة في الشركات والمؤسسات فهو ايضا صاحب سجل ناصع في عالم الاقتصاد والاستثمار, انه مؤسس شركة النصر للتصدير والاستيراد التي انتشرت مكاتبها في عواصم القارة الافريقية ان تاريخ محمد غانم يعج بزخم وطني من خلال جهوده البناءة والمثمرة في شركة النصر للتصدير والاستيراد فمن خلال هذه الشركة تكونت لمصر صداقات وطيدة مع دول القارة السمراء وكانت مكانتها شعلة نشاط وكان موظفوها اشبه بسفراء شعبيين لمصر وثقوا الاواصر وقووا الروابط وكم كانت الشركة عونا للفرق الرياضية التي كانت تلعب في بطولات القارة, كان موظفو النصر للتصدير والاستيراد نراهم اول من يستقبل هذه الفرق عندما تزور عواصم افريقيا يقدمون خدماتهم ويسهلون الامور لهذه الفرق, وكان محمد غانم ينظر إليه في انحاء القارة كرجل يعمل من اجل خير القارة وكانت له صداقات وطيدة مع رؤساء الدول الأفريقية وكان ايضا خبيرا بمشاكل القارة, وكم كنت أبحث عن محمد غانم في عديد من الأزمات التي كانت تنشأ احيانا بيننا وبين بعض دول القارة وكنت لا أجده, لقد غفلنا عنه وعن إلماماته الكثيرة بكل خبايا افريقيا ولقد اسدي محمد غانم الكثير في مجال الاستثمار فهو واحد من شرفاء الاقتصاديين الذين ضاعفوا الاستثمارات في قلعة الاستثمار مدينة العاشر من رمضان حتي أصبح رئيسا لمجلس المستثمرين في هذه القلعة ويرحل محمد غانم عن دنيانا تاركا ذكري طيبة واعمال خير كثيرة وايادي بيضاء قدمها للرياضة وللاستثمار ولمصر.