قال تعالي( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ولأن الدعاء هو العبادة بل هو أعلي أنواع العبادة وأشر فها وأرفعها فالله سبحانه أمر عبادة أن يدعوه ولم يجعل هناك واسطة بينك وبينه, فجعل الباب مفتوحا والحبل موصولا بدعائك إلي الله, ولكنه قال سبحانه عمن يستغني عن دعائه بأنه متكبر فقال( إن الذين يستكبرون عن عبادتي) ولا شك أن هذا الاستكبار ضرب من الجنون بل إنه من باب كفران النعم وقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم( من لم يسأل الله يغضب عليه) بل قال( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء) ولأن الدعاء مسألة من العبد لربه يطلب منه والله هو المعطي والمنعم بل إنه حيي كما قال النبي صلي الله عليه وسلم( إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردهما خائبتين) لذلك ينبغي علي العبد أن يتأدب ويخشع ويستكين وهو يدعو ربه فالتذلل والمسكنة من أبواب الوصول إلي الله فقد قال أحد العارفين دخلت علي الله تعالي من جميع الأبواب فوجدت عليها ازدحاما شديدا فلم أتمكن من الدخول إلا من باب واحد لم أر عليه ازدحاما وما إن وضعت إحدي قدمي علي بابه حتي وجدت الله تعالي يأخذ بيدي ويدخلني عليه وهو باب الذل والافتقار إلي الله( فالدعاء هو مخ العبادة), فانظر معي إن كان بك ضيق وكرب ولجأت إليه سبحانه تدعوه وتطلب منه وأنت مسكين ليس لك حيلة ولا وسيلة ثم تسمع قوله تعالي( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) فعندها تهبط دموعك بحرارة وتسلم أن الفرج آت, نعم ولم إلا وقد ناجيت الكريم الرحيم فهو أرحم الراحمين, أتعلم يا عبدالله أتريد أن يقبل عليك الرحمن استمع لقول الرسول صلي الله عليه وسلم( إن لله ملائكة موكله لمن يقول يا أرحم الراحمين, فمن قالها ثلاث مرات قال له الملك إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل), عندها اطلب حاجتك وتقرب إلي الله وأجعل دعاءك هو باب وصولك إلي الله, عن أنس مرفوعا قال( ما من عبد يقول يارب يارب إلا قال ربه: لبيك لبيك) فإذا دعوت الله بهذا التذلل فأصابتك الخشية والبكاء والقشعريره ثم تشعر بعد ذلك بسكون القلب وبرد الجأش ونشاط في بدنك فاعلم أن ذلك كله من علامات استجابة الدعاء, فليفرح قلبك لأن الله سبحانه علمك كيف الوصول إليه فقال سبحانه( ادعوني استجب لكم) فما عليك إلا الدعاء وقد وعد الله بالإجابة ولا تسد هذا الباب بيديك( نحن ندعو الإله في كل كرب, ثم ننساه عند كشف الكروب, كيف نرجو إجابة لدعاء قد سددنا طريقها بالذنوب), والله يحب أن يسأله عباده فقال سبحانه( واسألوا الله من فضله) لذلك تعرفوا علي الله في الرخاء يعرفكم في الشدة وتقربوا إليه بأسمائه الحسني في الدعاء وصفاته العلا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء في الرخاء), أحبائي في الله كيف ظنكم بالله والرسول صلي الله عليه وسلم قال( إن الله تعالي يقول أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني) وإذا كان الله معك يا عبدالله فهل يقدر عليك أحد إن أبا الدرداء كان يقول( جدوا بالدعاء فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له) داعية بوزارة الأوقاف