تعرضت مهنة الصحافة لزلازل مدمرة وأعاصير موجعة بعد ثورة يناير, وحتي الآن, نالت من هيبة المهنة وكرامة الصحفيين, وبعد أن كان الصحفيون يشار اليهم بالبنان, بوصفهم قادة الرأي العام وحملة مشاعل الفكر والتنوير, أصبح السواد الأعظم منهم يعيش تحت خط الفقر, بسبب الهزات العنيفة التي شهدتها جميع أشكال الصحف قومية وحزبية وخاصة, ما بين تقليص عدد الصفحات تارة, وما بين الغلق تارة أخري, وكانت المحصلة تشريد المئات من الصحفيين, وتبخر المزايا التي كان يحصل عليها الصحفيون, بعد أن سدت في وجوههم أبواب كثيرة, بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة. ومما يدعو للأسي والحزن في آن واحد أن هناك زملاء صحفيين يعيشون علي البدل الذي تراجعت قيمته بأكثر من50% بسبب تعويم الجنيه, ونأمل أن تأتي الانتخابات المقبلة بنقيب و6 أعضاء جدد تكون لديهم القدرة علي إنقاذ مهنة الصحافة المعرضة لخطر الاندثار, والتي لم تعد تحتمل أية هزات جديدة. وأقول لنقيب الصحفيين القادم, لكي تكون نقيبا للصحفيين حقا, وليس مجرد خيال مآتة, لابد أن تعيد لمنصب نقيب الصحفيين رونقه وهيبته, وأن تكون نقيبا للجميع علي اختلاف مشاربهم السياسية والحزبية, وليس نقيبا لشلة معينة أو جماعة أو تيار سياسي, فنحن نريد نقيبا قويا قادرا علي إدارة أي أزمة مع الحكومة أو غيرها بحكمة واقتدار وحرفية, وأن يكون قادرا علي التفرقة بين الدولة المصرية وبين الحكومة, فمن الوارد أن نختلف مع رؤية الحكومة في أي موقف, ولكن يجب ألا نعادي الدولة, فنحن مؤسسة من مؤسسات الدولة, وجزء لا يتجزأ من الدولة المصرية التي يجب أن ندافع عنها بأرواحنا. ولا يعني ذلك أن تبتعد النقابة عن دورها السياسي, لأنها كانت ولا تزال قلعة الحريات, فعندما تواجه الدولة المصرية أزمة أو تختطفها جماعة إرهابية, يجب أن يكون الصحفيون في مقدمة الصفوف, ولكن أنا ضد أن تعمل النقابة ضد الدولة المصرية, أو تكون منصة لإطلاق قذائف الحقد والكراهية ضد الدولة ومؤسساتها من قبل جماعة بعينها أو تيار بعينه. نريد أن تكون النقابة بيتا لكل الصحفيين وصوتا مدويا يدافع عن حقوقهم, وليست بوقا لجماعة أو جناحا لتيار محدد, علما بأنني لست ضد تيار سياسي بعينه, فمن البديهي أن يكون هناك توجهات سياسية مختلفة في مهنة قائمة علي حرية الرأي والتعبير, ولكنني أرفض رفضا قاطعا أن يتم تخريب النقابة. نريد من النقيب القادم أن يكون شغله الشاغل مع أعضاء المجلس العمل علي زيادة البدل, والبحث عن خدمات ومزايا للصحفيين, وليس البحث عن مصالح شخصية ضيقة, والعمل علي نسف قانون النقابة غير الدستوري, الذي تم وضعه إبان الاتحاد الاشتراكي, ووضع قانون جديد للنقابة يتم النص فيه صراحة علي المد للصحفيين حتي سن ال70 أسوة بالقضاة لأنها مهنة تراكمية, ولا تقل قدسية عن القضاء, بدلا من ترك شيوخ المهنة, يعانون الأمرين مع هذا المعاش الهزيل. ولكي يتحقق هذا, يجب أن يتحرك حزب الكنبة من سباته العميق, ويصطف خلف ما يراه مناسبا من المرشحين للفوز بمقعد النقيب, ولا يقول كما قال قوم موسي فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.