بعد ثورة يناير بدت لنا جميعا مساوئ فلول النظام السابق ورفع الستار عن الفساد والمحسوبيات وإهدار المال العام والإهمال الجسيم من قبل المسئولين السابقين في حقوق الشعب التي هي ابسط حقوق الانسانية وإخفاء ذلك بالتنسيق مع القيادات العليا أو التماطل في تنفيذها ومن تلك النماذج مستشفي الوراق العام الذي ظل11 عاما تحت التشطيب, فلم يجد هؤلاء من يستمع إلي استغاثاتهم بعد ان صم المسئولون في وزارة الصحة وعلي رأسهم الوزير آذانهم عن شكواهم التي لا تمس مستقبله المهني كطبيب وانما تمس حق هؤلاء المواطنين في الحياة وحقهم في الحصول علي العلاج بالمجان وتلقي الرعاية الصحية اللازمة لحمايتهم من الأوبئة وشر حوادث الطرق, ومستشفي حكومي يوفر لهم كل ذلك وخاصة ان المنطقة تقترب كثيرا من الطريق الدائري الذي أصبح بمثابة( طريق الموت) لكثرة الحوادث يوميا عليه تاركة الطريق مخضبا بدماء الأبرياء, فانتقلنا إلي ارض الواقع لنري الحقيقة, ونصفه كما هو: من الخارج مبني كبير يشبه المستشفيات الخاصة لا يقل في تشطيباته عن مستشفيات القوات المسلحة ولكنه يشبه البيت المهجور ومن الداخل تشطيب سوبر لوكس ودرج جميل المنظر ولكن للاسف لم يصعده احد سوي رجل الامن الوحيد الذي التقينا به اثناء جولتنا داخل المستشفي ولنستعرض أقاويل الأهالي المحيطين. مشكلة الكهرباء يقول( صلاح عبدالله محمد) رجل الأمن عندما سألته عن اسباب توقف بدء العمل بالمستشفي رد قائلا: ان السبب الرئيسي يكمن في خلافات بين الشركة المنفذة للمشروع والممول, حيث إنه بعد احد عشر عاما تسلمته وزارة الصحة في7 9 2010 كامل التشطيبات, ولكن ينقصه فقط توصيل الكهرباء وهذه تعد المشكلة الاساسية في تعطيل افتتاحه فيما ذكر ان شركة الكهرباء كانت تحتاج إلي مبلغ وقدره لتوصيل الكابل والوزارة قامت بإرسال شيك بالمبلغ المطلوب, ثم طالبت الشركة مرة أخري بمبلغ24 الف جنيه تكاليف لأعمال الحفر لتوصيل الكابل وتركيب المولدات وتشغيلها والتصريح بذلك. ويؤكد ان هناك ثماني عيادات جاهزة للعمل بالإضافة إلي المعمل ووصول بعض المعدات, مشيرا إلي تبرع احد رجال الاعمال ويدعي( علي جولا) بمائة وسبعين الف جنيه للمساعدة في بنائه, ووجود كثير من اهل الخير الذين يريدون تقديم تبرعاتهم ويحتاجون لوجود من هو محل ثقة وقادر علي تحمل المسئولية والتنفيذ الفعلي, فهم يحتاجون تعاونا حقيقيا من الاهالي معهم, مؤكدا مرة أخري ان المشكلة ترجع لشركة الكهرباء. عش البلطجية ويقول( سعد عبده محمود) صاحب احد محلات البقالة ان المحافظ ووزير الصحة السابق جاءا لزيارة المستشفي اكثر من مرة قبل ثورة25 يناير ولم يقدما أي جديد, وبات المستشفي مكانا يختبئ فيه البلطجية في الساعات المتأخرة من الليل بعد تسلقهم الأسوار المحيطة به, ويضيف انه لا يعرف أحد السبب الحقيقي وراء تأخر افتتاحه طوال تلك المدة. ما باليد حيلة وذكر انهم بحاجة إلي العلاج والتطعيمات والرعاية الصحية وتنظيم الاسرة وفي حالة حدوث أي شيء يلجأ الاهالي إلي مستشفي امبابة المركزي ولكن اذا كان احد يعاني من نزيف هنا تكون الكارثة, وفي بعض الاحيان يلجأون إلي احد المستشفيات الخاصة رغم تدني المستوي المعيشي اذا تقطعت بهم السبل ولا يوجد حل سوي ذلك. تضارب الأقاويل وقابلت بأحد الشوارع المجاورة للمستشفي الشيخ( محمد عبدالله) ترزي وعندما سألته قال: انه يتمني أن يجدوا حلا ويصل صوتهم إلي المسئولين فسكان المنطقة يصل عددهم إلي اكثر من مليون شخص وأغلبهم من الطبقة الفقيرة غير القادرة علي دفع ثمن العلاج في المستشفيات الخاصة, وان السبب كما يقولون انه لا توجد شجرة واحدة بالمكان المحيط به مما يجعل هواءه غير مناسب لتوفير بيئة صحية للمرضي. ويعلق( محمد حسني امين) سائق مؤهل عال كاشفا لنا عن مشكلة أخري وهي الصرف الصحي الذي ظلت رائحته لا تفارقنا حتي مغادرة المكان قائلا: إن الصرف الصحي عمي أعينهم من شدة الرائحة الكريهة, وذلك علي الرغم من دخول الصرف الصحي قبل البدء في بناء المستشفي العام اي منذ عدة اعوام الا ان الرائحة موجودة. حكاوي الأهالي ويضيف محمد الذي ظل يرافقنا طوال مدة الزيارة ان اهم اسباب تعطيل افتتاح المستشفي وتوقف العمل به الصرف الصحي علي حد قول وزير الصحة السابق مما يجعل مكان المستشفي بيئة غير صالحة, طالبا منا توصيل أصوات الأهالي الذين يستغيثون من انتشار الأمراض والأوبئة بسبب رائحة الصرف وانهم باتوا يعانون من امراض جلدية مثل الجرب بسبب البيئة الملوثة من حولهم والتي لم يغير دخول الصرف شيئا منها. وفي مكتب الصرف الصحي يقول( حسن عبد الواحد) ان الصرف لاعلاقة له بالمشكلة وان هناك اسبابا اخري ترجع الي وزارة الصحة وتمويل عملية البناء مستنكرا قول احد الاهالي عن رجوع الاسباب الي مسئولي الصرف وان الشركة التي ادخلته شركة اجنبية تتكون من المان وفرنسيين, متسائلا انه اذا كانت المشكلة كذلك لماذا تم في الاساس بناء المستشفي؟. معللا ذلك بوجود الوحدة الصحية بالوراق في نفس المكان قبل عملية هدم المستشفي ومع ذلك لم يشتك احد وكأنه ليس من حقهم ان ينعموا مثل الباقين بحياة وبيئة نظيفة. ويقول: الوحدة كانت غير مجهزة بالمرة وكانت علي حد قوله عبارة عن كرسيين وتمرجي وإسعافات اولية فقط ومشرحة للموتي ولكنها كانت بالمجان وعلي الاقل كان تقدم شيئا للمواطنين وانه تم هدمها بسبب قلة الخدمات الصحية بها لبناء هذا المستشفي الكبير للقدرة علي استيعاب وتوفير الرعاية الصحية للسكان وظل حوالي سبع سنوات لم يعمل احد بخطة الانشاء وانه فقط منذ اربع سنوات تم بناؤه ومازال حتي الان تحت التشطيب. وتضيف( اسماء ابو العلا) تعمل باحدي الصيدليات انهم لايعرفون اين الحقيقة بالضبط وان العمال يأتون الي هنا من فترة الي اخري, مشيرة الي التباطؤ الشديد في اتمام المشروع, غير ان هناك من اعلنوا عن ميعاد افتتاحه الذي كان مقررا الشهر الماضي وطلبوا ممرضات وعمال نظافة ورجال أمن, وتقدم شباب المنطقة بالطلبات والاوراق وحتي الان لم يفتتح ولم يصلهم أي رد من المسئولين. كما ان رجال وشباب المنطقة هم من قاموا بحماية المستشفي في الساعات المتأخرة من الليل أثناء أحداث الثورة وخروج البلطجية من السجون, وأفشلوا محاولة من بلطجية لسرقة التكييفات والمعدات الموجودة بالداخل. رئيس حي الوراق قال انه لايعلم أي شيء عن المستشفي ولا عن الاجراءات وان مديرية الصحة هي المسئولة عن ذلك وطلب منا الاتصال بهم وطرح الاسئلة عليهم قائلا:( انا ماليش دعوة بالمشروع مش مسئوليتي)! وزارة الصحة الدكتور( عبد الحليم البحيري) وكيل وزارة الصحة بالجيزة يقول: إن المشكلة ترجع الي مشاكل انشائية وخلافات بين المقاول والوزارة لانها الممول الوحيد للمشروع وانتهت بوفاة المقاول وانتقال الشركة للورثة مما أبطأ عملية التشطيب, وحاليا يتم تجهيز العيادات الخارجية والخدمات المكملة لها واتمام الاعتمادات الخاصة بها. ومن جانبه ذكر أن هناك إجراءات تتخذ لاستيراد المعدات الطبية ولاتوجد أي مشكلة الان لتقف عقبة امام الافتتاح, وتم تحرير الشيكات الخاصة بالكهرباء ومصاريف عملية الحفر وتم صرفها بالفعل, وحل مشكلة الصرف الصحي نهائيا للدور الارضي والتعديلات في الادوار العليا. الغريب انه قال إنه ليس باستطاعته تحديد ميعاد نهائي ومقرر للافتتاح رغم كل ذلك حتي يكون دقيقا فيما يدلي به من معلومات ولكنه قال ليس اكثر من شهرين او ثلاثة وأثار دهشتي كثيرا اشادته بدور وزير الصحة الحالي دكتور( اشرف حاتم) وانه يعمل بجد وسرعة في اتخاذ الاجراءات وتنفيذها, وانه سيتم افتتاح مركز طبي كبير في ميت عقبة قريبا جدا موضحا انها من إنجازات الوزير الحالي!..