من منا لايسكنه الضيق من ازدحام شوارع العاصمة من السابعة صباحا حتي الواحدة فجر كل يوم وأعني بالعاصمة القاهرةوالجيزة. مشكلة الزحام في العاصمة معقدة والمواطن لا يفهم أن هناك أسبابا كثيرة لتعقد أزمة المرور آخرها رجال المرور. وهذا ليس كلامي ولكن تقرير خبراء هيئة التعاون الدولي اليابانية( جايكا).. قال هؤلاء الخبراء وهم من أفضل خبراء تخطيط المرور بالمدن المزدحمة في العالم ان العاصمة التي تضم القاهرة والأجزاء الحضرية المتاخمة لها في محافظة الجيزة ستظل تعاني اختناقا مروريا حادا بسبب سوء تخطيط الشوارع التي تم تخطيطها في أوائل القرن الثامن عشر في القاهرة التاريخية وأحدث تخطيط لشوارع القاهرة كان في بداية القرن العشرين, أما بالنسبة لمناطق الجيزة الحضرية وهي أحياء الدقي والجيزة والمهندسين وغيرها فشوارع هذه الاحياء تم تخطيطها مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين, أي مع بداية الخمسينيات ويصف الخبراء شوارع العاصمة بأنها ضيقة جدا وتفتقر لنظام قانوني يمنع الركن الخاطئ للسيارات فيها, وان التخطيط السييء لشوارع القاهرةوالجيزة يكمن في انها طولية وتفتقر الي محاور وشوارع عرضية لإحداث سيولة مرورية وفي حالة تنفيذ محاور عرضية مثلا من شارع صلاح سالم الي شارع رمسيس سيتم ازالة مبان وممتلكات للمواطنين تقدر بحوالي100 مليار دولار تعجز خزينة الدولة المرهقة عن دفعها كتعويض لهؤلاء الملاك. وقال خبراء جايكا إن شوارع العاصمة مهيأة لتسير فيها400 ألف سيارة علي أكثر تقدير في حين ان احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادرة في25 أبريل2016 تشير إلي ان اجمالي عدد السيارات المرخصة في جميع محافظات مصر8.6 مليون سيارة علي اختلاف أنواعها( ملاكي نقل اتوبيس) منها2.3 مليون سيارة في القاهرة بنسبة26.5% من حركة سير السيارات في مصر تليها محافظة الجيزة حيث تسير في شوارعها مليون سيارة بنسبة11.6%. اذن ماذا يفعل رجال المرور في أزمة بهذا التعقيد كما وصفها أعظم خبراء التخطيط المروري في العالم؟ وبالرغم من كل هذه الاحصائيات المحبطة فانني كنت في زيارة لمرور القاهرة والتقيت اللواء علاء الدجوي مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة الذي رأيته مع رجاله خلية نحل تعمل آناء الليل وأطراف النهار في صمت شديد وإنكار ذات يبذلون جهودا مضنية لتذويب الجلطات المرورية في شرايين القاهرة حيث فوجئت في غرفة عمليات المرور بالمستوي التكنولوجي المتقدم للعاملين بها حيث يستخدمون تطبيق( جوجل ترافك) علي شاشات كبيرة ليعرفوا من خلال هذه الخدمة التي تتيحها الأقمار الصناعية مناطق الازدحام المروري ويدفعون بأقرب تمركز لرجال المرور اليها لإحداث السيولة بها. فضلا عن شاشات أخري للبث الحي علي مدار اليوم لجميع ميادين وشوارع العاصمة الرئيسية. أردت أن اضرب بمرور القاهرة المثل في مقاومة المصري وإرادته الصلبة في مواجهة أزمة المرور حتي لو قال عنها خبراء( جايكا) إنها مستعصية علي الحل.. فالشاطرة تغزل برجل حمار.