أكد خبراء الاقتصاد ضرورة أن يصاحب أي مبادرة وجود دراسة كاملة لجميع الأبعاد الاقتصادية لها, حتي لايكون لهذه المبادرة تأثيرات سلبية علي قطاعات إنتاجية أخري. وقالت الدكتورة أمنية حلمي, أستاد الاقتصاد بجامعة القاهرة, إن الموضوع لا يتوقف عند المبادرة وحدها, ولكنه يتضمن عدة جوانب أخري, موضحة ان هذه المبادرة وان كانت في ظاهرها قد تكون نوعا من محاربة الغلاء وارتفاع الاسعار, إلا أن مضمونها قد يكون له آثار سلبية لم يلتفت إليها أصحاب هذه المبادرة. وأضافت أن البعد عن الشراء قد يؤدي إلي مزيد من الانكماش, وهذا سوف ينعكس سلبيا علي المصانع والعاملين بها, وحجم الانتاج وتراجع فرص العمل, وتراجع قيمة الضرائب التي تدخل خزانة الدولة. وأوضحت أن المواطن يعاني ارتفاع الأسعار, في ظل زيادة هوامش الربح التي يحددها التجار, خاصة مع تراجع قيمة الجنيه والتي أدت بشكل مباشر إلي انخفاض الاجور, وبالتالي فالمواطن يجد صعوبة في الشراء. وأشارت إلي أن الفكرة من المبادرة ان تحدث نوعا من التوازن بين تحقيق المصانع أرباح مناسبة, وبين قدرة واستطاعة المواطن شراء هذه المنتجات, لافتة إلي أهمية دور التجار في عدم المغالاة في هامش الربح الذي يضعونه لأنفسهم, لتشجيع المستهلك علي الشراء. ولفتت إلي أن استهداف المصانع للسوق العالمية والمنافسة بها, يجب ألا يقل عن استهدافها للسوق المحلية, مشيرة إلي أن مصر كانت تشتهر بصناعة الغزل والنسيج وكذلك الملابس, ويجب أن تحافظ علي هذا الأمر, وهذا لن يأتي إلا من خلال جودة المنتج وقدرته علي المنافسة العالمية. وأكدت أن الدولة تسعي إلي مساندة المنتج المحلي مشيرة إلي أن اسعار المنتجات المستوردة اصبحت أعلي بكثير من تعويم الجنيه, وبالتالي فإن توافر منتج محلي بجودة وسعر معقول سوف يشجع المواطن علي الشراء, ولكن ما يحدث الآن عكس ذلك, ومن هنا كانت هذه المبادرة. وقالت إن فكرة المبادرة يجب أن يصاحبها قدر من المسئولية قبل إطلاق هذه الحملات أو المبادرات, وأن يصاحبها نوع من التوازن بين مصالح الوطن المختلفة قبل أي أشياء أخري, وتغليب هذه المصلحة, لأنه في النهاية مصلحة الاقتصاد القومي تأتي من مجموع مصالح المتعاملين. من جانبه قال الدكتور إبراهيم المصري, أستاذ الاقتصاد, والعميد الأسبق لكلية الادارة بأكاديمية السادات, إن هناك العديد من المبادرات التي تهدف إلي مساندة الاقتصاد, مشيرا إلي أن هذه المبادرة قد يكون لها تأثير إيجابي علي الاقتصاد. وأوضح أن الفترة الماضية شهدت ارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم تجاوزت17%, وهذا المعدل يعد معدلا كبيرا, وبالتالي فإن الاتجاه إلي عدم الشراء قد يساعد علي تراجع هذه المعدلات. وأضاف أن الارتفاعات المتتالية في الأسعار, جعلت الكثيرين يحجمون عن شراء بعض السلع غير الأساسية توفيرا للنفقات, موضحا ان الأمر سوف يختلف بين شخص وآخر, فهناك مواطنون آخرون قد يضطرون إلي شراء ملابس جديدة علي الرغم من ارتفاع اثمانها, وقد يكونون مؤيدين لهذه المبادرة. وأكد أن هذه المبادرة وإن أدت إلي الاحجام عن الشراء وتراجع معدلات التضخم, إلا أنه يمكن أن تؤثر سلبيا علي العملية الإنتاجية وعلي المصانع, وبالتالي علي حصيلة الدولة من الضرائب, مطالبا بضرورة دراسة جميع الابعاد الاقتصادية قبل إطلاق أي مبادرة.