لقد آن الأوان لطرح جديد لتبني فكر ديني يناسب روح العصر وينشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والحوار,ويواجه جميع دعاوي الغلو والتطرف,ويتصدي بحسم وحزم لأي صوت يتجرأ وينسب للإسلام والمسلمين ما ليس فيهم,بعدما أصبح المسلمون في موضع اتهام ومساءلة نتيجة ما تقوم به جماعات الإرهاب متطرفة الفكر,منحرفة العقيدة من تشويه للقيم الإسلامية التي جعلت المسلمين قادة للأمم عندما كانوا يتمسكون بأخلاق الإسلام السمحة, وليس بخفي علي أحد أن الأمة تواجه الآن كثيرا من الصعاب والتحديات خاصة في هذا التوقيت الذي نخوض فيه معاركجديدة ومتنوعة من أجل التنمية والتقدم العلمي والتقني والحضاري مما يفرض علينا بذل المزيد من الجهد والتضحية من أجل رفعة الوطن والذود عنه بكل غال ونفيس. لست من علماء الدين أو أهل الفتوي غير أنني أقتبس من معني الحديث الشريف: من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر, دافعا لطرح رأيي المتواضع الذي أجتهد فيه فأجد إن ما يصل لمداركي لمعني الفكر الديني ومضمونه الذي يجب ان ننتهجه ليس بجديد ان أردنا الدقة- ولكن كل المطلوب منا هو إعادة صياغته وبلورته للتعامل معه من جديد, فهو السياج التام والحصن الحصين لأبناء الأمة الذي يحميهم من الانزلاق في براثن جماعات التطرف والأفكار الهدامة,انه التمسك بالأخلاق الإسلامية العظيمة ونشرها والاقتداء بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم, انها خير خارطة لتبيان الوجه الحقيقي والصحيح للإسلام في جميع تعاملاتنا, ولعظم الأخلاق الطيبة وقيمها العظمي ليس في الإسلام فحسب ولكن في جميع الأديان نجد الرسول دندن كثيرا,وحام طويلا حول أهمية الخلق في بناء الإنسان ومن ذلك قوله صلي الله عليه وسلم: إن أحبكم إلي وأقربكم إلي يوم القيامة مجلسا أحسنكم خلقا وأشدكم تواضعا, وقال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه, وقال: البر حسن الخلق وقال: ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق, نعم أنه الواجهة الأولي في فقه المعاملات,وديننا الحنيف طالما أكد المبدأ المتأصل الدين المعاملة. الأخلاق الفاضلة لها منزلة رفيعة في دين الله,ولها ارتباط قوي بقوة الإيمان وحسنه, وتدين المرء وتمسكه بالشريعة,ولها أعظم الأثر في قوة الأمة ووحدة صفوفها,فإذا كان من مكارم الأخلاق الصبر وهو يعادل وحده نصف الإيمان, فما بالنا ببقية المكارم كالصدق والأمانة والحلم والاناة والشجاعة والمروءة والمودة والإحسان والتروي والاعتدال والكرم والإيثار والرفق والعدل والحياء وحفظ اللسان والعفة والوفاء والشوري والتواضع والعزة والستر والعفو والتعاون والرحمة والبر والقناعة والرضا, والشكر. وإذا أدركنا أن الله تعالي خلقنا بني الإنسان- وخصنا دون غيرنا لاستخلاف الأرض,لحكمة عظيمة مرادها إقامة سننه تعالي,وإظهار عجائب صنعه وأسرار وبدائع حكمه, لقوله تعالي: وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون(البقرة30), فان حكمة أخري لخلقنا ولكن تجمعنا والجن وهي تحقيق العبادة للهلقوله تعالي:وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون...(58 الذاريات),ومن ثم تحقيق الغاية من استخلاف الله تعالي لنا في الأرض من أجل عبادته وعمارة الكون,غير أن العبادة التي يميل إليها قلبي وفكري هي التي يكون فيها الإنسان عاملا منتجا نافعاباعتبار أن العمل الجاد هو السبيل لإسعاد الفرد والجماعة, والاستخلاف يقتضي من الإنسان أن يمشي في مناكب الأرض وأن يسعي لاستخراج ما فيها من المنافع وأن يحرص علي نفع الناس بها. ديننا الحنيفدعوة للتراحم والمودة, كما أنه دين وسط يدعو للعمل والإنتاج ليعيش الإنسان في خير وسعادة محصنا نفسه مهذبا أخلاقه.