رغم إعلان الأجهزة التنفيذية بمحافظة الإسكندرية عن قيامها باستعدادات مكثفة لحماية مناطق عديدة ومتفرقة من المدينة الساحلية من كارثة غرق في حال تعرضت لأمطار غزيرة وسيول علي غرار ما شهدته العام الماضي, إلا أن منطقة الشمعدان, وهي إحدي المناطق الفقيرة التي تقع علي أطراف المدينة, لم يكن لها نصيب من هذا الاهتمام ربما لبعدها عن قلب المدينة أو لتجاهل المسئولين. وتقع منطقة الشمعدان, بنطاق حي غرب العجمي وبالتحديد علي أطراف منطقة الدخيلة الواقعة علي بحيرة مريوط- الملاحات- وهي منطقة عشوائية تم بناؤها بالكامل خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي, ويمتهن اغلب أهلها المهن اليدوية والحرفية. الأهرام المسائي, انتقلت إلي المنطقة لرصد ما تعانيه من مشكلات وأزمات علي ارض الواقع, فبمجرد دخولنا إليها رصدنا انتشار مياه الصرف الصحي بشكل كبير في شوارعها الضيقة للغاية مما زاد من حدة الأزمة, كما ساهمت المياه المتراكمة منذ وقت طويل في انتشار روائح كريهة لا يستطيع أي غريب عن المنطقة تحملها بينما اعتاد عليها الأهالي, بالإضافة إلي انتشار الحشرات الطائرة والقوارض. تجلس الحاجة فاطمة, سيدة سبعينية علي مصطبة, مرتفعة أمام منزلها التقيناها للحديث عن مشكلات المنطقة وما يعانيه الأهالي حيث قالت:إحنا عايشين في مرار حقيقي مفيش حد يقدر يتحمله, انا عمري كله قضيته عند الدكاترة بسبب أمراض الصدر والرئة اللي عندي وعند أغلب الأهالي بالمنطقة ومحدش سائل فينا. ويقول عثمان عبد الله, نجار, الأزمة تكمن في اننا نعيش بالقرب من الملاحات وهي جزء من بحيرة مريوط, وعندما تهطل الأمطار بغزارة يرتفع منسوب البحيرة مما يتسبب قي غرق المنطقة بالكامل وغمر الأدوار الأرضية بالمياه, مضيفا:المسئولين حلوا مشاكل الصرف في كل المدينة ونسيونا. يلتقط صبري السيد, عامل خيط الكلام قائلا:إحنا اتعودنا خلاص مع كل شتا اننا نقفل محلاتنا اللي بتغرق في المياه ونقعد في البيوت واللي عندوا حد قريبه ساكن بعيد عن هنا بيروح يقعدعنده. وأضاف: إحنا ملناش غير مطلب واحد من المسئولين أنهم يبدأوا في إقامة حاجز مياه علي البحيرة علشان المنطقة متغرقش, لافتا إلي ان هذا المشروع مؤجل منذ سنوات. من جانبه لفت محمد أبو ضيف, صاحب محل حلاقة بالمنطقة, إلي ان هناك أزمة اخري تتعلق بطفح مياه الصرف الصحي بالمنطقة وهي ان تلك المياه تتسرب في النهاية إلي الملاحات والتي يتم استخراج ملح الطعام منها مما يؤدي لتلوثها, مضيفا:الناس بتاكل ملح ملوث بمياه الصرف ومحدش واخد باله. وأوضح سعيد سعد, عامل, ان الأهالي خاطبوا مسئولي الحي كثيرا لحل مشكلة الصرف دون جدوي مما حدا بهم لإنشاء شبكة خاصة علي نفقتهم وبسبب ضعفها فأنها فشلت في حل الأزمة. وفي أحد الأدوار الأرضية المحاصرة بمياه الصرف الصحي يجلس الحاج يوسف رجل تخطي السبعين من عمره وتحيطه مياه الصرف, يقول:انا مليش مكان تاني غير هنا, وملناش اي مطالب غير اننا ننتقل من المكان ده ويودونا لمساكن أدمية زي بشاير الخير اللي عملتها القوات المسلحة للناس اللي ساكنة العشوائيات, مضيفا:نفسي اقضي اللي فاضل من حياتي مرتاح. نقلنا شكاوي الأهالي ومعاناتهم لعلاء يوسف, رئيس حي العجمي والذي أشار إلي ان الحي وبالتعاون مع المحافظة ووزارة التطوير الحضاري أعد مشروعا كبيرا يستهدف تطوير منطقة الشمعدان بالكامل بداية من إنشاء شبكة صرف صحي ورصف الطرق. أما فيما يتعلق بخطرغرق المنطقة في حال سقوط الأمطار نتيجة لزيادة منسوب الملاحات, قال يوسف, أن الحي وبالتعاون مع وزارة الري والموارد المائية تقوم بقياس المنسوب بشكل يومي لمراقبة أي ارتفاع فيه كما انه يجري بالفعل العمل علي إنشاء حاجز للمياه لمنع وصولها للمناطق السكنية في حال ارتفع منسوبها.