لا تبدو مدينة الإسكندرية مستعدة تمامًا لاستقبال أمطار غزيرة أو نوات خلال الشتاء، إذ أن البنية التحتية في المحافظة الساحلية التي أغرقتها الأمطار العام الماضي لم يطرأ عليها تغيرات كثيرة. في نجع العرب بمنطقة الورديان، غرب الإسكندرية، يخشى الأهالي من تكرار سيناريو العام الماضي، خاصةً مع عدم وجود شبكة صرف قوية، وسوء حالة الشوارع، مشيرين إلى مخاوف من زيادة المياه في الملاحة، ما قد يجعل المياه تفيض منها ويؤدي بالتالي لغرق المنطقة. تقول رضا سعد، ربة منزل، 50 سنة، إن المياه أغرقت المنازل والشوارع في العام الماضي، دون أن يتحمل المسؤولون صرف أي تعويضات أو يقوموا بأي إصلاحات، مضيفةً: "مفيش شبكة صرف صحي علشان تصرف المياه.. البيوت غرقت السنة اللي فاتت وكنا بندخل البيوت بمراكب، السنة دي الميه نشفت شوية، بس مفيش أي استعداد نهائي"، مطالبةً بإصلاح الشوارع المكسرة، منوهةً إلى أن ردم الشوارع تسبب في انخفاض البيوت عن مستوى الأرض. أما سعيد مسعد، موظف، فقال إن الملاحة القريبة من بيوت المنطقة مليئة بالحشرات والقمامة، وتم تغطيتها بالتراب العام الماضي، لكن هذا لم يحل المشكلة، متابعًا: "إحنا مش بنستفيد من الملاحة.. ياريت تتردم علشان مايحصلش أي مصايب تاني، كفاية السنة اللي فاتت". ويسكن مسعد في شقة بالدور الأرضي، يقول إنها انخفضت عن مستوى الشارع بنحو متر ونصف المتر، وإن أثاث منزله دمرته المياه بسبب ذلك، مضيفًا: "تحس شقتي زي المقابر مفيش ضوء بيدخلها.. فيه ناس مشيت وسابت بيوتها بسبب الغرق اللي حصل السنة اللي فاتت". وتتحدث فضيلة همام، سيدة تبلغ من العمر 70 عامًا، والدموع في عينها قائلةً: "السنة اللى فاتت شقتي غرقت بالعفش بتاعها، وابني وعيالي ومراته عايشين معايا، ومحدش عوضني بأي حاجة.. طلعت الدور التاني في نفس البيت اللي نزل تحت الارض متر تقريبًا". وتقول السيدة العجوز إن الشقة تم ردمها بالتراب لإنقاذها من الغرق، منوهةً إلى مخاوفها من حدوث نفس الكارثة هذا الشتاء. وتتابع: "هنا أكتر من 20 شقة اتقفلت بعد الأرض ما عليت، الشقق نزلت تحت الأرض، والشوارع متكسرة، نفسنا نعيش عيشة نضيفة بدل ما احنا بنموت كده". ومن جانبه، قال محمد فهيم، رئيس حي غرب الإسكندرية، إن الحي بالتنسيق مع مديرية الري والموارد المائية، عمل خلال الفترة الماضية على توسعة وتطهير المجرى المائي لبحيرة مريوط والملاحات، خاصةً أن المجرى لم يتمكن من استيعاب كميات المياه التي هطلت على المحافظة في العام الماضي. وأكد "فيهم" - في تصريحات خاصة ل"التحرير" - وجود متابعات مستمرة من كل الأجهزة التنفيذية بالحي، بالاشتراك مع لجان متخصصة من وزارة الري والموارد المائية، حيث يجري قياس منسوب المياه باستمرار حتى لا يرتفع إلى الحد الذي من الممكن أن يتسبب في كوارث. وتابع قائلًا: "علاوةً على ما سبق، شيدنا ساتر ترابي كحاجز في حال ارتفاع المياه عن منسوبها الطبيعي، وبذلك سيكون من الصعب أن تمر إلى القرى الواقعة على البحيرة وتغرقها على غرار ما حدث العام الماضي".