لم يكن فوز ترامب مفاجأة كبيرة. في الأسبوع الأخير قبيل الانتخابات, عندما تقاربت نتائج الاستطلاعات مع تقدم بسيط لكلينتون, وفور تفجير قنبلة كومي, كنت أري ان احتمالات فوز ترامب بالرئاسة هي أكثر كثيرا مما تشير اليه نتائج استطلاعات الرأي, السبب هو ما يسمي: ظاهرة برادلي. توم برادلي كان مرشحا أمريكيا من أصل أفريقي لمنصب حاكم كاليفورنيا في عام1982, وكانت جميع استطلاعات الرأي العام تشير الي فوزه وجاءت المفاجأة أنه خسر مما دعا الخبراء الي دراسة السبب في اخفاق استطلاعات الرأي العام في التنبؤ. وخلصت الدراسة ان نسبة من البيض لم يكونوا ليعطوا اصواتهم لبرادلي بسبب الميل الاجتماعي لاختيار خصمه المرشح الأبيض, ولكن حتي لا يتهموا بالتعصب أو العنصرية, فقد التزموا بالصمت وأخفوا نواياهم. نفس الظاهرة تحدث عنها بعض المحللين السياسيين وكانت متوقعة في الانتخابات الأخيرة: هناك من الأمريكيين عدد لا بأس به لديه آراء سلبية ومتشددة ضد المهاجرين غير الشرعيين والأجانب ولكنهم لم يفصحوا عن نواياهم في الاستطلاعات وانما اعلنوها في صندوق الانتخابات. فوز ترامب يعكس تغييرا هاما في المزاج الأمريكي, هي ثورة بكل المقاييس. الأمريكي الغاضب المتمرد علي النخبة السياسية والذي لم يثق في هيلاري كلينتون ورآها تمثل الفساد السياسي هو من اختار ترامب برغم عدم وجود خبرة سياسية سابقة له. ركز ترامب بأسلوبه الديماجوجي وحضوره الجماهيري علي قضايا مثل نقل الوظائف الامريكية الي الصين ففاز بولايات صناعية هامة, ركز علي طرد المكسيك غير الشرعيين فكسب أصوات طبقة الأمريكيين البيض التي لم تنهي تعليمها الجامعي والتي تري في المهاجرين غير الشرعيين منافسين لهم علي الوظائف التي تحتاج يد عاملة, ركز علي فساد نخبة السياسة الامريكية فكسب الناخب المتمرد والساخط علي الساسة. ركز علي قضايا الارهاب وكان حادث أولارندو الاخير داعما له. لم يخسر ترامب كثيرا بسبب ألفاظه النابية او تسريبات لهجومه علي النساء فقد غفر له الشعب الامريكي ازاء رغبته الجارفة في التغيير. فوز ترامب يعني انه سوف يدخل البيت الأبيض في الأسبوع الأخير من يناير رئيس جديد بفكر مختلف تماما عمن سبقوه. سيحظي الرئيس الجديد بدعم غير محدود من الكونجرس الذي يسيطر الآن الحزب الجمهوري علي مجلسيه. أبرز سياسات ترامب المتوقعة: حرب بدون هوادة علي الارهاب وداعش, تشديد علي دخول المسلمين لأمريكا واجراءات للحد من الهجرة, الانسحاب من منظمة التجارة العالمية وربما حرب تجارية مع الصينوالمكسيك, تعاون مع روسيا لحل الازمة السورية والقضاء علي داعش, اهتمام اقل بقضايا البيئة سواء الطاقة النظيفة أو الحد من سخونة الارض, إنهاء برنامج اوباما الصحي اوباما كير, دعم مطلق لإسرائيل وتشجيع الاستيطان ونقل السفارة الامريكية الي القدس, ربما إنهاء الاتفاق الامريكي الايراني بخصوص المفاعل النووي, من المتوقع ان تتحسن العلاقات المصرية الامريكية علي المستوي الرسمي وان تزيد الادارة الجديدة من دعمها للنظام المصريوتتغاضي عن قضايا حقوق الانسان. من المتوقع ان تعاني بورصات العالم من تقلبات وهبوط شديد علي المدي القصير حتي تتبين سياسات الرئيس الجديد.