في حديث أخير لرئيس الوزراء د. شريف اسماعيل قال ان90% من الذين عرض عليهم المنصب الوزاري قد اعتذروا عن عدم قبوله, وفي مقال رأي لأحد الكتاب ذكر ان ابراهيم محلب رئيس الوزراء السابق كان قد تلقي400 اعتذار اثناء تشكيله الوزاري. طبيعي ان يعتذر البعض عن عدم قبول المنصب الوزاري ولكن المتوقع ان تكون النسبة قليلة في بلد يعشق مواطنوه السلطة ويبحثون عن الوجاهة الاجتماعية. فما هي أسباب كثرة الاعتذارات؟.. هناك أسباب شخصية مفهومة مثل الحالة الصحية( هناك وزراء اعتذروا وأوضحوا ان حالتهم الصحية ستمنعهم من العطاء الكامل), او أسباب مادية( العديد من رجال الاعمال يرون في المنصب الوزاري خسارة مادية). ولكن هذه الأسباب لا تبدو انها تكفي. فهل هناك اسباب اخري؟. اعتقد ان هناك أسبابا ينبغي ان يتم تدارسها من الدولة, لا اعلمها كاملة, ولكن يمكنني ان أستنتج بعضها: أولا: لا احد يحب الفشل, وخاصة الفشل كشخصية عامة, وكثير من اسباب الفشل قد تكون خارج نطاق الوزير. مثال افتراضي: أحد الأشخاص عرضت عليه وزارة الصحة. هو يرغب في الارتقاء بمنظومة التأمين الصحي للمواطن المطحون, ومحاربة مافيا الفساد في الأدوية والاجهزة الطبية, والارتقاء بالمستوي المهني للطبيب. ولكن رؤيته غير منظورة لان الميزانية محدودة للغاية, والدولة لم توفر الحد الأدني من الميزانية المنصوص عليه في الدستور, ومافيا الفساد أقوي منه بما لا يقاس, ورؤية النظام هي: الخدمة بثمنها, والبيروقراطية والسياسات مقيدة. من السهل ان يقرر الاعتذار فخروجه من الوزارة سيكون مثل دخوله, اذن لا داعي للدخول. مثال افتراضي آخر: أحدهم عرضت عليه وزارة الإسكان, يعلم ان هناك العشرات من المشروعات التي بدأت منذ عشر سنوات ولم تكتمل بعد بسبب قلة التمويل. فكر ان يعطي الاولوية لجميع المشاريع المتأخرة والمتعثرة ويوقف اعتماد مشاريع جديدة حتي ينتهي القديم, ولكنه وجد نفسه سيصطدم باتجاه سياسي يهتم بمجموعة من المشاريع الحديثة التي بدأت في عهد ما ويكرس لها كل الإمكانيات. اذن الاختلاف في الرؤي والتوجهات مع قلة الإمكانيات المتاحة وانعدام الكفاءات والأدوات اللازمة داخل الوزارة. كل هذا يجعل كرسي الوزارة غير مغر والميل للاعتذار هو الأرجح. ثانيا: لا احد يحب عدم الوضوح وتشويه السمعة. لقد رأي الجميع كيف تم القبض علي وزير الزراعة في مشهد سينمائي وكيف تم الهجوم المركز علي وزير التموين السابق وإجباره علي الاستقالة ولكن لم يقتنع الكثيرون بان القضاء علي الفساد كان هو الهدف الأساسي, وإلا فلماذا تم القبض علي المستشار جنينة وتشويه سمعته؟ عندما تكون قواعد اللعبة غير واضحة ولا يعلم البعض لماذا ومن أين تأتي الضربات, فمن الطبيعي ان يكون رد فعلهم هو: موش لاعبين. والنتيجه: يعرض المنصب في النهاية علي عبده مشتاق الخالي من الكفاءات فيفرح, ولك الله يا مصر.