منذ اندلاع ثورة يناير 2011 تعاقب علي مجلس الوزراء 7 رؤساء للحكومة أولهم أحمد شفيق وآخرهم شريف إسماعيل كما تولي الحقائب الوزارية أكثر من 400 وزير أطولهم بقاء اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق وأقلهم محمد الصاوي الذي لم يتول وزارة الثقافة سوي يوم واحد فقط ورغم خلو صحائف معظم الوزراء من إنجازات ملموسة بل كان بعضهم سبباً في تفاقم مشكلات انقطاع الكهرباء وسد النهضة وتدني أحوال أصحاب المعاشات وأزمات البوتاجاز وانعدام الخدمات الصحية ورغم ذلك يحصلون علي امتيازات مالية وأدبية في الداخل والخارج لا يتوقعها أحد. أوضح البدري فرغلي رئيس اتحاد أصحاب المعاشات أن أي وزير يتولي المنصب ولو حتي شهراً واحداً يتقاضي معاشاً سرياً يوازي أعلي قيادة سواء حكومية أو خاصة وجاء ذلك بعد أن تقدم "أحمد البرعي" وزير التأمينات الأسبق بمشروع قانون لرئيس مجلس الوزراء في أغسطس 2013 باعتبار أي وزير سابق فوق القانون والدستور مع العلم أن راتب الوزراء الحاليين يتجاوز ال 4 ملايين جنيه شهرياً حيث إن رواتبهم داخل الموازنة 4 آلاف جنيه ولكن هناك بدلات ومكافآت وحوافز يتم صرفها من الصناديق الخاصة تجعل أي قيادي يلهث لتولي المنصب والذي يتركه مليونير دون أدني خدمة يقدمها مقابل هذه الأموال التي يتم منحها لسيادته ويتحمل الشعب الفقير فاتورة الوزراء الذين يتم تغييرهم يوماً بعد يوم. تقول الكاتبة سكينة فؤاد الامتيازات التي يحصل عليها الوزير بعد مغادرته منصبه لابد أن تكون في إطار العدالة الاجتماعية والمساواة بإقامة التوازن بين ميزانية الدولة والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وبين ما يحفظ كرامة صاحب ذلك المنصب وبشرط ألا تتحول الأمور إلي امتيازات تضع مزيداً من الأعباء علي الشعب.. فالثورة حتي الآن لم تحقق المرجو منها والمستفيد هو من تولي المناصب لذا يجب مراجعة كشوف الدولة وعدم الجمع بين أكثر من منصب فلابد من التفرقة بين الاستحقاقات التي لا يحرم منها أي شخص بمنصبه وما بين الامتيازات التي تحمل الدخل والعبء المادي علي كاهل الدولة فالشفافية ووضوح الرؤية لابد أن تتواجد حتي يطمئن الشعب وحتي لا يتخيل أحد تصورات وامتيازات لا تتواجد علي أرض الواقع. يضيف الدكتور محيي الدين عبدالسلام الخبير الاقتصادي أن مصر لديها حاليا 36 وزارة في كل حكومة وتصدرنا الترتيب العالمي وأصبحنا ننافس السودان التي يصل عدد وزاراتها 79 منهم 34 وزيراً اتحادياً و45 وزير دولة فلماذا لا تندمج وزارة التعليم العالي والتربية والتعليم بدلاً من أن تكون 3 وزارات واحدة للجامعات والثانية للثانوية العامة وأخري للتعليم الفني بالاضافة إلي الوزارات التي استحدثناها ولم نجن من ورائها شيئاً مثل العدالة الانتقالية التي لم تفلح في إعداد تشريع وليس به عوار ويتم رفضه قضائيا إضافة إلي وزارة التطوير الحضري والعشوائيات التي فشلت في تحقيق أي نجاح ملموس علي أرض الواقع كذلك وزارة الآثار التي لم توقف سرقات آثارنا ولم تحافظ علي تراثنا ورغم ذلك الفشل لم يتم دمج وزارة الزراعة والري والثقافة والآثار والسياحة والطيران والتخطيط والتعاون الدولي مما ساهم في التشتت وغياب المسئوليات ورغم ذلك يحصل الوزراء الفاشلون والمقالون علي مزايا مادية وأدبية لا يحظي بها أي مسئول في الدولة رغم الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها مصر والتي طالت معظم الوزارات رغم أنهم كانوا يعيشون أثناء تولي الوزارة في فنادق 5 نجوم ويتقاضون البدلات ويعيشون في مكاتب وقاعات مكيفة وكان من الأحري بالحكومة إعلان حالة التقشف واستغلال كل مليم في إعادة تعمير الخراب والتدمير الذي لحق بوزاراتهم أثناء فترة توليهم المسئولية. ويوضح عبدالسلام ان الصين رغم اقتصادها الأقوي في العالم لا يوجد بها سوي 17 وزيراًَ في كل حكومة يركبون الدراجات كذلك أمريكا يوجد بها 14 وزيراً وفرنسا 16 لكن يبدو أن الحكومة تكافئ كل وزير عقب حركة التغيير الوزاري وباعتبار الوزراء مظلومين ومخذولين رغم خلو صحائفهم من أي إنجازات محسوسة أو ملموسة بل كانوا سبباً في تعاظم المشكلات ليحصلوا علي مزايا تفوق توقعاتهم وكأنها جائزة علي الفشل. أما جمال زهران أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد فيري أنه يجب أن يتم إجراء تعديلات فورية علي القوانين المتعلقة بسلطات الوزراء فالامتيازات التي تمنح لهم جعلت العديد من القيادات تلهث لتولي المنصب سعياً وراء المكاسب وليس من أجل العمل الوطني فنحن نجد السلطة هي البوابة الأولي للانعزال والتعالي عن المجتمع فمن يصل للسلطة يطل علي الشعب من بوابة ضيقة وينظر إليهم نظرة دونية كل ذلك بسبب الامتيازات التي تمنح لهم. وطالب زهران بضرورة إلغاء معاش الوزراء السابقين وإعطائهم معاشات تتناسب مع مدة خدمتهم السابقة لتوليهم المنصب فهناك مئات الوزراء يحصلون علي بدل تمثيل وزاري من مجلس الوزراء حتي الآن يتراوح ما بين 30 إلي 50 ألف جنيه كل هذه الأموال خارج ميزانية الدولة ويأتي هذا في الوقت الذي تبرع فيه رئيس الجمهورية نفسه بنصف راتبه وطالب الشعب بالتقشف والذي من المفترض أن من يبدأ بالتقشف هم القيادات باعتبارهم جزءاً من النخبة الحاكمة رغم أنه القدوة والعبرة للجميع. ويضيف زهران أنه يجب أيضا إعادة النظر في الحد الأقصي للأجور وأن يتم تطبيقه دون أدني استثناءات طالما أن مرتبات هذه الجهات تخضع للمال العام للدولة كما يجب أن يطبق أيضا علي جميع الدرجات الإدارية التي تعادل درجة وزير مثل الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية فمعظم هذه الهيئات يتم توزيع الهبات والمزايا دون أدني محاسبة وكأنه مال سايب وعلي الجانب الآخر يجب أن يخرج قانون محاسبة الوزراء وأن يتم تشريع مواد جديدة تتعلق بمحاكمة القيادات التنفيذية العليا سواء كانوا وزراء أو برلمانيين ليعرف الجميع أنه لم يفلت مهما كان منصبه فنحن نري مهزلة قانونية حقيقية في قضية وزير الزراعة فقد تم قبول استقالته أولاً ثم توجيه تهمة الفساد إليه علي أن يحاسب علي أنه موظف عادي علي الرغم من أنه يجب إيقافه عن عمله ومحاسبته وفقاً لوضعه كوزير ومن هنا يجب الإسراع بإعداد قانون يحدد صلاحيات القيادات وكيفية عقابهم ومحاسبتهم. ويضيف محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أن الامتيازات التي تمنح للوزراء فور توليهم الوزارة أو حتي بعد تركهم المنصب "شر لابد منه" خاصة في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد وحتي تشكيل البرلمان الجديد فمنذ ثورة يناير وهناك عشرات الوزراء الذين تولوا حقائب وزارية ولم يستمر عملهم إلا بضعة أشهر قليلة ورغم ذلك تكلفت الدولة في ظروفها القاسية فاتورة هذه التغيرات المتتالية من إيرادات الشعب وميزانيته الضعيفة فهذه المزايا من الضروريات الواجب الإبقاء عليها كما أقر القانون والدستور ويأتي ذلك أمراً حتمياً وفقاً لطبيعة المرحلة ومازال المشهد يتكرر مرة ثانية هذه الأيام حيث إننا بصدد تغيير وزاري لم يستمر سوي شهرين علي الأكثر وكل وزير يتم عرض المنصب عليه يعلم جيداً أنه لم يستمر إلا فترة وجيزة ولم يخرج إلا بهذه المزايا والمكاسب المادية والمعنوية. ويشير الجمل إلي أنه رغم السلبيات العديدة جراء هذه الامتيازات والتي تحمل الدولة ما لا طاقة لها به إلا أننا لا نستطيع الحد منها أو إلغاءها في أي مساس بهذه الامتيازات يضعنا أمام قضية سياسية من نوع جديد وهو عجز عن إعداد تكليف وزاري مكتمل فنحن نري الآن رغم بقاء الامتيازات إلا أن الاعتذارات تلاحق بعضها البعض. تقول مارجريت عازر الأمين العام المساعد بالمجلس القومي للمرأة إننا لا يمكنا محاسبة الوزير بالمدة الوزارية التي تولي بها المنصب أو مدي إنجازه في هذه الوزارة لأن هناك تفاوتاً في القدرات بين كل شخص وآخر وتفاوت أيضا في الخبرات العملية والإدارية لذلك يستحق كل منهما جميع الامتيازات المستحقة ولكن لا يمكن أن نغفل الشق المتعلق بالمساواة بين وزير فاسد وآخر وطني أدي واجبه علي أكمل وجه ومن هنا يجب أن يتم تعديل القوانين فيما يتعلق بالشبهات التي تمس أي قيادي في منصبه وأن يحرم من جميع الحقوق والامتيازات نهائياً طالما صدر ضده حكم قضائي بالفساد أو أنه قام بالتلاعب بأموال الدولة ومصالح الشعب. يشير بهاء أبو شقه المحامي بالنقض إلي أننا لم نلجأ إلي قوانين استثنائية أو قوانين خاصة تختلف عما يتم منحه للوزراء في كل بلدان العالم بل علي العكس فالوزير في مصر يتحمل سلطة مقيدة وليست مطلقة فنحن نري العديد من الاعتذارات في وزارة تسيير الأعمال الحالية بسبب القيود والرقابة التي تفرض عليه دون أدني مقابل بل إنه يوضع تحت المنظار ويحرم من منصبه السابق لذلك لا يمكن إلغاء هذه الامتيازات بأي حال من الأحوال.