«التنظيم والإدارة» يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف حتى نهاية العام    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    رئيس تجارية القليوبية: التمويل التنموي يحفز الاستثمارات ويعزز تنافسية القطاع الخاص    الأردن: انتهاك مجالنا الجوي محاولة لجرنا إلى صراع إسرائيل وإيران    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    قافلة الصمود تتراجع إلى نقطة آمنة بسرت في ليبيا "حتى إطلاق سراح الموقوفين"    بايرن ميونخ يكتب التاريخ في مونديال الأندية| رقمان جديدان    تحفظ جديد من إدارة الزمالك بشأن صفقات فريق الكرة    مصر لا تنسى تضحيات أبنائها المخلصين| إطلاق مبادرة للأبناء القصّر لشهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين    تأجيل مؤتمر مهرجان جرش للثقافة والفنون    نجوى كرم تطرح أحدث أغانيها «حالة طوارئ» | فيديو    وجدي زين الدين: إسرائيل تخوض حربًا دينية والهدف الحقيقي من التصعيد هو مصر    طرح البوستر الرسمي ل «مملكة الحرير» بطولة كريم محمود عبد العزيز    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    توتر في الأهلي.. لماذا انفجر بن شرقي بسبب صدام إنتر ميامي؟    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    رئيس وزراء العراق: نرفض اختراق أجوائنا ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    تعليم الأقصر: غرفة العمليات لم تتلقَ أي شكاوى بشأن امتحاني مادتي التربية الوطنية والدين للثانوية العامة    توتنهام يضم الفرنسي ماتيل تيل بشكل نهائي من بايرن ميونخ    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلامة الغذاء برعاية الجمارك والصحة والصادرات والواردات والمواصفات والجودة وحماية المستهلك وغيرهم.. والنتيجة:
ضحايا القتل اللذيذ
نشر في الأهرام المسائي يوم 09 - 10 - 2016

هو الملف الأخطر علي الإطلاق, وليس في ذلك أي مبالغة أو تضخيم للأمور بل حقيقة تفرض نفسها فلا يوجد ما هو أغلي وأهم من صحة الإنسان, ولكن هذه المرة لن نفتش في دفاتر المستشفيات أو نبحث بين صفوف المرضي عن حاملي الفيروسات والميكروبات المزمنة ولن نستمع إلي شكاوي الانتظار والمعاناة التي يتكبدها معظمهم للحصول علي علاج.
لن نتجه نحو الأطراف والنتائج بل سنبحث وراء الجذور والأسباب وكل ما يصل بنا إلي هذا الوضع الصحي المتدهور, وما يمكن أن يكون وراء ذلك غير ما يسكن البطون بشهادة الأطباء وتحذيراتهم المستمرة من أطعمة تقوم أحيانا بدور الميكروبات والفيروسات التي تهاجم الأجسام وتجعل منها ساحة كبيرة للأمراض المزمنة والأورام الخبيثة. الغذاء الذي من المفترض أن يكون مصدرا للسعادة بعد أن يتبدل إحساس الجوع بنكهات مختلفة تتنوع بتنوع الأطعمة التي يتم تناولها سواء كانت خضراوات أو فاكهة أو لحوما أو غيرها, بات مصدرا للخوف والقلق من أن يكون سببا في الإصابة بأحد الأمراض المزمنة أو التسمم علي أقل تقدير.
الأهرام المسائي تفتح ملف سلامة الغذاء وتسأل ماذا يأكل المصريون وكيف يصل الطعام الملوث والمسرطن والمليء بتشكيلة كبيرة من الفيروسات إلي بطونهم, وترصد عددا من الجهات المسئولة عن مراقبة سلامة الغذاء في رحلة طويلة يسلكها المنتج الغذائي وصولا إلي يد المستهلك أو بوصف أدق جهازه الهضمي.
جهات عديدة تتابع وتراقب وفي المقابل أغذية فاسدة ومجهولة المصدر تتسرب إلي الأسواق وحتي المعلوم منها مشكوك أحيانا في درجة جودته, والأمر لا يقتصر علي تلك الجهات فقط بل هي سلسلة طويلة من إجراءات السلامة المفقودة بدءا من مرحلة زراعة المحاصيل وحصادها وتربية الحيوانات وإعدادها وتجهيزها للذبح وغيرها من المصادر التي تبدأ منها رحلة الغذاء وصولا إلي المستهلك. لا نسعي للوصول إلي حائط سد أو الإشارة إلي أن الوضع كارثي دون حل ولكن آن لملف الغذاء أن يفرض نفسه علي قائمة أولويات الحكومة حتي لو من باب الوقاية التي هي خير من العلاج.
من زرع حصد أو أتلف
لأن جزءا من ضمان سلامة الغذاء ضمان مصدره الرئيسي, ولأن المحاصيل الزراعية خضراوات وفاكهة هي الحاضر الدائم علي موائد المصريين كان لابد أن نبحث وراء ضربة البداية التي ينطلق منها الغذاء.
البذرة هي الأساس بهذه العبارة بدأ الدكتور بهاء الدين محمد أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة عين شمس حديثه عن كيفية إنتاج المحاصيل خضراوات أو فاكهة في أفضل صورة ودون إهدار كمية كبيرة منها إلي جانب الاعتبار الأهم وهو ضمان سلامتها في أول مرحلة تمهيدا لمراحل أخري في طريقها إلي المستهلك.
ويؤكد أن أهم ما تجب مراعاته في البذرة ألا تكون مهندسة وراثيا وأن تكون الأرض بحالة جيدة وغير ملوثة, أما عن الري فلابد من التأكد من ري المحاصيل بمياه نظيفة لا تختلط بمياه الصرف الصحي أو الزراعي أو الصناعي ولو كانت مياه صرف لابد أن تكون معالجة ومطابقة للمواصفات وصالحة لري المحاصيل, بالإضافة إلي عدم استخدام المبيدات الزراعية في الإنتاج وإذا تم استخدامها يكون قبل عملية الجمع بنحو20 يوما ولكن ما يتم عكس ذلك حيث يقوم بعض المزارعين برش المبيدات في يوم ويجمعون في اليوم التالي.
ويشير بهاء الدين إلي ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الغذاء من التلف في مراحل النقل والتخزين والحفظ وكل المراحل أثناء انتقال الإنتاج إلي السوق.
ويوضح صعوبة الرقابة علي المزارعين في كل المراحل التي يمر بها المحصول ولكن يري أن الرقابة علي مرحلة واحدة تكفي وتضمن سلامة المحاصيل وتجبر المزارع علي مراقبة نفسه بنفسه في كل المراحل السابقة, مشيرا إلي المرحلة التي تسبق نقل المحصول إلي الأسواق, مؤكدا أنه إذا تم تفعيل الرقابة علي المزارع والحصول علي عينات من المحصول خضار أو فاكهة قبل نقلها وإذا لم يخرج منها متبقيات نبات أو ما يشير إلي أي مشكلة في المحصول يتم السماح بنقله إلي الأسواق وغير ذلك يتم رفضه من المزارع وبالطبع لن يقبل أي مزارع أن يحتفظ بمحصوله لتفادي الخسارة وسيتابع ويراقب نفسه بنفسه ويجبره ذلك علي إتباع النظام بدون رقيب حتي يضمن سوقا لمنتجه.
بعد التقرير الأمريكي والتشكيك الروسي والاتهام السوداني
إذا كان هذا هو حال وش القفص.. فماذا يأكل المصريون؟
تقرير أمريكي ينتقد مستوي الصادرات المصرية بل ويحذر منها بعد شحنة فراولة وصلت إليها خرجت من بعده عدة توصيات أو ربما تحذيرات من الغذاء المصري بصفة عامة من دول مختلفة تروج لنفس الفكرة, والمسألة لا تتعلق بنظرية المؤامرة حتي وإن استهدفت بعض الدول ذلك ولكن الأمر يشير إلي أزمة حقيقية نغض الطرف عنها لأنه من المفترض أن صادرات مصر هي أحسن ما لديها لذلك فإن الأمر يعني ويهم من هم في الداخل أيضا فإذا كان هناك أي مشكلة أو عيوب بأي صادرات تتعلق بالغذاء فما الحال فيما يتعلق بغذاء المصريين في الداخل وهو السؤال الذي فرض نفسه علي الجميع.
في البداية يقول الدكتور حسين منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء أن الأزمات المتتالية التي لحقت بملف الغذاء في مصر في الفترة الأخيرة سواء أزمة الفراولة التي تم تصديرها لأمريكا وصدر بشأنها التقرير الذي أثار البلبلة وكذلك أزمة قمح الأرجوت وأخيرا ما تم تداوله عن التقرير السوداني بخصوص تحذيرها من المنتجات المصرية, كل هذه الأزمات علي حد قوله لا يمكن معها أن ننكر وجود أزمة حقيقية ولكن في الوقت نفسه هناك بعض الأزمات منها تتعلق باتجاه الدول السياسي ومواقفها من مصر ولم تكن موضوعية أو تناقش أزمة حقيقية, مشيرا إلي أن بعض الدول ليست لديها هيئات لسلامة الغذاء من الأساس ولا يمكنها مراقبة سلامة الغذاء داخل حدودها وقامت باتهام مصر بذلك.ويوضح أن حجم الصادرات المصرية من عام2009 حتي العام الحالي أي علي مدار7 سنوات معدل الرفض الشهري أقل كثيرا من دول أخري حول العالم كالمكسيك وفرنسا, مؤكدا أن معدلات الرفض الخاصة بالسلع المصرية لا تزال في المعدلات المقبولة.
ليعود ويؤكد من جديد أن هذا لا يعني عدم وجود أزمة بل هناك أزمة حقيقية لأن مصر تقوم بتصدير أفضل ما لديها فإذا كان هناك أي عيوب بصادراتها فماذا يأكل من هم في الداخل الذين يحتاجون إلي مزيد من الطمأنينة تجاه ما يأكلون.
وبخصوص جهاز سلامة الغذاء المنتظر والذي سيناقشه البرلمان بعد أن أقره مجلس الوزراء يقول مش لازم نضيع وقت أكتر من كدة مشيرا إلي أهمية إنشاء هيئة مستقلة للغذاء من أجل تحقيق أبسط قواعد وبديهيات الحفاظ علي سلامة الغذاء علي حد قوله, والدولة وحدها تستطيع إحكام قبضتها علي الغذاء ليضمن المواطن سلامة الطعام الذي يصل إليه بدءا من المزارع الصغير المسئول عن المحاصيل الذي يراقبه أحد مقارنة بالمصدرين الكبار الذين يحرصون علي وجود إشراف من قبل خبراء لضمان محصول علي أعلي مستوي من الجودة. ويضيف أن التشريعات الخاصة بالغذاء أيضا تحتاج إلي تطوير ومواكبة للعصر الذي نعيشه مشيرا إلي أن أحدث هذه التشريعات منذ عام1966 وتساءل ألم يحدث أي تغيير في أنظمة سلامة الغذاء منذ ذلك الوقت حتي يبقي الوضع كما هو عليه ؟!, موضحا أن الأمر يقتضي تعديلا في القوانين الرأسية والأفقية مفسرا قوله بأن هناك قوانين رأسية تخص منتجات أو سلعا معينة كالألبان مثلا وهناك قوانين أفقية تسري علي كل السلع, كما أشار إلي أهمية تعديل والأهم تطبيق القوانين المتعلقة بالتلاعب والغش مع مراعاة الاتفاقيات الدولية التي باتت ملزمة للدولة منذ وافقت عليها.
ويوضح أن الأمر يستلزم مزيدا من الاحتراف في كل ما يخص ملف الغذاء من خلال هذه الهيئة الموحدة المستقلة علي أن يكون فريق العمل بها في كل المجالات التي تتعلق بالغذاء ومراحل تصنيعه أو إنتاجه كالزراعة والطب البيطري والتعبئة والتخزين والحفظ والتغليف وكل هذه التخصصات تتبع هذه الهيئة التي لا مسئولية لها سوي ملف الغذاء علي عكس الوضع الحالي الذي يأتي الغذاء فيه ضمن مجموعة مهام كثيرة داخل الهيئة أو الجهاز المسئول عنها ضمن مجموعة هيئات وجهات رقابية مسئولة عن الغذاء.
فيما يري الدكتور نبيه عبد الحميد- مدير المركز المصري لمعلومات سلامة الغذاء- أن وجود جهة واحدة مسئولة عن سلامة الغذاء يتيح إحكام القبضة علي الغذاء وأن تكون الصورة أكثر انضباطا مما نراه حاليا لأنها ستكون جهة واحدة مسئولة لها استراتيجية موحدة وحتي وقت الأزمات يكون هناك مخطئ وحيد تتم محاسبته, مشيرا إلي أن الوضع الحالي يتسبب في حدوث بلبلة ولغط كبير حيث تقوم بعض الجهات المسئولة عن سلامة الغذاء بمراقبة مصنع واحد علي سبيل المثال عدة مرات فيما تتجاهل كل هذه الجهات مصنعا آخر وهو ما يندرج تحت سوء التخطيط وعدم وجود خطة واحدة تربط كل هذه الجهات والهيئات معا.
ويقول إن علاج الأمر يكمن في التدريب المستمر سواء للعمالة الموجودة داخل المصانع أو للمسئولين داخل جهات تتولي الإشراف علي ملف الغذاء أو حتي داخل البيوت, مشيرا إلي أن المسألة ليست مكلفة علي الإطلاق بل هي ثقافة أكثر منها أي شيء آخر وتستلزم تدريبا مستمرا وجهودا متناسقة مع بعضها البعض للخروج بنتيجة واضحة.
ويوضح عبدالحميد أن المصنع علي سبيل المثال هو بيئة كبيرة لإنتاج الغذاء تقتضي هذا التدريب لأن استلام أحد المحاصيل مثلا وتخزينه يقتضي التعامل معها بشكل محدد ودخول أحد العمال المتعاملين مع الغذاء بشكل يدوي مباشر دورة المياه مثلا أيضا يقتضي تثقيف العامل بخطورة ذلك, وهناك الكثير من المواقف التي تحدث داخل المصنع الواحد وتتكرر داخل المطاعم أيضا أثناء إنتاج الطعام وتجهيزه وكلها تستلزم التدريب والتعامل بشكل مختلف عما يحدث حاليا.
وعلي جانب آخر, أشار إلي الجزء المتعلق بالزراعة علي سبيل المثال فتساءل عن حجم الفاقد يوميا في سوق مثل سوق العبور حيث لا يتمكن التاجر ويسبقه المزارع من التعامل مع الإنتاج مما يؤدي إلي مئات الأطنان التالفة يوميا مما يتسبب في اتجاه معظمهم إلي زيادة أسعارها لتعويض حجم الفاقد.
ويشير إلي ضرورة وجود لجنة علمية في كل التخصصات داخل هذه الهيئة الجديدة لبحث تفاصيل ونتائج الأبحاث والتحاليل الخاصة بالغذاء مشيرا إلي تحليل المخاطر الموجود داخل هذا النوع من الهيئات حول العالم حيث توجد مجموعة متخصصة مستعدة لرصد احتمالات الخطر في بعض المصانع التي تنتج منتجات ومواد غذائية تحتاج إلي تفتيش وإشراف دوري علي فترات قصيرة كمصانع تعبئة اللحوم والأسماك مثلا حيث تحتاج إلي تحليل المخاطر كل3 أسابيع مثلا في حين قد لا يحتاج مصنع لتعبئة السكر إلي هذا النوع من تحليل المخاطر سوي كل8 شهور. ويشدد علي أهمية الاستفادة من نتائج تحاليل الغذاء خاصة وأنها ذات تكلفة عالية مشيرا إلي أن نتائجها قد تستخلص عددا من النتائج المهمة فمثلا قد يظهر في تحليل ما أن هناك إيكولاي في محافظة ما وهذا يشير إلي أن المواطنين الذين يعيشون في هذه المنطقة لا يهتمون بالنظافة الشخصية, وقد تشير بعض النتائج مثلا إلي زيادة الإصابة بمرض معين في مكان ما والبحث وراء هذه النتيجة قد يتسبب في اكتشاف أزمة قبل تفاقمها أو اللحاق بكارثة قبل وقوعها.
ويوضح ضرورة تجديد المعلومات والإحصائيات الخاصة بالغذاء لتحديد مواطن الخطر وحجم الاستهلاك الغذائي وأنماطه, مضيفا أن المسألة لا تتوقف عند إنشاء هذه الهيئة ولكن الأهم فريق العمل المسئول عنها.
الصادرات والواردات:
إحكام الرقابة علي المنافذ مرتبط بوجود هيئة موحدة.. والرسائل المرفوضة من مصر عددها ضئيل
هي إحدي الهيئات المسئولة عن سلامة الغذاء, مهمتها تشديد الرقابة علي المنافذ لأنه المنوط بالرقابة علي الصادرات والواردات, وبخصوص هذه المهمة يوضح المهندس علاء عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات أن إحكام الرقابة علي المنافذ يستلزم وجود هيئة واحدة مسئولة عن سلامة الغذاء تعمل وفقا لقانون محدد إلي جانب دور هيئة الصادرات مؤكدا أن تطبيق ذلك سيؤدي إلي إحكام القبضة سواء علي الأسواق أو المنافذ التي قد يتسرب منها الأغذية الفاسدة بشكل أو بآخر, ويشير إلي أن إنشاء هذه الهيئة الموحدة يضمن سلامة الغذاء ويساعد الصادرات والواردات علي القيام بدورها تجاه ما يرد من الخارج وكذلك ما يخرج إلي هناك.
أما عن الأزمات الأخيرة أو بالأحري الاتهامات التي لحقت بصادرات مصر من الغذاء وتحديدا التقرير الأمريكي الخاص بمحصول الفراولة فقد اتفق عبدالكريم علي احتمالية وجود توجه سياسي موضحا أن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة, ولكن في النهاية أي ملاحظات أو تساؤلات بخصوص أي صادرات كالتي ناقش فيها الجانب الروسي في الفترة الأخيرة علي سبيل المثال هي إجراءات روتينية ومتعارف عليها ويتم بحثها ورصدها مع الجانب الآخر مشددا علي أن عدد الرسائل المرفوضة من صادرات مصر أقل بكثير من دول عديدة.
فيه سم قاتل
د. محمد عز العرب: «نضع الأحذية فى فاترينة .. والأكل على الرصيف ».. وطريقة تخزين الحبوب تؤدى إلى كارثة
القتل اللذيذ.. هو أدق وصف يمكن له التعبير عن الأضرار التي تلحق بأجسادنا من جراء بعض الأطعمة التي تصل إليه بهدف المتعة وإضفاء إحساس الشبع ولكنها تتبدل بالداخل إلي إحساس بالألم والتعب سواء بعد فترة قصيرة من وصوله إلي الجهاز الهضمي أو بعد شهور وربما سنوات عندما تظهر آثاره الجانبية وأضرارها ولكن بعد حين لدرجة لا يتمكن معها الشخص المصاب نفسه من معرفة أن السبب في مرضه كان مجرد وجبة أو حتي مجموعة وجبات غذائية كان يستمتع بها في أحد الأوقات. وهو ما ينتقل بالمريض من مرحلة القتل اللذيذ إلي الموت البطيء بعد ظهور الأعراض ومن بعدها الأمراض, ليتحول بعض الغذاء الذي لا يضمن أحد سلامته إلي مادة قد تبدو سامة في بعض الأحيان وتلحق الضرر بمن يتناوله في أحيان أخري. في البداية يوضح الدكتور محمود عمرو مؤسس المركز القومي للسموم بطب قصر العيني أن ملف الغذاء من أكثر الملفات تعقيدا وتشعبا وكذلك الأكثر ارتباطا بملف الصحة نظرا لدخول تلوث الغذاء والمياه ضمن أهم الأسباب المؤدية إلي الإصابة بأمراض عديدة.
بدأ حديثه ضاربا المثل بالكبدة مشيرا إلي أنها من أخطر الأطعمة التي يتناولها المصريون موضحا أنه لا يتحدث فقط عن كبدة الشارع كما أطلق عليها ولكن حتي الكبدة العادية التي يقوم بشرائها من الجزار لا يمكن لأحد التمييز بين الصالح والفاسد منها لأن كلها نفس اللون الأحمر الذي يخدع العين ويوحي بصلاحيتها وجودتها حتي لو كانت كبدة حمار علي حد وصفه, ليعود بعد ذلك إلي كبدة الشارع أو التي يطلقون عليها الكبدة الإسكندراني التي يقفون عليها بالطابور دون الاهتمام أو حتي التفكير في مصدرها أو حصول البائع علي شهادة صحية تخصها من عدمه في مقابل خلطة بصل وليمون تختفي بينها قطع الكبدة. ويشير إلي أن افتقاد الرقابة تقترن بغياب الوعي حيث يتعامل معظم المواطنين مع أكل الشارع علي طريقة محصليش حاجة منه لحد دلوقتي يبقي كويس علي حد قوله, ليشير بعدها إلي أن هناك ما يسمي بحالات التسمم البطيء التي تصيب عددا كبيرا من آكلي الأغذية مجهولة المصدر والفاسدة التي تنتشر في الشوارع حيث تظهر الآثار والأعراض عليهم بعد سنوات من تناول هذه الأطعمة.
ويوضح عمرو أن هناك عدة احتمالات بعد تناول هذه النوعية من الأطعمة فمثلا قد يصاب الشخص بتسمم حاد ويتم إنقاذه أو قد يشعر ببعض الآلام أو يصيبه الإسهال أو نزلة معوية وقد يتعامل مع الأمر علي أنه مسألة عارضة ولا يتوقف عندها أو يصيبه ما تم ذكره سلفا التسمم البطيء الذي يستغرق سنوات طويلة حتي يشعر الشخص بالأزمات التي تسببت فيها وقد يبقي السبب مجهولا وتكون النتيجة فشلا كلويا أو كبديا أو خللا في الجهاز العصبي أو غيره نتيجة تناول الشخص لكوكتيل من المواد السامة التي لم يظهر آثارها عليه في حينه مثل آثار المبيدات الزراعية علي بعض المحاصيل أو الهرمونات التي تصيب الدجاج أو الآثار التي تسببها بعض أنواع الأسماك.
ويؤكد أن أكبر دليل علي سوء حالة الغذاء في مصر زيادة عدد المستشفيات والمعاهد المسئولة عن علاج السرطان والحاجة إلي المزيد لاستيعاب الأعداد المصابة وهو مؤشر خطير علي ما أطلق عليه فيضان السرطان الذي يواجه الدولة ويزداد بصورة غير مسبوقة وكذلك مؤشر علي تأثير تلوث المياه والغذاء علي صحة المصريين, بالإضافة إلي أمراض أخري كانت نادرة في الماضي القريب وانتشرت أيضا بمعدل كبير مثل التخلف العقلي والعيوب الخلقية في القلب والكبد والأطراف.
ليضرب بعدها المثل بما يحدث بعد ذبح اللحوم خاصة إذا كانت بأعداد كبيرة مثلما هو الحال في عيد الأضحي فيقول كام راس اتدبحت في الشارع وبقت الدماء في الشوارع وكم منها وصل إلي المجاري وكم منها قام بعض الأهالي في أماكن مختلفة بالتخلص منه في الترع ونهر النيل مشيرا إلي أن هذا السيناريو يتكرر كثيرا ولا يتدخل أحد لمنعه أو الحد منه لتتخلل الملوثات كل ما يحيط بنا في فترة وجيزة وتبقي الآثار والأزمات التي تسبب فيها هذا المشهد باقية نجني ثمارها.
ويستطرد حديثه عن مشكلة اللحوم تحديدا بأن الحيوانات التي يستعد الجزار لذبحها قد تكون سليمة تماما ولكن تأتي طريقة عرضه لها وتعليقها في الشارع يتسبب في تلوثها وجعلها غير صالحة للغذاء رغم أنها كانت صالحة تماما حتي وقت الذبح, وقد يكون مصدر التلوث أثناء تربية هذه الحيوانات فيترك الراعي الأغنام تأكل من القمامة مثلا وهو ما يؤثر علي لحومها حيث تمتص الأمعاء تلك الميكروبات داخل اللحوم.
ويري عمرو أن الدولة عليها لوم الرقابة والمواطن عليه لوم الوعي وبينهما تاجر لا يحاسبه أحد منهما, لينهي حديثه قائلا: لا بديل عن هيئة واحدة مستقلة عن غيرها مسئولة عن رقابة الغذاء وضمان سلامته وتتم محاسبتها علي أي خطأ أو قصور في ملف الغذاء.
فيما يوضح الدكتور محمد عز العرب أستاذ الكبد ومؤسس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء ارتباط الكثير من الأمراض بطبيعة الغذاء مشيرا إلي أن هناك نوعين من التلوث الأول يتعلق بالقائمين علي صناعة الغذاء وتقديمه والذين قد يكون لدي أحدهم أي إصابة بفيروس قد تنتقل إلي الطعام الذي يقدمه أو يقوم به وهو جانب مهم وخطير تجب مراعاتها ومتابعتها بشكل دوري للتأكد من سلامة الأشخاص المسئولين عن تقديم طعام أو شراب.
أما النوع الثاني من التلوث الناتج عن الغذاء يكون بسبب بعض العادات الغذائية غير السليمة التي انتشرت مؤخرا بين أوساط الشباب والأطفال كالوجبات السريعة بكل أنواعها وكل ما تحتويه من كميات كبيرة من الدهون والمواد الحافظة والنكهات المكسبة للطعم التي تحتوي علي مواد تضر الجسم خاصة الكبد, مؤكدا أن هذه الوجبات مليئة ومشبعة بالدهون التي تترسب داخل الجسم خاصة الكبد.
ويوضح أن التأثير قد يأتي في صورة تدهن بسيط لا يصاحبه أي اختلاف في وظائف الكبد, وقد يصل إلي درجة التهاب الكبد التفاعلي بسبب إفراز بعض المواد التي تسبب الالتهاب ويؤدي إلي ارتفاع في وظائف الكبد وخمول الجسم, وقد ينتهي الأمر بتليف الكبد ومضاعفاته, مشيرا إلي أن الدراسات الأمريكية أثبتت أنه بحلول عام2020 سيكون الكبد التدهني التفاعلي السبب الأول في زراعة الكبد.
ويضيف عز العرب أن مصر حاليا من الدول الأولي علي مستوي العالم التي تعاني من مرض السمنة خاصة بين السيدات والتي تصل أحيانا إلي حد السمنة المفرطة وتؤثر علي كفاءة وحيوية أعضاء الجسم ومجهود الشخص العادي وما يصاحبها من أمراض أخري مثل قصور الدورة التاجية للقلب.
وبعيدا عن الدهون الموجودة في بعض الأطعمة يشير عز العرب إلي طريقة عرض الأطعمة علي الأرصفة قائلا: نضع الأحذية في فاترينات عرض ونعرض الخبز علي الأرصفة ليلقي نصيبه من كل الملوثات الموجودة في الشارع موضحا أن القاهرة من أكثر عواصم العالم تلوثا ورغم ذلك يدور فيها الباعة الجائلون بالأطعمة المكشوفة ويجدون من يشتريها, وضرب المثل بعربات الفول التي يزدحم حولها عدد كبير من المواطنين صباح كل يوم لتناول وجبة الإفطار أو محلات العصير التي تستخدم الأكواب الزجاجية وتنتقل من شخص لآخر وقد تتسبب في انتقال أي عدوي لأن البائع لا يقوم بتنظيفها كما ينبغي بل مجرد تنظيف عشوائي رغم أن التنظيف اللازم لها في هذه الحالة أشبه بالتعقيم لأنها تنتقل بين عشرات بل أحيانا مئات الأشخاص يوميا وقد تنتقل بينهم ميكروبات وفيروسات كالتيفود وأمراض فيروسA وE وعدة أمراض بكتيرية تؤدي إلي التسمم الغذائي.
ويشير عز العرب إلي قضية في غاية الخطورة كما وصفها مشددا علي ضرورة الاهتمام بها وهي كيفية حفظ الحبوب في صوامع وشون غير صحية تؤدي إلي ارتفاع نسبة الرطوبة والحرارة مما يؤدي إلي نمو أنواع معينة من الفطريات مثل الاسبرجيلس الذي يفرز سم الأفلاتوكسين الذي يعتبر من أهم مسببات سرطان الكبد في مصر والدول النامية خاصة الإفريقية, مؤكدا أن احتواء الحبوب كالقمح والذرة والفول السوداني واللوبيا وغيرها علي هذا الفطر وما يفرزه من سموم قد يؤدي إلي الإصابة بأمراض خطيرة لذلك يطالب بضرورة التعاون والإشراف من وزارة الزراعة والبيئة والصحة علي درجة أمان كافية لحفظ وتخزين الحبوب تتوافق مع المعايير الدولية, مشيرا إلي جهاز بسيط غير مكلف لابد أن يتوافر في كل صومعة يكشف عن وجود هذا الفطر ويتأكد من سلامة الحبوب.
ويوضح أن مصر من أكثر دول العالم إصابة بسرطان الكبد بعد دول شرق آسيا وانتقالها من فئة متوسطة الحدوث إلي عالية الحدوث مضيفا أن سرطان الكبد هو أكثر أنواع السرطانات المؤدية إلي الوفاة في مصر, لينهي حديثه قائلا: البحث عن السلامة الغذائية لابد أن يسبق المسائل الاقتصادية لذلك لابد من التأكد من سلامة جميع الحبوب المستوردة خاصة القمح والتأكد من خلوه من أي مواد تضر بصحة الإنسان.
وجبات الرصيف والفاترينة ترفع شعار ادفع أقل.. فرصتك في الموت تكتر
كوكتيل تلوث تحت الطلب
يمكن اعتبارها نوعا من أنواع الرقابة اللاحقة تلزم لحماية المستهلك بعد أن أصبحت السلعة قاب قوسين أو أدني من يديه بعد أن وصلت إلي الأسواق, خاصة وأنها ليست كأي سلعة لأنها أطعمة تتسلل داخل الأجسام في صورتها النهائية التي باتت عليها سواء داخل مطاعم الأطعمة الجاهزة أو بعض المنتجهات مجهولة المصدر التي تتواجد داخل بعض المحلات أو علي الأرصفة وخلف فاترينات لا تكشف عن محتوياتها ولا يدل عنها سوي رائحة نفاذة تنتشر بطول الشارع وتلهث وراءها الأنوف قبل البطون.
يشير المستشار أمير الكومي- رئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك إلي أن تعدد الجهات المسئولة عن سلامة الغذاء يتسبب فيما يمكن أن نسميه بفوضي الغذاء خاصة وأن هذا الغذاء هو المسئول عن تدمير الصحة العامة علي حد قوله.
تحدث عن هيئة سلامة الغذاء والدواء الموجودة في عدد كبير من الدول منذ عشرات السنين, مشيرا إلي ملف إنشاء هيئة مستقلة في مصر لضمان سلامة الغذاء يعود إلي فترة حكومة عاطف صدقي وكل حكومة تتولي المسئولية ترفض استكمال ملف سلامة الغذاء وتتوقف عند نفس النقطة وتظل المسألة في دائرة مفرغة كل حكومة ترميها للي بعدها وهكذا علي حد وصفه.
ويوضح الكومي أن الغذاء يحتاج إلي أب شرعي بدلا من تعدد الجهات التي تتولي مسئوليته خاصة وأن الوضع الصحي تدهور لدرجة لا يمكن السكوت عنها, ويضيف أن أكثر الأغذية تعرضا للفساد والتلاعب هي اللحوم لأن الرقابة عليها ضعيفة بما فيها حماية المستهلك.
ويقول إن هناك سياسات خاطئة لدي كل مسئول عن الغذاء بدءا من المزارع والفلاح المسئول عن زراعة وحصاد المحاصيل, مشيرا إلي أن ضمان سلامة الغذاء يحتاج إلي سياسات حقيقية وإجراءات علي أرض الواقع, وضرب المثل بمصانع بير السلم التي كانت وفقا لإحصائيات وحسابات عام2009 تصل إلي760 ألف مصنع, وبالتأكيد هذا الرقم تضاعف الآن والتي لا يتم التعامل معها بالشكل المطلوب والطريقة الأفضل حيث تتجه الجهات المعنية إلي إغلاقها رغم أن إغلاق مصنع واحد جدير بفتح ثلاثة مصانع أو ربما أكثر في المقابل لأن الإغلاق ليس الحل.
ويشير إلي عدم وجود إحصائية واحدة تفيد في أي قضية متعلقة بالغذاء بل هناك عشوائية في الأرقام والمعلومات الخاصة بملف الغذاء بالإضافة إلي تعدد مصادر المعلومات مما يؤدي إلي التشتت وزيادة احتمالات الخطأ وصعوبة الحصول علي معلومة موحدة, الأمر الذي يؤثر علي متخذي القرار.
ويؤكد أن ملف الغذاء من أخطر الملفات التي يجب أن تلتفت إليها الحكومة لتقليل فاتورة الصحة في مصر لأن الوزارة لن تتحمل ما قد تؤول إليه الأوضاع الصحية إذ استمرت هذه الفوضي, مشيرا إلي أن في ذلك سيطرة علي المنبع ومصدر الأزمة بدلا من محاولات السيطرة علي علاج النتائج.
ويطالب بسرعة إنشاء هيئة سلامة الغذاء والدواء لتتكفل بالدور الرقابي الموزع علي الجهات الرقابية المختلفة وتكون لها آليات واضحة وقوانين صارمة بدون أي ثغرات لتشديد الرقابة علي الأسواق وكل مصادر الغذاء, مشددا علي الاستعانة بأصحاب الخبرة والمحترفين وليس أهل الثقة حتي يكون عمل الهيئة مجديا, لينهي حديثه مؤكدا أن وجود نظام صارم وقانون يتم تطبيقه في الخارج هو ما يضمن سلامة كل شيء لذلك كل ما نحتاج إليه هو وجود القانون وتنفيذه.
فيما ينتقد رضا عيسي الباحث الاقتصادي بمجال التجارة والأسواق أداء موظفي الجهات الرقابية في مصر, مشيرا إلي أنهم يعملون بالنظام المكتبي الذي لا يتناسب أبدا مع طبيعة عملهم فينتظرون أن يأتي المواطن للإبلاغ عن شكوي ولا يقومون بالتفتيش والمتابعة كما ينبغي في الوقت الذي يرفض المواطن تعطيل نفسه والذهاب إلي أي مكتب للشكوي خاصة وأن الأمل في بحثها وحلها ضئيل من وجهة نظره.
ويتساءل عن دور الحكومة وإجراءاتها في أوقات عديدة ظهرت فيها كوارث تتعلق بسلامة الغذاء ولم تتحرك أو تتخذ اللازم رغم حجم الكارثة مثل أزمة الري بمياه الصرف وانتشار لحوم الحمير وثبوت التلاعب به وغيرها من الأمور التي كانت تقتضي تدخلا حاسما من الحكومة خاصة وأن الأمر يتعلق بصحة الشعب المصري, لينهي حديثه قائلا: لا يجوز صرف مليارات الجنيهات علي تدبير العلاج اللازم بدلا من توجيه الفاتورة للمشكلة الرئيسية.
ويشير محمود العسقلاني- رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء- إلي أن إقرار قانون إنشاء هيئة الغذاء خطوة طال انتظارها كثيرا ليبقي الحال كما هو عليه ويظل التشتت سيد الموقف بين الجهات الرقابية المتعددة المسئولة عن سلامة الغذاء لذك يطالب بضرورة إقراره لوضع حد للعبث بالغذاء, مضيفا أن الهيئات المسئولة عن سلامة الغذاء تعمل في جزر منعزلة ولا يتم التنسيق بينها نظرا لكونها تتبع أكثر من وزارة إلا في حالة وقوع كارثة مثلا.
أما جهاز سلامة الغذاء في حال وجوده سيكون مسئولا بشكل كامل عن نظافة الطعام وضمان جودته والتحقق من الرقابة السابقة واللاحقة علي مصادر الغذاء, مشيرا إلي أن متابعة المصانع والمطاعم أثناء الإعداد والتجهيز لا تقل أهمية أبدا عن متابعة الأسواق بعد عرض السلع, مؤكدا أن الرقابة السابقة لابد أن تكون دورية مع مراعاة اتخاذ الاشتراطات الصحية اللازمة حتي وصول المنتج الغذائي ليد المواطن.
ويوضح أن معظم الموظفين المسئولين داخل هيئات وقطاعات سلامة الغذاء غير مؤهلين ولديهم رسوب وظيفي ومرتباتهم ضعيفة بشكل كبير مما يؤثر علي مستوي أعمالهم وبالتالي علي سلامة الغذاء, وضرب مثلا بمفتشي الصحة والمسئولين عن متابعة اللحوم علي وجه التحديد حيث يتراخي بعضهم عن أداء واجبه أو يستجيب لمحاولات أصحاب بعض المطاعم والأماكن المسئولة عن بيع الأغذية مجهوة المصدر لتمرير بعض المنتجات الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي لتأتي الضبطيات الكبيرة من آن لآخر دون فائدة أو نتيجة.
ويستطرد حديثه عن فساد اللحوم قائلا: كام جزار بيدبح العجول قدام محله وبيستخدم ختم مزور قدام الناس وفي الآخر الناس تشتري منه عادي, ويتساءل فين الطب البيطري من حاجة زي دي؟! مشيرا إلي أنه بعيدا عن التلاعب هناك أمراض مجزرية لا يمكن للجزار التعرف عليه بمفرده دون مساعدة وتوجيه الطبيب البيطري المتخصص.
وبنبرة حزينة أنهي العسقلاني حديثه قائلا: يعني إحنا بنشتري الأسوأ بأغلي سعر, بنشتري أمراض بفلوسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.