أنا فتاة في الثالثة والعشرين, تخرaجت في كلية مرموقة وأعيش في إحدي محافظات مصر مع أسرتي الصغيرة المكونة من أبي الموظف وأمي ربة المنزل وأخي الوحيد الذي يصغرني بعامين كانت حياتنا تسير هادئة وعادية تربطني بأمي علاقة جيدة بينما كانت علاقتي بأبي سطحية جدا لانشغاله بعمله, وكذلك علاقتي بأخي التي أصفها بالعادية أيضا إلي أن التحق بالجامعة وسرعان ما تعرف علي أصدقاء سوء ولم يمر وقت طويل حتي اكتشفنا أنه وقع فريسة لإدمان المخدرات ساء سلوك أخي بعد إدمانه فازدادت مشاجراته مع والدي طلبا للنقود, ووصلت لحد الضرب, وساءت نفسية والدتي وتحول بيتنا إلي جحيم لدرجة جعلتني أكره العودة إليه والبقاء فيه, ووجدتني أنجذب لصداقات الذكور وأدخل في علاقات تنتهي بخداعي في أغلب الأحيان وتدهورت حياتي الاجتماعية والنفسية دون أن يشعر بي والداي المشغولان بعلاج أخي الذي لم ينجح أبدا رغم دخوله المستشفي عدة مرات لا يلبث بعدها أن يعود للإدمان, وأنا أشعر بالعجز الشديد أمام إدمانه وأمام حزن أمي الدائم وحالة والدي العصبية... وأجدني أتساءل كل يوم: ما ذنبي؟ وكيف أخرج من هذا الجحيم؟ وماذا يجب علي فعله ؟ فهل لك أن ترشديني ؟؟ عزيزتي المحرومة من الاهتمام أنت تعيشين حالة خاصة جدا في بيتك تتسم بالضغط العصبي والإحباط بسبب مرض أخيك وسوء سلوكه, كما أنك تعانين من افتقاد الاهتمام والحب الذي تتوقين له في سنك, بالتأكيد أنك في موقف لا تحسدين عليه وتحت ضغوط كثيرة لا يمكن لأحد أن يتخيلها إلا من عايش مثل هذا الموقف, أنا معك في كل ما تحسين ولكن.. أريدك أن تسألي نفسك: هل تجدين ما تفتقدينه مع أهلك في علاقاتك التي غالبا ما تنتهي بخذلانك مرة أخري؟ هل لك من الأحباء والأصدقاء ممن تثقين بهم من يحتويك ويعوضك عن الحضن المفقود؟ أنا أتحدث عن خالة أو ابنة خالة أو صديقة أو حتي صديق يحتضنك فكريا ومعنويا بالتفاعل مع ما تحتاجينه من رعاية واهتمام في هذه المرحلة بما يتماشي مع معتقداتك وأعراف البيئية التي نشأت فيها. أتساءل عن طبيعة العلاقات التي تصفينها مع الذكور, هل هي علاقات صداقة أم علاقات تجدين نفسك منجرفة إليها حسبما يحتاجه الطرف الآخر علي حسابك؟. عزيزتي ذات الثلاثة وعشرين ربيعا, أتفهم تفهما كاملا مشاعرك واحتياجاتك لمياه الحب و الاحتواء لتروي براعمك ولكن أخشي ما أخشاه أن تجدي لنفسك عذرا للارتواء بمياه سامة أو قذرة لا تروي أو تسمن من جوع, بل وتتركك جريحة الجسد و الفؤاد. صديقتي لتستطيعي التأقلم ومجابهة ما تواجهينه أتصورك تأخذين موقفا فاعلا تجاه نفسك أولا بديلا عن دور الضحية أو المجني عليها في خضم الأحداث, أنت شخص بالغ, عاقل من المفترض أن تهتمي أولا بذاتك وتحبينها, هناك احتمال أن الجينات التي جعلت أخوك عرضة للإدمان هي نفس جيناتك لكن حظك أوفر لأنك قاومت وتكيفت بشكل مختلف ولم تنزلقي في مستنقع المخدرات, اعلمي أن50% من حالات الإدمان يعاني أصحابها من أمراض نفسية أخري شبيهة بما تصفين من افتقاد الاحتواء والبحث عن الذات, والاكتئاب, والقلق, واضطرابات الشخصية, إلخ.... يا صديقتي الشابة اليانعة, أنت في أوج شبابك وعنفوانك وكامل مسئوليتك تجاه نفسك وجزء لا يتجزأ من السلوك الإدماني هو إيذاء النفس, ألا ترين أن في معاملتك وتعاملك مع نفسك بانخراطك في علاقات لا ترضين عنها وبتزنقك في دائرة تأنيب الضمير وجلد الذات وعدم احترامها إيذاء لك, احترسي صديقتي, فهذا نوع آخر من الاعتمادية علي العلاقات وإدمانها أيضا. هناك عشرات الطرق والعلاقات الصحية لكي تصاحبي نفسك وتحتويها إن لم تجدي هذا في محيط الأسرة. مثل الاشتراك في رحلات لركوب العجل أو مجموعات لممارسة الرياضات المختلفة. لو لم تجدي في نفسك العزم لكسر الدائرة المغلقة للعلاقات التي تقلقك. أنصحك باستشارة طبيب نفسي فورا. فالوقاية خير من كل علاج.