أعطي الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه حول الوضع في ليبيا دفاعا مؤثرا واحيانا بليغا عن سياساته, لكنه لم يكن أمينا بشكل كبير عندما تطرق حديثه الي توضيح الاهداف المحددة للقوات الامريكية هناك. فقد قدم أوباما نفسه علي أنه واقع بين طرفين أحدهما لايريد أن يقدم شيئا لمواجهة كارثة انسانية والآخر يريد غزو ليبيا علي طريقة جورج بوش الابن في العراق. وفي سياق خطابه أعلن أوباما أنه كما يوجد أطراف تصدت لعدم التدخل في ليبيا, فهناك آخرون اقترحوا توسيع عملياتنا العسكرية فيما وراء حماية المدنيين الليبيين واستخدام اي اسلوب من شأنه إسقاط نظام القذافي وتشكيل حكومة جديدة. ومما لاشك فيه ان ليبيا وبقية العالم ستكون في أفضل حالا بعد القذافي وانا تبنيت مع بقية قادة العالم هذا الهدف وسوف استمر فيه بفاعلية من خلال الوسائل غير العسكرية, لكن توسيع مهمتنا العسكرية لتشمل تغيير النظام يمكن ان يمثل خطأ. إن المهمة التي كلفت بها قواتنا هي حماية الليبيين من الخطر الحالي وتكوين منطقة حظر جوي تحت مظلة الأممالمتحدة والدعم الدولي, وهو ماطلبته منا ايضا المعارضة الليبية. ولو حاولنا عزل القذافي بالقوة فسوف يؤدي ذلك الي انفسام تحالفنا, فكان لابد من تهيئة الأجواء المناسبة لقواتنا للقيام بهذه المهمة او تكون العواقب قتل العديد من المدنيين من الجو وأن الخطر الذي يواجهه رجالنا ونساؤنا سوف يكون كبيرا جدا, فهل نصيبنا من هذه المسئولية يأتي بعد ذلك؟ ولكي أكون واضحا بشكل أكثر لقد وصلنا لنهاية هذا الطريق في العراق وهذا بفضل التضحيات غير العادية لقواتنا وإصرار دبلوماسيينا ولهذا فنحن متفائلين بمستقبل العراق. ولكن تغيير النظام هناك استغرق8 سنوات وحياة الآلاف من العراقيين والأمريكيين وبتكلفة تريليون دولار تقريبا وهذا ثمن لايمكننا تحمله في ليبيا. إن الرئيس أوباما يعرف جيدا ان مايقوله هراء, فلا يوجد شخص جاد يجادل في حتمية تكرار مأساة العراق في ليبيا أو إرسال مئات الالاف من القوات البرية للسير في طرابلس وإقصاء القذافي بنفس طريقة إقصاء صدام حسين في بغداد. فما يقترحه العقلاء هو مساعدة المقاومة الليبية لإقصاء نظام القذافي, ليس بإرسال قوات برية امريكية لفعل ذلك لهم ولكن بإمدادهم بالسلاح والتدريب والمعلومات الاستخبارية والدعم الجوي. لقد كان الثوار الليبيون في طريقهم الي السير في طرابلس حتي جاء تردد أوباما في الأممالمتحدة والذي منح القذافي الوقت لإعادتهم إلي أبواب بنغازي وهم الآن في طريقهم للغكرب مرة أخري يستردون المدن والقري بطول الشاطئ من أيدي القوات الموالية للقذافي في طريقهم الي العاصمة. فكيف سيتعامل أوباما مع هجومهم؟ هل سيستهدف قوات القذافي إذا ما تصدوا للثوار؟ هل سيوفر للثوار غطاء جويا في طريقهم إلي طرابلس؟ إذا يوفر غطاء جويا وتمكن النظام الليبي من ايقاف هجمات الثوار, فكيف سيتعامل مع العواقب؟ هل ستقدم القوات الجوية الامريكية علي حماية الجيوب المحررة من قوات القذافي في ليبيا مثلما فعلت في العراق ؟ ولو فرضنا ذلك, فكم ستستمر؟ عاما أو خمسة اعوام اوعقدا من الزمن او اكثر. نحن لانعرف إجابات لهذه الاسئلة لأن الرئيس أوباما قضي غالبية وقته لاسقاط الحجج ضد القيام بعمل عسكري لم يقم به احد في ليبيا. لحظة اخري من عدم المصداقية أتت عندما أدلي أوباما بتفاصيل نقل المهمة الي حلف شمال الاطلنطي فقال: لقد تولي حلفاؤنا قيادة مهمة حظر نقل الأسلحة وفرض منطقة حظر جوي علي ليبيا وقد قرر حلف الناتو الليلة الماضية تحمل مسئولية أخري وهي حماية المدنيين وسوف تنتقل هذه المهام من الولاياتالمتحدة الي الحلف وانا علي ثقة تامة ان حلفنا سيحافظ علي الضغوط المفروضة علي الفول من قوات القذافي. هنا فشل الرئيس في توضيح ماذا يعني هذا عمليا: فكان لابد أن يوضح انه سوف ننقل مسئولية المهمة في ليبيا من الجنرال الأمريكي كارتر هام قائد القوات الامريكية الافريقية الي الادميرال الامريكي جيمس ستافريديس القائد الأعلي لقوات التحالف في أوروبا. وأيضا كان يجب ان يذكر المهمة الاخري التي سلمتها الولاياتالمتحدة الي الناتو وهي العمليات في أفغانستان. جاءت عدم مصداقية أوباما بسوء حظ لأن النجاح في التدخل في ليبيا يمثل خطرا. فحتي تاريخ الحادي عشر من سبتمبر كان أعنف هجوم ارهابي وقع علي الامريكيين هو تفجير طائرة لوكيربي في اسكتلندا ولو ظلت المهمة في ليبيا محددة كما اقترح الرئيس الامريكي فإن فرص بقاء القذافي ستتزايد. وأعتقد انه لو كان اوباما قد خطط لمثل هذه التحديات لكان افضل من التحدي بأفكار خيالية.