كل يغني علي ليلاه لن يتبادر إلي ذهنك إلا تلك العبارة منذ أن تطأ قدماك أول شبر فيه حتي نهايته, فهي الأكثر تعبيرا عن حاله يوميا فتتبدل الأوقات وتتغير الوجوه ولا يتغير هو أبدا. شارع المعز الذي يراه البعض من أكبر المتاحف المفتوحة الجامعة لعدد من الآثار الإسلامية, ويجد فيه آخرون متنزها للأطفال قبل الكبار, ويلتمس فيه غيرهم رحلة غير تقليدية للحسين لا تكتمل إلا بجولة في المعز بالإضافة إلي مجموعة من الزوار المعتادين من السياح من مختلف الجنسيات. هكذا ظل المعز لسنوات طويلة محتفظا بكلاسيكياته القديمة وطقوسه المعهودة والمشاهد المعتادة داخله, ولكن مثل كل الأشياء التي تخضع لقاعدة دوام الحال من المحال تبدل المعز ولم يعد مقصورا علي هذه الأنشطة التقليدية ليخرج من عباءة الماضي متأثرا ومشاركا زواره بكل ما هو جديد. في جولة ل الأهرام المسائي نرصد مشاهد غير مألوفة داخل المعز ولكنها باتت كذلك في الآونة الأخيرة, بعد أن اختفي العنصر الأجنبي بشكل كبير من الشارع وأصبح معظم زوار الشارع ومرتاديه من المحليين فقط, بالإضافة إلي أنشطة ومجموعات جديدة باتت جزءا منه تشهد علي خروج شارع المعز من جلباب أبيه. من اللحظة الأولي تري في عيون الزائرين اهتمامات أخري لا تتعلق بتاريخ الآثر أو المعمار بقدر أهمية مظهره العام وإمكانية الاستفادة منه, وهو ما يؤكد عليه عم صلاح بائع العسل والجبن وأغراض آخري- الذي قدم تحليلا خاصا لحال المعز وفقا لما يراه من تطورات لحقت به حيث أشار إلي ندرة السياح فيه علي عكس فترة طويلة من عمر هذا الشارع قضاها مليئا بالجنسيات المختلفة القادمة من شتي بقاع العالم لزيارته ويقول: معظم اللي بييجي دلوقتي مصريين, وبييجوا لأهداف معينة, وبسؤاله عن تلك الأهداف التي أشار إليها تحدث عن أنشطة جديدة دخلت المعز بخلاف الأعمال والأنشطة المعتادة منها ورش الرسم ومنظمو الحفلات الفنية وهواة التصوير. بات تردد طلاب الجامعات أمرا معتادا بل وينتظره ويتعامل معه كل الموجودين والعاملين بالشارع والذين باتوا يعلمون كل شيء عن مهام طلاب كليات الفنون والإعلام والآثار ومشروعات تخرجهم حيث يستعين معظمهم بمعالم الشارع ونقوشه الفنية وطرازه المعماري الخاص, بالإضافة إلي مجموعة لا بأس بها من الهواة في فن الرسم والتصوير الذين يسعون إلي تنمية مواهبهم وأحيانا استغلالها علاوة علي سهولة ممارسة هواياتهم واستخدام أدواتهم والمعدات الخاصة بهم في المكان بسبب اعتياد مرتادي الشارع علي وجودهم. بصفتها هاوية تأتي دينا أشرف طالبة كلية الحقوق إلي ورشة فنية توصلت إليها منذ فترة علي موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وقررت الانضمام إليها ودعوة الأصدقاء لها, مشيرة إلي أن مختلف الفئات العمرية تأتي إلي الورشة بهدف التعلم وتنمية الموهبة. ويضيف محمد محمود- طالب بالصف الثاني الثانوي أنه يأتي من مركز فاقوس بمحافظة الشرقية بسبب حبه الجنوني للشعر علي حد وصفه, ويوضح أنه وجد ما يتمناه في شارع المعز وتحديدا الربع الثقافي. وبابتسامة خجولة تحدث عن صعوده لمسرح الربع وإلقاء شعره علي الحاضرين مؤكدا أن صغر سنه وظروف السفر لن تمنعه من الحضور, لينهي حديثه قائلا شارع المعز سبب في ديوان جديد عملته مع مجموعة شباب أعمارنا ما بين17 و25 عاما. ويقول ضياء محمد- طالب بالفرقة الثانية بكلية التجارة إن الربع الثقافي لا يقتصر علي موهبة الشعر فقط بل يضم الكثير من المواهب في الغناء والتمثيل والرسم وغيرهم, ويشير إلي أن شارع المعز مليء بالمواهب الشابة. ومن الشعر والغناء إلي التصوير وبيزنس من نوع خاص يحاول البعض استثماره واستغلال التقاليع الجديدة في تصوير اللحظات الخاصة والمناسبات المهمة في حياة الأشخاص, وليس أهم من ليلة العمر لتوثيق أدق تفاصيلها وليس أجمل من شارع المعز للحصول علي فوتوسيشن مختلف للعروسين, وهذا ما يقوم به عدد كبير من المصورين المحترفين والهواة تتفاوت أعمارهم وتتعدد مجالات دراستهم ولكن جمعهم حب التصوير وموهبة التقاط صورة حلوة. بعد إذنك ممكن تشوفو الصور ده بهذه العبارة يبدأ معظم المصورين المتجولين بالشارع عرضهم علي المارة لالتقاط صورة مع إبتسامة لطيفة ووجه بشوش لجذبهم مع توضيح كيفية التعامل المالي إلي جانب إتفاقات مسبقة تتم بينهم وبين المقبلين علي الزواج الباحثين عن فوتوسيشن في شارع المعز. وبهذه العبارة بدأ أحد المصورين حديثه مؤكدا أنه يمتلك كاميرا حديثة ومن أغلي الماركات, ليستطرد حديثه قائلا كنت بزوغ من الدروس وبحوش فلوسها مع كام شغلانة اشتغلتها لحد ما جبت الكاميرا. ويقول محمد محمود طالب بالصف الثاني الثانوي الشعبة الأدبية أنه قرر احتراف التصوير نظرا لأنه مهنة ممتعة إلي جانب التوجه العام السائد لدي معظم المقبلين علي الزواج بالتصوير في أماكن مختلفة أهمها شارع المعز قائلا أهالينا مش هتقدر تصرف علينا علطول وعشان كده بنساعد حتي لو هما مش عايزين ده لأن التعليم مبقاش بيجيب فلوس علي حد قوله. ليقاطع حديثه محمد زميله الذي يدرس بالمرحلة الثانوية الصناعية مشيرا إلي أن السبب الرئيسي لوجودهم في شارع المعز هو( الفوتو سيشن) مؤكدا أنها بتجيب فلوس كويسة خصوصا لما يبقي عريس وعروسة يوم فرحهم أو مخطوبين علي حد قوله. ويضيف أن الطراز الإسلامي الفريد بطول الشارع علاوة علي المباني الآثرية القديمة والمساجد وكذلك ألوان الإضاءة التي تظهر في الصور الليلية. وقد انتشرت دعوات زيارة شارع المعز علي مواقع التواصل الاجتماعي حيث دشن مجموعة من الشباب دعوة رحلة إلي المعز وهي رحلات مستمرة علي مدار الأسبوع تختلف أهدافها وفقا لميول المجموعة المقرر ذهابها إلي هناك. وأمام مسجد الحاكم بأمر الله يستغل الشباب الساحة الكبيرة كملعب للكرة, فيما أجمع الباعة الموجودين بمواجهة المسجد علي استغلال تلك الساحة خلال شهر رمضان في الإعداد لوجبات الإفطار والسحور لزوار الشارع.