يعتبر يوم عرفة من أفضل الأيام في السنة كلها حيث فيه يقف حجاج بيت الله الحرام علي جبل عرفات رغم اختلاف لغاتهم ولهجاتهم يرتدون ملابس واحدة ويقفون في صعيد واحد قبلتهم واحدة يطلبون العفو والمغفرة لذنوبهم من خالق الارض والسموات الذي يباهي بهم ملائكته ويشهدهم أنه قد غفر لهم وكان الحمس فريق من أهل قريش قبل الإسلام في مكة كانوا لايقفون بعرفات فيما يقوم غيرهم من الناس بالوقوف بعرفة وكان هؤلاء الحمس يقولون نحن أهل الله وقطان حرمه فلا نخرج منه ولا نصيد إلا من الحرم فلما جاء الاسلام امر الله نبيه صلي الله عليه وسلم ان يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها لقوله تعالي ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس فنزلت الآية الكريمة تبين أنه لاحج إلا لمن وقف بعرفات. حول أهمية هذا اليوم الذي جعله الرسول صلي الله عليه وسلم في قوله الحج عرفة اي هو اساس اداء هذه الفريضة وسبب تلك الاهمية الكبري سواء للحجاج في الأراضي المقدسة او لغيرهم. في البداية يوضح الشيخ محمد الأزهري- من علماء الاوقاف- أن النبي صلي الله عليه وسلم وصفه بقوله الحج عرفة للدلالة علي أهمية هذا اليوم المشهود الذي أقسم به الله تعالي في القرآن الكريم:( وشاهد ومشهود) سورة البروج, قال عنه النبي صلي الله عليه وسلم: اليوم المشهود: يوم عرفة, والشاهد: يوم الجمعة.. ويوم عرفة من الأيام الفاضلة تجاب فيه الدعوات وتقال العثرات, ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عرفات وهو يوم عظم الله أمره, ورفع علي الأيام قدره, ويعد يوم إكمال الدين وإتمام النعمة, ويوم مغفرة الذنوب والعتق, وشعائر هذا اليوم ممتدة تبدأ من صلاة الفجر في مني وينتظر الحجاج إلي شروق الشمس, ثم يسلكون طريقهم إلي عرفة مع التلبية ويقضون فيها النهار كله حتي غروب الشمس يدعون الله ويذكرونه ويبتهلون إليه مقتدين في ذلك بفعل النبي صلي الله عليه وسلم الذي خطب خطبته الشهيرة في حجته الأخيرة حجة الوداع عام10 ه التي قام النبي صلي الله عليه وسلم فيها بعمل مناسك الحج الصحيحة, وقال: خذوا عني مناسككم, كما ألقي خطبته الشهيرة خطبة الوداع التي أتم فيها قواعد وأساسات الدين الإسلامي. ويقول الدكتور علي الله الجمال- من علماء وزارة الاوقاف- إن الوقوف بعرفة أعظم ركن من أركان الحج, وبدونه لايكون الحج حجا وموقف عرفة مشهد من مشاهد التجلي حيث يدنو رب العزة من عباده دنو رحمة وقرب وحب ومعية, ومشهد عرفة يعبر عن مشاهد يوم القيامة حيث يتجرد الحجاج من مظاهر الزينة وقد لبسوا ملابس الإحرام, وفي يوم عرفة يعتق الله عباده من النار, ويباهي بالحجاج الملائكة, وما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة لما يراه من تنزل الرحمات وتجاوز الله عن ذنوب عباده, وفيه أكمل الله للأمة دينها وأتم عليها نعمته,قال تعالي( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وصيام يوم عرفه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده. لأجل كل هذا قال النبي الكريم( الحج عرفة) وهناك من الأسرار ما لا نعرفه عن موقف عرفة ويومه مكانا وزمانا. ويؤكد الدكتور عبدالله محيي عزب- وكيل كلية أصول الدين القاهرة- انه ثبت في سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم بعرفة فسألوه, فأمر مناديا فنادي الحج عرفة, والوقوف بعرفة يبدأ من أول اليوم التاسع حتي فجر اليوم العاشر فمن أدرك عرفة في هذا الوقت فقد وقف بعرفة والوقوف بعرفة أعظم أركان الحج لأنه إذا فات وقته بدون وقوف فقد فات علي الشخص الحج في ذلك العام بخلاف غيره من الأركان فيمكن تداركها. وتخصيص هذا اليوم بالوقوف هو من الأمور التي تخفي علي المسلم فالواجب عليه التسليم لها فقد يكون تشريعها علي هذا الوجه ابتلاء واختبارا للمسلم فعليه أن يستسلم وينقاد لأمر الله تعالي وينبغي الإعراض عن السؤال عن الحكمة من تشريع مثل هذه الأمور لعدم الفائدة المرجوة من ذلك, وإذن فمعني قول النبي صلي الله عليه وسلم:( الحج عرفة): أنه لا بد في الحج من الوقوف بعرفة, فمن لم يقف بعرفة فقد فاته الحج, وليس معناه أن من وقف بعرفة لم يبق عليه شيء من أعمال الحج بالإجماع, فإن الإنسان إذا وقف بعرفة بقي عليه الكثير من أعمال الحج كالمبيت بمزدلفة, وطواف الإفاضة, والسعي بين الصفا والمروة, ورمي الجمار, والمبيت في مني, ولكن المعني: أن الوقوف بعرفة لابد منه في الحج, وإن لم يقف بعرفة فلا حج له ولهذا قال أهل العلم: من فاته الوقوف فاته الحج. ويشير الدكتور اشرف فهمي مدير عام التفتيش والمتابعة بوزارة الاوقاف أن الحج عرفة لأن لهذا اليوم من أهمية كبري فأقسم الله بهذا اليوم فقال تعالي في سورة البروج وشاهد ومشهود وقول النبي صلي الله عليه وسلم مبينا أن المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة فيوم عرفة يوم تقال فيه العثرات وتجاب فيه الدعوات ويباهي الله بأهل عرفات.