كلما أتت ذكري11 سبتمبر تذكرت كلمات الرئيس الأمريكي بوش: من ليس معي فهو علي; وتذكرت كذلك تطابق فعله مع عقيدته فتلك العبارة وردت بالنص في أول كتب العهد الجديد, ويبقي فهمنا نحن للسياق الذي حدث في ذلك اليوم من عام2001 م وإدراكنا الواعي أو اللاواعي بمشاركتنا التفسير الأمريكي لتلك الأحداث رغم ما أفادت به تحليلات الواقعة وما تم نشره من كتب وتقارير وأفلام وثائقية عن الحدث إلا أننا وبسرعة البرق صدقنا مقولة أن هناك متدربي طيران يمكنهم ضرب برجي التجارة العالميين المصممين ضد ارتطام الطائرات لأنه لاح في أفق البعض أن تلك فرصة لحل بعض المشاكل الداخلية بتدويلها! ورغم أن انهيار الطوابق السفلية من البرجين( لا الطوابق التي ارتطمت بها الطائرتان) وما حام من شكوك حول الطائرة الثالثة التي ارتطمت بمبني البنتاجون وأبقت بعض جوانب المبني محل الارتطام(!) بلا احتراق, إلا أنه لم يحرك فينا ساكنا. كانت الاتهامات جاهزة قبل التحقق من أي شيء وبسرعة البرق تمت إدانتنا وبنفس السرعة وافقنا علي الإدانة بل وتحمسنا لها! القضية للمتابع لا يمكن أن تكون بهذه السذاجة ولكن من يقوي علي الاعتراض علي العم سام؟ كانت أحداث11 سبتمبر حلقة في مسلسل إسقاط عدو وصناعة آخر. ساهمت محطة الفوضي الخلاقة التي اشتهرت بها كونداليزا رايس في تفكيك الاتحاد السوفيتي ثم تلتها محطة صراع الحضارات التي اشتهر بها هنتنجتون لخلق عدو جديد وترشيحه لنا للقيام بدور العدو الجديد. في تلك الأثناء لم تكن فكرة استمرارية الصراع مع عدو وتدوير آلة الصناعة العسكرية قد اختمرت بعد, مما حدي بأرباتوف مستشار الرئيس السوفيتي جورباتشوف أن يخاطب الغرب قائلا: سنسدي إليكم أسوأ أنواع الخدمات, سنحرمكم من وجود عدو. وجود العدو علي مدار أحداث كثيرة في التاريخ أمر سهل الملاحظة وتلجأ إليه العديد من الدول لمواجهة حالات داخلية صعبة أو لتحقيق أطماع توسعية أو لاحتلال دول أخري والسيطرة علي مقدراتها, وتتعاظم متطلبات صناعة العدو حين تدخل عجلة الصناعة العسكرية الحلبة وبالذات حين تشكل تلك الصناعة أحد أهم روافد الاقتصاد, وهو ما حدث في الوضع الراهن حين جرت الولاياتالمتحدة وبريطانيا العديد من الدول لاحتلال العراق بزعم أسلحة الدمار الشامل الذي اخترعتا قصته والذي ثبت عدم وجوده باعتراف كولن باول وزير الخارجية الأمريكي والرئيس بوش نفسه ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والذي أكده تقرير تشيلكوت لعام2016 م عن حرب العراق! العجيب في الأمر أن باقي دول التحالف ضد العراق ومنها دول عربية لم تنبس ببنت شفة حول القضية. الأخطر في مسلسل صناعة العدو أن مقولة: إن من يحيا علي محاربة عدوه, من مصلحته أن يدعه يعيش; يمكن أن تفسر حالة الجمود العربي الذي نحياه علي هامش قضية فلسطين تحت الشعار القديم: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة. العجيب في الأمر أن البعض يحاول علي مستوي المنطقة استبدال العدو الجديد بآخر قديم, ولكن يبدو أن النموذج الألماني في اندماج39 كيانا متناحرا بقيادة المستشار الألماني بسمارك في القرن19, لم يتم استيعابه من البعض وطبقوا أسلوب صناعة العدو وهو ما يفسر أحداث المخاض التي تشهدها المنطقة منذ سنوات يتم فيها استبدال عدو بعدو, ولكن المثير في المسألة أن عدونا المقترح داخلي رغم أن هذا الدفع يتم بمباركة بل وبدفع خارجي. فهل يتم استيعاب الدرس الألماني أم سيصبح الدرس( الإملاء) الغربي الشرقي الذي نمارسه بمحض إرادتنا علي أنفسنا نهج حياة؟