في ظل الارتباك السياسي الذي يسود الشارع المصري بعد ثورة25 من يناير ودخول الجماعة السلفية الساحة السياسية, بالإضافة إلي موقفهم المعادي للأضرحة وزيارة القبور. بدأت تتفجر من جديد محددات الصراع بين جماعات الإسلام الدعوي, خصوصا بعد قيام شباب الجماعات السلفية بشن حملات علي مواقعهم الإلكترونية والإعلان عن موقفهم الرافض لتأويل النص الأساسي وتفسيره وفقا لمفاهيم ومعتقدات الطرق الصوفية. الأهرام المسائي طرحت القضية علي المتخصصين والمتابعين منهم لمعرفة اتجاه الصراع, خصوصا بعد صعود السلفية غير المنظمة, أو ما يطلق عليهم السلفيون الجدد, إلي مربع اللعبة السياسية.أكد عبدالحليم العزمي.. المتحدث باسم الطريقة العزمية أن نحو18 طريقة صوفية, منها الطريقة العزمية, قرروا تكوين حزب سياسي تحت مسمي حزب التحرير المصري للدفاع عن الطرق الصوفية وحمايتها من أفكار السلفية. وأوضح أن الطرق الصوفية تقابل برفض شديد من السلفيين الذين يؤكدون ضرورة إزالة الأضرحة, وعدم إقامة الموالد, لذا جاءت فكرة الحزب للدفاع عن الطرق الصوفية, وأن وجود ممثلين في البرلمان يساعد بقوة علي دعم الطرق الصوفية. ويري أن تأسيس الأحزاب الدينية يؤثر علي أمن واستقرار البلاد, مؤكدا أنها ستؤدي إلي الفتنة, لذا يطالب بتأسيس الأحزاب دون الانتماء لجماعة أو تيار إسلامي. وقال: المشكلة ليست في الدين, بل في التدين نفسه, موضحا أن الفكر الوهابي مثلا يرفض إقامة الموالد والأضرحة, وعلي الجانب الآخر تؤيد ذلك الطرق الصوفية, من هنا يأتي التعصب الديني والفتن والحراك الديني والسياسي في آن واحد بين التيارات الإسلامية, مما يضر بأمن واستقرار البلاد. وأضاف أن عدم وجود قيادات لثورة25 يناير تسبب في حراك سياسي وديني بالمجتمع المصري, ومحاولة كل حزب أو تيار أو جماعة نسبة الثورة إليهم, لذا يجب عمل ائتلاف واضح المعالم يلعب دورا في تحديد موقف كل جماعة أو تيار أو حزب من الثورة, والاتجاهات المستقبلية لضمان أمن واستقرار البلاد. وقال: الكل يركب الموجة بعد الثورة, موضحا أن هناك أحزابا وتيارات إسلامية لم تتدخل علي الإطلاق في أحداث ثورة25 يناير, وبعد نجاحها بدأوا في نسب الثورة لهم, وإصدار بيانات ولافتات بالشوارع. واتهم السلفيين بإحداث الفتنة في الشارع المصري عن طريق المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية, مؤكدا ذلك باللافتات التي علقها السلفيون بالشوارع, ونصح كل طوائف الشعب بضرورة الحفاظ علي سلامة وأمن واستقرار البلاد, والابتعاد عن هذه الأساليب الضارة. وأكد أن الفكر الوهابي كان معارضا للثورة منذ بدايتها بحجة أن التظاهر والخروج علي أحكام الحاكم مخالف للدين والشريعة, وعندما نجحت الثورة طالبوا بتطبيق الشريعة الإسلامية. وقال: إن الطرق الصوفية لاتهتم بتكوين الأحزاب, بل هدفها الرئيسي هو الاهتمام ببناء الفرد المسلم وليس القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية, مبررا فكرة إنشاء حزب سياسي لعدد من الطرق الصوفية جاء لحفظ الطرق الصوفية من أفكار السلفيين فقط. وأوضح العزمي أن اتجاهات السلفيين تأتي من خارج الحدود المصرية, وتحديدا من دولة السعودية التي لا يقطن بها قبطي واحد, موضحا أن هذه الاتجاهات تتبني تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر, وهذا يؤدي بصورة مباشرة إلي فتنة طائفية, ويجب التخلي عن ذلك ونشر ثقافة المحبة والتسامح والتعايش السلمي بغض النظر عن مسلم ومسيحي. وردا علي ذلك أكد الدكتور عبدالله شاكر رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر أن السلفيين لم يطالبوا بهدم الأضرحة أو إلغاء الموالد, لكن دعوا لإخلاص العبودية لله وحده مع احترام آل البيت. وقال: إن الإمام مالك قال: لن يصلح هذه الأمة إلا ما صلح به أولها, لذا يهدف السلفيون إلي تعظيم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم والسير علي نهج الصالحين. وأضاف أن الخلاف بين طوائف المجتمع شر كما ذكر أهل العلم, لذا يفضل الابتعاد عنه لضمان استقرار أمن وأمان البلاد. وقال: إن جماعة الدعوة أو أنصار السنة المحمدية لا يفكرون في إنشاء حزب سياسي, بل هدفهم الرئيسي إصلاح المجتمع, وإبلاغ كلمة الحق. وأضاف أنهم لا يسعون لترشيح أحد لمنصب رئاسة الجمهورية, أو مجلسي الشعب والشوري, بل سيؤيدون أصحاب البرامج الصالحة الناجحة التي تخدم المجتمع. وأوضح أن هناك نوعين من التصوف أحدهما سني والآخر بدعة علي حد قوله موضحا أن جماعة السنة المحمدية والدعوة والتبليغ يهدفون في تلك اللحظة للنصيحة فقط للرجوع إلي الله عز وجل وليس كما يعتقد الصوفية أننا نحاربهم ونعترض علي طرقهم بشكل فيه تعصب. وتمني أن تختفي المنافسة نهائيا بين الصوفية والسلفية لضمان أمن واستقرار البلاد, ويكون الحكم فيما بينهما لكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم, قائلا: إن الله عز وجل أكد ذلك في كتابه الكريم بقوله: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا. ويري أن قيام السياسة علي أسس دينية سيؤدي إلي إصلاح حال البلاد والقضاء نهائيا علي الفتن الطائفية, خاصة أن الحكم والفيصل في تلك اللحظة كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم. وعلي الجانب الآخر أكد الدكتور عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة6 أكتوبر أن إنشاء الأحزاب علي أسس دينية يهدد الوحدة الوطنية, ومخالف للدستور, موضحا أنه يجب فتح كل الأبواب أمام المواطنين لإنشاء الأحزاب السياسية, خاصة بعد أحداث ثورة25 يناير, لكن يشترط أن تكون بعيدة عن الدين. وأوضح أنه في هذه الحالة يكون الحكم للشعب لاختيار من هو مناسب, سواء كان في انتخابات مجلسي الشعب أو الشوري أو الرئاسة, وذلك حسب البرامج الانتخابية الناجحة وإمكان تحقيقها علي أرض الواقع. ويري أن الصوفية يهتمون بالدعوة والسيرة المحمدية بعيدا عن السياسة, بعكس التيارات الأخري مثل السلفيين والإخوان وأنصار السنة المحمدية الذين يخلطون بين السياسة والدين ويحرصون علي الوجود السياسي والتمثيل البرلماني وهذا خطأ. ويري أن وسائل الإعلام فتحت كل الطرق أمام جماعة الإسلام والدعوة بشكل عام دون التوقف عند نقطة معينة قد تضر بأمن البلاد, وطالب وسائل الإعلام بضرورة إدراك الخطر وعدم السماح لجماعة الإسلام والدعوة بنشر أو إذاعة كل أفكارهم. وقال: إن الدستور حدد إنشاء الأحزاب وفقا لمعايير واتجاهات معينة تحفظ سلامة وأمن الوطن, ولا أحد يعترض عليها من أجل استقرار الوطن أيضا, وتتمثل هذه المعايير في إنشاء الأحزاب بعيدا عن الدين, وذلك لعدم إحداث فتنة في المجتمع عن طريق إقصاء أحزاب معينة من الإنشاء وفقا للدستور دون غيرها, وأن الهدف الأساسي لإنشاء أي حزب هو المصلحة العامة, والعدل الاجتماعي وتحقيق الديمقراطية في الشارع المصري, بالإضافة إلي الصحة والتعليم والثقافة وغير ذلك من العلوم الاجتماعية. ويتمثل المعيار الثاني الذي يمنع إصدار الحزب أن يكون تابعا لأسس عسكرية, وذلك لضمان عدم حدوث انقلاب يضر بأمن وسلامة الوطن. وأكد أنه في حالة نشاط أحزاب وخمول أخري يؤثر علي المجتمع بشكل سلبي, لذا يفضل أن ينشط كل حزب بكامل طاقته لتحقيق صدي جيد بالمجتمع. ويري أنه في حالة كثرة الأحزاب في المجتمع تؤدي إلي زيادة التفكير عند المواطن وتفرض عليه المشاركة السياسية. وتمني أن يحترم كل حزب أو تيار أو جماعة الآخر كما يحدث في الدول الأخري, وليس الدخول في صراعات تؤثر علي الاستقرار. في غضون ذلك تري الدكتورة إجلال رأفت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن من حق أي جهة أو تيار أو جماعة إصدار الأحزاب السياسية لتحقيق الديمقراطية في الشارع المصري, لكن يشترط احترام كل منها الآخر وليس الدخول في معارك سياسية أو دينية لعدم حدوث فتنة طائفية في المجتمع. وقالت: إنه في هذه الحالة سيفرز أفراد المجتمع من هو صالح من عدمه, ومن هو قادر علي تحقيق مطالبهم أم لا في معارك سياسية أو دينية تتسبب في حدوث فتنة بالمجتمع, وقالت: للأسف كل الدول العربية تفتقد أحزابها هذه العادة الجميلة وهي احترام كل منها للآخر. وقال الدكتور يوسف البدوي عضو مجمع البحوث الإسلامية: إننا نحتاج دولة مدنية ذات طبيعة دينية وليس دولة دينية. وأوضح أنه ضد هدم أو القضاء علي تيار أو جماعة دينية لحساب أحد, بل يجب علينا احترام كل الطوائف والتيارات الدينية دون الدخول في عراك سياسي ديني لاستقرار أمن البلاد. ونصح بعدم استخدام المادة في المعارك الدينية والسياسية للتأثير علي اتجاهات المجتمع, بل يجب أن تكون البرامج الناجحة هي المقياس الوحيد لتحقق مطالب الشعب والعدالة الاجتماعية.