النظام السوري يقدم نفسه قائدا لتيار الممانعة الذي يقف إلي جانب قوي المقاومة في مواجهة قوي الاعتدال, وكان الظن ان الجماهير العربية تقف إلي جانب قوي الممانعة والمقاومة من سوريا وإيران وأحيانا قطر نفسها. تلاميذ المدارس يكتبون علي الجدران: الشعب يريد إسقاط النظام..الرئيس بشار الأسد في موقف عصيب, لأن شرعيته الرئيسية هي الممانعة والمقاومة, هي الخطاب القومي العربي, هي المواجهة مع إسرائيل. الآن, يطلق الرئيس بشار الأسد الرصاص ليس في مرتفعات الجولان المحتلة, ليس في صدور قوات الاحتلال الإسرائيلي الجاثم علي الأراضي السورية منذ عام1967. الرصاص السوري يتم إطلاقه في الاتجاه الخطأ, في الداخل وليس في الخارج, في صدور الشباب والتلاميذ والأطفال السوريين, وليس في صدور أعداء الأمة العربية. التحدي الذي يواجه بشار الأسد هو سؤال الشرعية نفسها, نظام يصحو ليكتشف ان خطابه السياسي قد سقط, وان شرعيته لم تصمد, وان استعداده للانقضاض علي شعبه السوري يفوق ألف مرة الاستعداد للانقضاض علي عدوه الإسرائيلي. المسألة السورية لا تقف عند هذا الحد, فهي تطرح الملف الكردي, وهنا سوف يتم استدعاء تركيا إلي بؤرة الأزمات وسوف ينالها نصيب منها علي حدودها وفي عقر دارها. أيضا ملف العلاقات الإيرانية السورية سوف يزداد تعقيدا, من جهة ما يجري في البحرين, وما يختص بأوضاع حزب الله, وهذا معناه تشابك وتقاطع أقواس الأزمات في الخليج وفي الشام معا. ومن جهة ثالثة فإن جماعات وحركات المقاومة الفلسطينية العلمانية والإسلامية سوف تجد نفسها أمام اختيارات صعبة, بين الدعم السوري الرسمي, والمواقف السورية الشعبية التي تتحرك علي طريق الثورة ضد النظام يوما بعد آخر. وتبقي إسرائيل حاضرة في كل هذه التقاطعات المتشابكة, وأية مغامرة إسرائيلية في غزة أو في جنوب لبنان سوف تكون غالية الثمن. في كل الأحوال الزلزال السوري سوف يكون من الصعب علي كل أطرافه: النظام والمعارضة والحلفاءالإيرانيون وحزب الله وحماس وإسرائيل وأوروبا وأمريكا.... ان تضبط إيقاعه...هو زلزال من نوع مختلف تماما ولايوجد مقياس قادر علي رصده بدقة.