في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة المالية ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة خلال الفترة من يوليو وحتي مارس2016/2015 إلي2549 مليار جنيه مقابل2183 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق عليه, أكد خبراء الاقتصاد أن الحكومة قد حددت مستهدفا لعجز الموازنة خلال العام المالي الماضي يقدر ب250 مليار جنيه. ولكن علي الرغم من ذلك فقط تخطي العجز هذا الرقم في9 أشهر ليصل إلي254 مليار جنيه, لافتين إلي أن تأخر إصدار قانون القيمة المضافة يعد أحد الأسباب وراء ذلك, وأن تكلفة خدمة الدين والتي تصل أسعار الفائدة بها إلي28% تؤدي إلي استمرار ارتفاع نسبة العجز بالموازنة. قال الدكتور هشام إبراهيم, أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة, إن تكلفة خدمة الدين تعد أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع عجز الموازنة, موضحا أن هذه التكلفة وصلت إلي284 مليار جنيه, وأسعار الفائدة باتت تصل إلي28%. وأضاف أن مشروع موازنة العام المالي الجديد قد شمل في بنوده قانون القيمة المضافة, والتي تم تحديد مستهدف لها يصل إلي30 مليار جنيه, وبالتالي فإن إقرار هذا القانون سوف يسهم بشكل أو آخر في تقليل نسبة العجز بالموازنة. وأشار إلي أن تصريحات وزير المالية عن وجود اصلاحات هيكلية تستهدف تقليل نسبة العجز في الموازنة من المؤكد أنها سوف تستهدف رفع أسعار المشتقات البترولية, لافتا إلي أن دعم بند الطاقة بموازنة العام الماضي كان60 مليار جنيه, ولكن نتيجة لتراجع أسعار النفط تم إحداث وفر وصل إلي مايقرب من نصف هذا المبلغ, ولكن مع معاودة أسعار النفط ارتفاعها مرة أخري فمن المؤكد أن هذا الرقم سوف يزيد وبالتالي سوف يتطلب ذلك زيادة أسعار الوقود. وأوضح إبراهيم أنه بالنظر إلي بند الأجور بالموازنة نجد ان قانون الخدمة المدنية قد توقف العمل به في الوقت الحالي ومازالت هناك مناقشات حوله في البرلمان, ولا ننسي أنه قد تم تحديد219 مليار جنيه في موازنة العام الماضي لهذا البند, في حين أن الموازنة الجديدة تقديراتها لبند الاجور210 مليارات جنيه. وأكد أهمية العمل علي زيادة الايرادت خاصة فيما يتعلق بالايرادات الضريبيةعلي وجه الخصوص لما ستمثله هذه الايرادات من تقليل نسبةالعجز بالموازنة. من جانبه قال الدكتور إبراهيم المصري, استاذ الاقتصاد والعميد الأسبق لكلية الادارة بأكاديمية السادات, إنه علي الرغم من وضع مستهدفات لنسبة العجز في الموازنة العامة, إلا أن هذه المستهدفات لم تتحقق, ودائما ماكانت الأرقام تأتي أكبر من المستهدفات التي تحددها الحكومة. وأشار إلي أن تقرير وزارة الماليةقد تحدث عن وجود زيادة في إجمالي حجم الإيردات بنسبة بلغت3.2%, مرجعا ذلك لزيادة الإيرادات الضريبية بنحو3.7% لتسجل212.4 مليار جنيه خلال هذه الفترة, فهذا بالطبع أمر جيد, إلا أنه ستظل معدلات نمو الإيرادات الضريبية أقل من المستهدفات المطلوبة التي وضعتها الحكومة من قبل, خاصة في ظل تأخر إصدار قانون القيمة المضافة. وأوضح انه حتي الآن لا توجد اي أساليب جديدة في آليات تنمية الإيرادات, ولم يتم اللجوء إلي أدوات وطرق مستحدثة لجذب إيرادات غير ضريبية جديدة أو اللجوء إلي إعادة هيكلة منظومة الضرائب لزيادة المحقق منها. وفي السياق ذاته قال الدكتور قاسم منصور, مدير المركز الاقتصادي المصري, إن ارتفاع مؤشرات عجز الموازنة طبقا لما أعلنته وزارة المالية خلال فترة ال9 أشهر من الموازنة أنه كان من المفترض طبقا للمستهدف الذي حددته الحكومة ان يكون عجز الموازنة مع نهاية العام المالي الماضي250 مليارا, ولكن خلال فترة9 شهور تخطي حجم العجز بالموازنة هذا الرقم ليصل الي254 مليارا, مما يعني انه مع نهاية العام المالي سوف يرتفع هذا الرقم أكثر من ذلك. وأشار إلي أنه بالنظر الي الجهود المبذولة لزيادة حجم الإيرادات, إلا أنها لا تزال تعد ضعيفة, فضلا عن ان تقليل حجم الإنفاق مازال غير واضح المعالم, مشيرا إلي أنه بالنظر إلي نسبة العجز بالموازنة طبقا للارقام الفعلية نجد انها تزيد كثيرا علي المستهدفات التي تم تحديدها من قبل. ولفت إلي أهمية أن تدخل جميع موارد الدولة في جهة واحدة وهي خزانة الدولة, ومن ثم يتم توجيه بنود الصرف منها بعد ذلك, مؤكدا أن دخول جميع التدفقات النقدية الي خزانة الدولة سوف يسهم في معرفة حجم الإيرادات بشكل ادق. وأوضح أنه مع استمرار المعاناة سواء فيما يتعلق بالدين الداخلي والخارجي وتكلفة خدمة هذا الدين, سوف تستمر معه الزيادة في عجز الموازنة, فضلا عن ارتفاع أسعار النفط التي قد تؤدي إلي رفع اسعار الدعم عن الوقود وبالتالي فسوف يتحمل تبعية ذلك المواطن البسيط, مؤكدا ان الحل الوحيد لتراجع نسبة العجز بالموازنة هو العمل علي زيادة الانتاج. وأكد ان الاصلاحات الهيكلية التي تحدث عنها وزير المالية لتقليل نسبة العجز بالموازنة, لابد ان تمس الدعم وبالتالي فسوف يؤثر ذلك علي المواطن بشكل مباشر خاصة فيما يتعلق بكافة السلع والخدمات.