تستهدف الموازنة الجديدة للدولة للسنة المالية 2016 - 2017، والتي اعتمدها مجلس الوزراء، تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5.5%، والوصول بالناتج المحلي الإجمالي إلى 3.3 تريليون جنيه، وجذب استثمارات بقيمة 530 مليار جنيه لتحقيق هذا الهدف بزيادة قدرها 16.5%، وفق ما قال أشرف العربي وزير التخطيط. فيما أوضح عمرو الجارحي وزير المالية أن الموازنة الجديدة رجحت أن يصل العجز في الموازنة إلى 9.9%، مضيفا أن الحكومة تتوقع جني إيرادات قدرها 627 مليار جنيه من بينها 434 ملياراً من الضرائب، ومشيرا إلى أن إجمالي الإيرادات في السنة المالية الحالية بلغ 520 مليار جنيه، فيما تخطط الحكومة لإنفاق 936 مليار جنيه في 2016 - 2017 مقارنة ب829 ملياراً في 2015-2016. فهل ستتمكن الحكومة من تحقيق أهدافها الاقتصادية؟ لا سيما بعد فشلها في تحقيق مستهدفات العام الماضي، عندما رجحت الوصول بنسبة النمو إلى 5% ثم عادت منذ أسابيع لتخفض توقعاتها إلى ما بين 3.8% إلى 4.5%، وكذلك عجز الموازنة الذي استهدفته عند 8.9% قبل أن تراجعه إلى 11.5%. زيادة محدودة في الأجور شهد بند الأجور في موازنة العام المقبل، زيادة محدودة مقارنة بالعام المالي الحالي، وبلغ نحو 228 مليار جنيه مقابل 218 مليار جنيه. ويرى زياد وليد محلل الاقتصاد الكلي في «بلتون فايننشال» أن هذا الأمر إيجابي حيث يمثل بند الأجور ثاني أكبر عبء على موازنة الدولة، بعد خدمة الدين، لكنه يعتقد إن هذا الرقم لن يتحقق بدون تطبيق قانون الخدمة المدنية. وأضاف أن هذا الرقم أيضا قد يساعد في حصول مصر على قروض من المؤسسات الدولية، مثل البنك وصندوق النقد الدوليين، حيث إن البنك كان قد طلب خفض نسبة الأجور في الموازنة من إجمالي المصروفات من 8.2% في العام المالي 2014-2015 إلى 7.5% في العام المالي 2016-2017 حتى تحصل مصر على قرض ال3 مليارات دولار. نمو صعب التحقق أشارت خطة الموازنة التي أقرتها الحكومة، وتنتظر العرض على مجلس النواب، إلى استهداف معدل نمو بنسبة 5.5%، الأمر الذي يراه «وليد» "صعب جدا تحقيقه في ظل الظروف الحالية". وتوقع ألا يتجاوز النمو 4.2%، وحتى يتحقق ذلك يجب أن تكون هناك استثمارات كبيرة من القطاع الخاص. "في هيرمس.. نتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.1% خلال العام المالي المقبل"، يقول محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار هيرمس، مشيرا إلى توقع تحسن تدريجي في زيادة معدلات السيولة في النقد الأجنبي "أي انفراجة لأزمة السياحة ستدفعنا لرفع توقعاتنا للنمو الاقتصادي". وتعد مشكلة توفر الدولار من أكبر معوقات الاستثمار في الوقت الراهن، وفق ما يراه «وليد»، مشيرا إلى أن السياسة النقدية المتبعة من قبل البنك المركزي تسير حاليا في الإتجاه الصحيح وستساعد في علاج مشكلة توفير الدولار. وقال المركزي إنه يتبع سياسة مرنة، بعد قيامه بخفض قيمة العملة المحلية بنسبة 14.5% مقابل الدولار منذ أسبوعين. ويضيف «أبو باشا»، أن المستهدف الحكومي فيما يتعلق بمعدل النمو الاقتصادي، يوحي بأنها تتوقع عودة نشاط السياحة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى تحسن ملحوظ في أزمة السيولة النقدية، مشيرا إلى أن الحكومة توقعت زيادة معدلات الاستثمارات الحكومية خلال العام المالي المقبل بنسبة كبيرة، "الحكومة رفعت حجم استثماراتها خلال مشروع الموازنة بأعلى نسبة خلال الأعوام العشرة الماضية". عجز موازنة عنيد تستهدف الموازنة عجزا بنسبة 9.9% مقارنة ب8.9% مستهدفة في العام المالي الحالي و11.5 متوقع تحقيقها، وفقا لوزيري المالية السابق هاني قدري، والتخطيط أشرف العربي. ويرى «وليد» أن هذه النسبة أيضا صعب تحقيقها متوقعا أن تتجاوز 11%، وقال إن هناك انخفاض (نسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي) في الإيرادات الضريبية بداية من العام الحالي بعد خفض الضرائب من 30% إلى 22.5%، إضافة إلى أن المساعدات الخليجية "في صورة منح لا ترد" أصبحت ضئيلة للغاية. "تحقيق نسبة العجز المستهدف في مشروع موازنة العام المالي المقبل مشروط بتطبيق إصلاحات مالية على رأسها قانون ضريبة القيمة المضافة"، يقول محمد أبو باشا، مشيرا إلى أن الزيادة المحدودة في الأجور وانخفاض أسعار الطاقة سيساهما في الحد من الزيادة في الإنفاق. واتفق معه زياد وليد، مضيفا أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة قد يساهم في زيادة الايرادات وتقليل عجز الموازنة وأيضا خفض دعم المنتجات البترولية، ومع ذلك ينصح وليد بتطبيق هذا الخفض في الدعم في العام المالي المقبل حتى لا تخلق موجة تضخمية كبيرة، مشيرا إلى أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة إضافة إلى خفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار سيساهم في زيادة التضخم. كان هاني قدري قد أشار إلى أن القيمة المضافة ستساهم في زيادة الأسعار بنسب تتراوح بين 2% و3%. وتوقعت الحكومة حصيلة لهذه الضريبة بنحو 30 مليار جنيه، لكن لم يتم تطبيقها حتى الآن، ومن المنتظر عرضها على مجلس الشعب قريبا. وقال «وليد» إن رفع سعر الدولار بنسبة 14.5% يعني زيادة تكلفة دعم المشتقات البترولية بنفس النسبة.