أنا زوجة في الأربعينيات من عمري وأم لأبناء في سن الشباب كانوا ومازالوا هم أهم شيء في حياتي, حرصت علي تربيتهم تربية سليمة وأعطيتهم الحنان والرعاية طيلة مراحل حياتهم, منذ عدة سنوات لاحظت علي ابنتي التي تبلغ الآن الخامسة عشر من عمرها سلوكيات غريبة تتمثل في الغموض والكذب والميل للفت انتباه الذكور بطريقة مبالغ فيها, في البداية فسرت هذه التصرفات بالمراهقة المبكرة لكن قلبي كان يحدثني بغير ذلك خاصة عندما بدأت ابنتي تدخل في نوبات بكاء غير مبررة فحاولت التقرب منها والإلحاح عليها لتخبرني بما تكتمه حتي صارحتني ذات يوم بما لا تتحمل أم أن تسمعه. صارحتني ابنتي أن أحد معارفنا وهو والد لأطفال كانوا في مثل عمرها قد تحرش بها وهي في الخامسة من عمرها, ولأنه كان محل ثقتنا وكثيرا ما كنا نتبادل رعاية الصغار فقد تكرر التحرش أكثر من مرة, وروت لي ابنتي تفاصيل مشاهد التحرش الذي حفره في ذهنها وهو أقرب إلي الاغتصاب الكامل, فاحتضنت ابنتي وأسرعت بها إلي طبيبة نفسية, والتي طمأنتني وخففت من الصدمة التي شعرت بها وأجرت لابنتي عدة جلسات نفسية لكنني لم أشعر بأنها قد أفادتها, فمازالت ابنتي تمارس سلوكياتها الخاطئة نفسها, وكلما حاولت تقويمها نظرت لي نظرة تذكرني بها بما حدث وتلومني دون أن تنطق. والآن يا سيدي لم أعد أعرف كيف أتعامل مع ابنتي؟ وكيف أجنبها المزيد من تبعات هذا الحادث الأليم.. فهل تساعدني؟. سيدتي المكلومة كم أنا متعاطف معك في مصابك الذي هو مصاب كثيرا من الأسر! وبقدر تعاطفي فأنا أيضا غاضب منك لسببين أولهما عدم تطبيقك المعايير السليمة فيما يخص حضانة الأطفال ورعايتهم, فتركت طفلتك مع شخص معدوم الضمير مثل هذا الإبليس الذي يجب أن يحاكم قضائيا علي فعلته التي دمر بها نفسيتها وهي مازالت في عمر الزهور المتفتحة, وثانيهما عدم تنشئتها وتهيئتها جنسيا منذ نعومة أظافرها وتوعيتها بكيفية التصرف في مواجهة مثل هذا الحيوان الآدمي, فقد وقعت في خطأين شائعين تقع فيهما معظم الأمهات هنا: الاعتقاد أن الموضوعات المتعلقة بالجنس مخيفة ومقلقة ومرفوضة وبالتالي التهرب من مناقشتها مع الأبناء مما يزيد من رغبتهم في معرفتها فيلجأون إلي من هم في مثل أعمارهم, أو يحاولون استكشاف الفروق الجنسية بينهم وبين أخوتهم أو زملائهم, والخطأ الثاني هو اختزال العملية الجنسية في عملية الإنجاب وإلا أصبحت مرادفا للأفعال المشينة والمخجلة كأنها معصية, ونتيجة هذه الأخطاء يكبر الأبناء مع شعور بالخجل من التحدث في الموضوعات الجنسية أو حتي الإشارة لها أولا مع آبائهم وأمهاتهم ثم بعد ذلك أزواجهم مما يسبب لهم حالة من اللا إشباع واللا رضي. سيدتي قدمي لابنتك مزيدا من الاحتضان والتقرب, ولا تعنفيها, فهي من داخلها مرعوبة أصلا وهذا هو سبب بكائها المستمر. اتخذي كل الاجراءات اللازمة لتقديم هذا الإبليس للقضاء ولا تقفي مكتوفة الأيدي بدعوي خوفك من الفضيحة, فهذا الفعل سيجعل ابنتك تتحسن لأنها ستسترد إيمانها بالعدل وستشعر بالأمان لأنها أخذت حقها. ابدأي في التحدث معها عن كل الأمور التي تشغل بالها مثال: هل سأستطيع الزواج والإنجاب مثل الأخريات اللاتي لم يتعرضن لمثل هذا الفعل؟. هل أخطأت أمام الله باستسلامي لهذا الإبليس؟. هل أنا مختلفة عن باقي زميلاتي؟ وهذا يبرر رغبتها في عمل علاقات مع الأولاد بشكل مبالغ فيه. أشعريها بالاطمئنان لتحكي لك كل التفاصيل التي تتذكرها عن الحادث وستكون هناك فراغات في ذاكرتها املأيها بمعلومات حقيقية عن أنها سليمة بدنيا وتستطيع مواصلة حياتها بشكل طبيعي. جزء من الفراغات يجب أن يملأ بمعلومات جنسية عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة ومعني اللذة الحسية المصاحبة للعلاقة ويمكنك الاستعانة بكتابي( أسئلة محرجة جدا للأطفال). الانتقال بعد ذلك إلي تأصيل القيم الإنساني في عقل ووجدان ابنتك مثل الصدق والاستقامة وبتثبيت هذه القيم ستستطيع أن تثق في الآخرين مرة أخري. تقديم شخص من العائلة متدين وعلي خلق يكون في نفس سن المتحرش, ليكون مثالا عكسيا له, فتطمئني أن ماحدث لها استثناء. شجعيها علي ممارسة الرياضة, اعطيها مسئولية في مصروف البيت, دعيها تشتري ملابسها بنفسها لتتجرأ علي العالم الخارجي. وأنا علي استعداد كامل لاستضافة ابنتك في مركزي الخاص وتقديم جميعالجلسات لها بالمجان.