إن حالة الانقسام الموجودة بالنخبة المصرية حول موضوع جزيرتي تيران وصنافير لمحزنة ومخجلة وإن كانت الأغلبية مؤيدة لقرار رد الحق لأصحابه ولكن تفاعلهم ضعيف وسلبي بعكس غير المؤيدين للقرار رغم قلتهم مما اظهر صوتهم العالي علي الساحة. فمن مظاهرات الي اعتصامات الي التوجه للمحكمة أما غالبية الشعب فهو يريد ان يفهم ويعرف قانونية المشكلة او الموضوع حتي الآن وكلما توصل الي قدر من العلم يتم التشويش عليه من الأطراف المعارضة حتي صدر حكم المحكمة الإدارية فرجع الي نقطة البداية مرة أخري والحكومة المصرية تقف متفرجة وتنتظر قرار مجلس النواب بعد ان أحيل اليه الموضوع من رئيس الجمهورية كل ذلك علي الجبهة المصرية من تفاعلات إيجابية وسلبية وزيادة في التطرف من فقراء الفهم والوعي والعلوم المرتبطة بالأمن القومي والإستراتيجية القومية من بعض المعارضين لإظهار الوطنية الزائدة يعلنون لا عودة للجزيرتين الي السعودية الا بالتحكيم الدولي حتي ولو كانتا من حقها فهل هذا منطق الأخوة والدين أو حتي لحساب الظروف والموقف الإستراتيجي المتأزم للعرب من نتاج مشروع الشرق الأوسط الكبير( التهديد الأكبر للعرب) والذي يحتم علينا الاتحاد معا كدول عربية وخاصة مصر والمملكة العربية السعودية وليس التفرقة والذهاب الي التحكيم الدولي لإظهار عجزنا عن إيجاد الحل والوفاق بيننا وعدم تقدير الموقف بخسائره او مكاسبه المنتظرة بعد الحكم. أكرر كل تلك الأحداث علي الساحة المصرية ولم تنظر الجهة المعارضة للموقف علي ساحة المملكة التي تلتزم الصمت حتي الآن فماذا لو استجابت المملكة لنداء التحكيم الدولي الذي يطالب به المعارضون قصار النظر عندنا؟ لذا جد لزاما علي أن أعرض علي حضراتكم جميعا مؤيدين ومعارضين ما سيسفر عنه التحكيم الدولي وهو ليس تنجيما ولا تخمينا ولكن من دراسة موقف مشابه تماما وفي نفس المنطقة وهي البحر الأحمر ولكن في مدخله الجنوبي مضيق باب المندب وكان التحكيم الدولي بين اليمن واريتريا في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي بخصوص ملكية جزيرة حنيش التي تتحكم في المدخل الشمالي لمضيق باب المندب فالمسافة بين الساحل اليمني وجزيرة حنيش نحو75 كم والمسافة بين الجزيرة والساحل الاريتري حوالي35 كم والممر الملاحي وبه اكبر عمق في البحر الأحمر يبعد عن الجزيرة10 كم لجهة الغرب كما يبعد عن الساحل الاريتري25 كم وهنا ظنت اريتريا ان جزيرة حنيش مادامت تقع اقرب لها من اليمن فتكون ملكا لها وقامت اريتريا باحتلالها, وأعلنت سيادتها علي الجزيرة وانها من حقها وذلك في سبتمبر1997 بعد قتال اسفر عن قتلي وجرحي في الجانبين وأسري يمنيين لدي اريتريا وفي رد فعل معاكس اتجهت اليمن الي الأممالمتحدة طالبة التحكيم الدولي وتحددت لجنة خبراء دوليين وقامت بدراسة الموضوع وكانت نتائج الدراسة كالآتي: 1- تم ترسيم قاع البحر بعد تحديد أكبر عمق في المنطقة والذي وصل حتي واحد كيلومتر ويقع غرب جزيرة حنيش بمسافة عشرة كم أي علي مسافة85 كم من الساحل اليمني وعن الساحل الارتيري بمسافة25 كم وتم رسم تدرج الشاطيء الشرقي للبحر الأحمر من أعمق نقطة في مجري الممر البحري الي الشاطيء اليمني وكذلك الي الساحل الارتيري وتحديد ارتباط الجزر بأي شاطيء منهما ووجدت الجزيرة المتنازع عليها وهي جزيرة حنيش مرتبطة بجذورها مع الشاطيء الشرقي للبحر الاحمر أي في اتجاه اليمن وتم الحكم في عام1998 بأحقية اليمن بملكية الجزيرة رغم انها تبعد بمسافة اكبر من المسافة بينها وبين ارتيريا وتم انسحاب القوات الارتيرية من جزيرة حنيش المتنازع عليها وسلمت الي اليمن في نوفمبر.1998 2- هذا الحكم أقر مبدأ أن الملكية للجزر المتنازع عليها بين دولتين او اكثر يأتي من الشواطيء لكل من المشتركين في النزاع أي يتم بترسيم قاع البحر من أعمق نقطة في منطقة النزاع الي شواطيء المتنازعين وليس من اقتسام سطح البحر بينهم. عند بحث موضوع جزيرتي تيران وصنافير بواسطة لجنة تحكيم دولية من المؤكد أنها ستتبع ما تم في مشكلة جزيرة حنيش حيث نجد أن المسافة بين جزيرة تيران المطلة علي الضفة الشرقية للمضيق وعن الممر الملاحي وعمقه حتي400 متر هي5 كم وعن رأس نصراني وهي الضفة الغربية للمضيق علي الشاطيء المصري هي8 كم والمسافة بين رأس نصراني والممر الملاحي3 كم( اي ان الممر الملاحي يقع في المياه المصرية) كما ان المسافة بين الشاطيء السعودي والشاطيء المصري في تلك المنطقة حوالي18 كم تقريبا. عند ترسيم تدرج الشاطئ الشرقي لمدخل خليج العقبة من أعمق نقطة في الممر الملاحي وهي400 متر في اتجاه الشاطيء السعودي وكذلك تدرج الشاطيء الغربي في اتجاه رأس نصران علي الشاطيء المصري سنجد أن جزيرتي تيران وصنافير جذورهما مرتبطان بالشاطيء الشرقي لمدخل خليج العقبة اي بالشاطيء السعودي ولو تم تطبيق قاعدة الحكم الدولي في قضية ومشكلة جزيرة حنيش في النزاع اليمني الارتيري سنجد الحكم سيصدر لصالح المملكة العربية السعودية. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا