الزكاة فريضة من فرائض الإسلام وهي أحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة, فهي تعمل علي تزكية النفس وتطهيرها وتعطي دفعة نفسية أكبر للفرد تجعله قادرا علي مواجهة مصاعب الحياة, كما أنهاعلاج نفسي للفرد وعلاج اجتماعي للفقر, إلي جانب ذلك تضمن التعاون الاجتماعي بين أفراد المجتمع لأن الإنسان المصاب والمحتاج لن يترك وحده في وقت محنته. كما أنها كانت في العصور الإسلامية الماضية أول مؤسسة للضمان الاجتماعي, وهي ركن من الاركان التي بني عليها الاسلام وشعيرة من شعائره, هي عبادة مالية يتقرب بها العبد الي خالقه, قد شرعت في الاديان السابقة, قال تعالي علي لسان عيسي عليه السلام( وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) مريم.31 والزكاة تعني النماء والبركة والتطهير فهي نماء للمال وزيادته قال تعالي( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم)البقرة.261 وقال صلي الله عليه وسلم( ثلاثة أقسم عليهن, وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة, ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها, إلا زاده الله بها عزا, ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر) وكان بعض السلف لما يأتيهم الذين يطلبون المال كانوا يقولون يا مرحبا بمن ينقل أموالنا من دار إلي دار, فالمال الذي تدفعه يزيد, فهو ينتقل من هذه الدار الفانية إلي الدار الباقية,.واما التطهير فانها طهرة للنفس من رذيلة البخل والشح وتقي البدن من الامراض والآفات وقوله ايضا صلي الله عليه وسلم( صنائع المعروف تقي مصارع السوء). فوائدها من فوائد الزكاة انها شكر لنعمة الله فهي بمثابة الاعتراف بالجميل, اعتراف العبد بفضل الله عليه واحسانه اليه فكل ما رزق به العبد فضل من الله عليه فهو الذي يسر له السبل وهو الذي هداه لهذا الطريق لتحصيل الرزق وهو الذي انبت له الزرع, فنجد ان العبادات البدنية شكر لنعمة البدن والمالية شكر لنعمة المال, ومن الفوائد ايضا علاج القلب من حب الدنيا وحب المال, فاقتضت حكمة الله تكليف مالك المال باخراج جزء منه من يده يعطيه للفقير ليسير كسرا لهذا الحب الشديد وذاك الميل للمال قال تعالي( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) العنكبوت69 ومنها ايضا ان اخراج الزكاة تجلب المحبة بين الناس فالنفس مطبوعة علي حب من احسن اليه فاذا اعطي الغني من ماله للفقير فانه يغرس فيهم رباط الحب والود والاخوة وهو رباط متين فان الناس اذا علموا ان إنسانا يسعي الي نفعهم ودفع الضر عنهم قال تعالي( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاءحلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال17 الرعد ومنها ايضا انها تزكي شخصية الغني فالانسان الذي يسدي الخير ويصنع المعروف ويساعد اخوانه في الدين والانسانية فانه ينتصر علي اثرته وحب ذاته وشحه وهواه وشيطانه, ومن الفوئد طهارة المال فان تعلق حق الغير بالمال يجعله ملوثا لا يطهر الا باخراجه منه قال النبي اذا اديت زكاة مالك فقد اذهبت عنك شره. لأهميتها.. قرنها الله تعالي بالصلاة في أكثر من80 موضعا ولاهمية الزكاة فإن الله قرن بينها وبين الصلاة في اكثر من80 موضعا وذلك لانها هي الفيصل بين الاسلام والكفر والنفاق والايمان وبين التقوي والفجور, فبغير الزكاة لا يدخل ضمن المؤمنين الذين كتب الله لهم الفلاح, وضمن لهم ميراث الفردوس, وجعل لهم الهدي والبشري, قال تعالي( قد أفلح المؤمنون(1) الذين هم في صلاتهم خاشعون(2) والذين هم عن اللغو معرضون(3) والذين هم للزكاة فاعلون(4)) المؤمنون, وقال تعالي( هدي وبشري للمؤمنين(2) الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون(3( سورة النمل ومن اهميتها ايضا ان ابا بكر قال لمن تردد من الصحابة وامتنعوا عن اداء الزكاة والله لاقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة وقد وصف القرآن من امتنع عن اداء الزكاة انه من المشركين قال تعالي( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين(6) الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون(7) سورة فصلت, وقد توعد الله بالعقوبة الشديدة في الدنيا والاخرة قال تعالي( يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم* يوم يحمي عليها في نار جهنم فتكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) التوبة34 و35, هذه الآية في الاخرة اما في الدنيا( عن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا رسول الله فقال:( يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتي يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم). حكمة مشروعيتها لم تشرع الزكاة للتضييق علي اصحاب الاموال او مزاحمة الفقراء للاغنياء في ممتلكاتهم وانما شرعت لحكمة ثانية وفوائد تعود علي الفرد والمجتمع, ومن هذه الحكم مساعدة الضعفاء ومواساة الفقراء ومعونة ذوي الحاجات, وفي هذا ما يدل علي ان الاسلام حافظ علي الفقير والغني فلا ينظر الفقير بعين البغض والحسد والحقد للغني فيؤدي الي التقاطع باخذ اموال الناس بالباطل وذلك اذا لم تشرع الزكاة. علاج للفقر قامت الشريعة الاسلامية علي العدل والرحمة ففي الوقت الذي أمر فيه سبحانه وتعالي بالعدل الذي هو وضع كل شيء في نصابه أمر أيضا بالإحسان الذي يقوم علي التسامح والتغاضي عن جزء من الحق حتي يعم التراحم والتكامل والتكافل بين افراد الأمة فقيمة التكافل تتمثل في حقوق الجيران والأقارب والمحتاجين علي الأغنياء حيث أكدت الشريعة الاسلامية أن حق الفقراء في أموال الأغنياء دون فضل لهم علي الفقراء فهو حق معلوم يسعي الغني لتقديمه الي الفقراء والمحتاجين ولو لم يدفعه كأنه لم يقم ركنا من أركان الاسلام, علاوة علي أن ما يترتب علي عدم أداء هذه الفريضة من أحقاد وارتكاب جرائم تهز المجتمع فجعل الاسلام في مال الغني حقا معلوما للفقراء حتي يستطيع المجتمع التغلب علي مشكلاته ويسود الحب بين أبناء المجتمع, وإذا أدي كل فرد ما عليه من زكاة فلن يحتاج المجتمع لأي معونة من أي جهة كانت ولن يحدث عجز في موازنة الدولة كما هو الحال. ما نقص مال من صدقة الزكاة تتعلق بعين المال لا بذمة الغني وان عين المال مهدد بالنقص او الهلاك بل ان مال الامة كلها مهدد بالنقص ويعرض لآفات السماء التي تضر بالانتاج العام وتهبط بالدخل القومي وذلك الاثر من سخط الله علي قوم لم يتكافلوا ولم يتعاونوا ولم يحمل القوي الضعيف والغني الفقير وفي الحديث ما منع قوم الزكاة الا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروافعدم تطهير مال الفرد والجماعة من اسباب النقص والمحق والهلاك والآفات والامراض ولا يكون التطهير الا بأداء حق الله وحق الفقير وهذا الحق هو الزكاة, والمقصود من تطهير الزكاة للمال وبركته انما هو المال الحلال الذي وصل الي يدي أصحابه من طريق مشروع اما المال الخبيث الذي جاء عن طريق النهب او السلب او الغصب او الرشوة او استغلال المنصب او الربا والقمار او نوع من انواع اكل اموال الناس بالباطل فهذا النوع من المال لا تطهره الزكاة ولا تؤثر فيه, قال النبي صلي الله عليه وسلم( والذي نفسي بيده لايكسب عبدا مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولايتصدق فيقبل منه ولايتركه خلف ظهره الا كان زاده الي النار).