كان النبي- صلي الله عليه وسلم- مرهف الحس فياض العاطفة رقيق الشعور عظيم الرحمة وقد حفظت لنا كتب السير والسنن مواقف مختلفة مرت به- صلي الله عليه وسلم فاهتزت لها مشاعره وتأثر بها وجدانه فيحزن قلبه وتدمع عيناه ويبكي. عن معاذ بن رفاعة عن أبيه قال:قام أبو بكر الصديق علي المنبر ثم بكي فقال قام رسول الله- صلي الله عليه وسلم- العام الأول علي المنبر ثم بكي فقال اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية رواه الترمذي قام أبو بكر- رضي الله عنه- خطيبا علي منبر رسول الله- صلي الله عليه وسلم- وهو خليفة للمسلمين وعندما أراد أن يحدث بما سمع من رسول الله- صلي الله عليه وسلم- في مثل هذا المقام بكي متأثرا ببكاء رسول الله- صلي الله عليه وسلم- نفسه بين يدي خطبته في أمته في هذا المقام فلقد وقف النبي- صلي الله عليه وسلم- علي منبره واعظا أمته ناصحا لها فاهتزت مشاعره وتأثر وجدانه وهنا بكي النبي- صلي الله عليه وسلم- قيل لأنه علم وقوع أمته في الفتن وغلبة الشهوة عليهم والحرص علي جمع المال وتحصيل الجاه فأمرهم بطلب العفو والعافية ليعصمهم من الفتن والعفو معناه التجاوزعن الذنب وترك العقاب وقيل في معني العافية إنها السلامة في الدين من الفتنة وفي البدن من سيئ الأسقام وشدة المحنة ولا شك أن هذا الدعاء من جوامع كلمه- صلي الله عليه وسلم- فهي دعوة جامعة وشاملة للوقاية من الشرور كلها في الدنيا والآخرة فالعافية لا يعادلها شيء فمن أعطي العافية في الدنيا والأخرة فقد كمل نصيبه من الخير وما سئل الله سؤالا أحب إليه من سؤال العافية لذلك كان من دعائه- صلي الله عليه وسلم- حين يمسي وحين يصبح اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي رواه أبو داود- وكان يأمر أصحابه دائما بالدعاء بالعافية فعن العباس بن عبد المطلب- رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله قال سل الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة رواه الترمذي- وقد أرشد النبي- صلي الله عليه وسلم- الرجل الذي سأل الله تعجيل العقوبة له في الدنيا إلي أن الأولي والأفضل له كان سؤال الله العافية فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أن النبي- صلي الله عليه وسلم- عاد رجلا قد جهد حتي صار مثل الفرخ فقال له أما كنت تدعو أما كنت تسأل ربك العافية قال كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال النبي- صلي الله عليه- وسلم سبحان الله إنك لا تطيقه أو لا تستطيعه أفلا كنت تقول اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار رواه الترمذي- فعليك أخي المسلم بسؤال الله العفو والعافية والمحافظة علي طلبها في الصباح والمساء.