سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخطاب الديني.. مفهوم ضائع أحمد عمر هاشم: الحكمة تقتضي البرهان والدليل والموعظة الحسنة
محمد الطيب: الدين ليس الدعوة لإقامة الفرائض فقط ولكنه المنهج في معاملة الناس
بينما يتردد منذ سنوات شعار تجديد الخطاب الديني باعتباره ضرورة حتمية بعدما أصاب الدعوة الكثير من الضعف الذي نتج عنه أمراض التطرف والتعصب والتشدد التي أصابت المجتمعات الإسلامية كان لابد من الاجابة عن تساؤل أولي حول من أهل لحمل لواء التجديد الآن؟. يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر الأسبق إن التجديد في الإسلام نوعان: أولهما تجديد في الاجتهاد في الأحكام والثاني هو تجديد الخطاب الديني, مشيرا إلي أن الأول لابد فيه من مجددين فقهاء علماء علي مستوي عال يستطيعون أن يصدروا الأحكام الفقهية بالقياس والاستنباط من الأدلة الشرعية, أما تجديد الخطاب الديني فهو مخاطبة الناس في الدين بما يتناسب معهم أي بما يخاطبوننا به ويفهمونه, فمثلا أهل البرهان تكون مخاطبتهم بالحكمة والعامة تكون مخاطبتهم بالموعظة الحسنة, أما المعارضون فتكون مخاطبتهم بالمجادلة والمناقشة حيث يقول الله عز وجل في محكم آياته ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. ويوضح أحمد عمر هاشم أن الحكمة تقتضي البرهان والدليل والموعظة الحسنة تقتضي اللين في المخاطبة حيث يقول ربنا جل وعلا فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي, مضيفا أنه فيما يتعلق بالاجتهاد الفقهي فهذا له أربابه وأهله من علماء القرآن والسنة النبوية المطهرة. ومن جانبه يقول الدكتور محمد الطيب عميد كلية الدراسات الإسلامية سابقا إنه ضاع عند المسلمين مفهوم الخطاب الديني للشريعة الإسلامية فاختلف القائمون علي الدعوة كيف يكون تجديد الخطاب الديني, ولنفهم جميعا أمرا واحدا أن المفهوم الضائع للخطاب الديني هو إدراك قاعدة أن الإسلام قبل أن يكون عبادة فهو عمل, فالشريعة الإسلامية كما الشرائع السابقة قامت علي قاعدة أساسية, وهي عبادة الله عز وجل أتبعها قاعدة ضاعت منا جميعا, وهي إدراك أن أساس الدين هو العمل قبل أداء الفرائض فظن القائمون علي الدعوة أن الدين هو دعوة الناس لإقامة الفرائض, مضيفا أنه ما من خطيب إلا ويكون منهج دعوته بيان الفرائض التي فرضها سبحانه وتعالي علي الأمة بعد الشهادتين ونسوا أو تناسوا أن الفرائض أمر معلوم لكل إنسان والذي ضاع منه وضاع منا جميعا هو العمل بمفهوم هذه القواعد التي دعا إليها الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام فأدخلوا الناس في دائرة واحدة, وهي أن من صلي وصام وزكي فقد أدي ما عليه لربه وليفعل في مجتمعه ما يشاء ونسوا أو تناسوا أن الأساس في كل دين وكل شريعة من شرائع الله عز وجل منهج الناس في معاملة الناس فلا صلاة ولا زكاة ولا صوم لمعتد وإن كان صواما قواما حتي وإن كان اعتداؤه علي حجر في طريق أو علي حيوان في خلاء فإنه في هذه الساعة يعد عند الله سبحانه معتديا فاسدا والله لا يحب الفاسدين حتي وإن كانوا صوامين قوامين. ويوضح الطيب أن التجديد يحتاج إلي أن نفهم الناس أننا مطالبون بحسن معاملة الناس قبل أن نكون مطالبين بتأدية الفرائض التي فرضها الله عز وجل علينا لكن الناس من منهج الخطباء فهموا الدين خطأ صلاة فركعات فتسبيح ونسوا أو تناسوا أن الدين في أساسه حسن معاملة المسلم لخلق الله قاطبه بلا استثناء فهو مطالب عند الله عز وجل بأن يحسن معاملة من كل علي دينه ومن كان مخالفا, من كان متفقا معه في الرأي ومن كان مختلفا صغيرا كان أو كبيرا ثم يطالب المسلم بعد ذلك أن يكون محسنا لمجتمعه ووطنه الذي يعيش فوق أرضه فالشريعة جعلت قاعدة للمسلم أنه مطالب بحفظ الوطن الذي يعيش فيه حتي وإن كان ليس وطنه الذي ولد فيه. ويضيف الطيب: نحتاج جميعا إي أن نفهم الناس أمرا أن الدين الإسلامي دعا بوحدانية الله عز وجل إلي إرساء تراحم الخلق مع جميع المخلوقات بلا استثناء سواء كانوا بشرا أو جمادا أو حيوانا فيخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم عن امرأة تدخل النار في هرة حبستها ويخبر عن صحابية من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم شهد جيرانها أنها صوامة نهارها وقوامة ليلها لكنها تؤذي جيرانها فيقول النبي عليه الصلاة والسلام إذن هي في النار لم ينفعها صوم ولا صلاة لأنها تؤذي الناس, مشيرا إلي أن هذا هو المفهوم الضائع الذي يجب أن يكون ركيزة للدعاة في هذه الأمة. ويؤكد الطيب أنه في وقتنا المعاصر ما من حادث اعتداء علي جنود وضباط إلا ونجد قادة الدعوة في مؤسسات الدولة يشجبون ويستنكرون فقط, ولا يبينون للناس حقيقة من فعل ذلك وحكمه عند الله عز وجل حيث قال سبحانه وتعالي ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما, ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم في الاعتداء علي غير المسلمين من آذي ذميا فقد آذاني, وقال عليه الصلاة والسلام من آذي ذميا لم ترح رائحة الجنة.