يبدو أن التغير المناخي وما يحدثه من جفاف وفيضانات وارتفاع شديد في درجات الحرارة بات يستلزم من صناع القرار أخذه بجدية متناهية لأن تبعاته أضحت كارثية.. الجفاف الذي يضرب إثيوبيا حاليا والمتوقع استمراره لعام أو عامين يعني قلة الأمطار الساقطة علي تلك الهضبة وقلة في مياه النيل القادمة عبر النيل الأزرق(70% من مجموع مياه النيل) وانخفاضا في منسوب مياه بحيرة ناصر وعدم وجود مصدر لتعويض الاستهلاك. سلسلة من المخاطر لا تنتهي, قد تجعل مشكلة سد النهضة تتضاءل أمام هذا الجفاف. من هنا فإن إدخال مهدد التغيرات المناخية ضمن منظومة الأمن القومي للبلدان ووضع خطط الطوارئ والأزمات اللازمة للتعامل معها أمر لا يحتمل التهاون. وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية فإنه من المرجح أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول المطر في انخفاض إنتاج الأغذية الأساسية بمقدار50% في كثير من أشد المناطق فقرا في بعض البلدان الأفريقية خلال السنوات الأربع القادمة فقط. وسيؤدي ذلك وفق المنظمة ذاتها- إلي زيادة معدل انتشار سوء التغذية ونقص التغذية اللذين يتسببان حاليا وفاة حوالي3 ملايين أفريقي سنويا. ويذهب الخبراء إلي أن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم ستعود بالفائدة لدي البعض وستلحق الضرر لدي البعض الآخر وذلك علي حسب نوع التغير. فبعض البلدان التي عانت لقرون طويلة من الجفاف من المتوقع أن تزداد فيها نسبة سقوط المطر, في الوقت الذي تشهد فيه بلدان أخري, عرفت بوفرة أمطارها وخصب أراضيها, تغيرا في مناخها سينجم عنها شح الأمطار ومعاناة من الجفاف وما يتسبب فيه من قحط وربما انتشار للمجاعات والأوبئة. وليس الأمر مرتبطا في موضوع التغيرات المناخية بالمياه زيادة أو نقصانا فقط, وإنما بدرجة الحرارة أيضا, فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في أماكن وتنخفض في أماكن أخري, وكذلك الحال بالنسبة إلي معدلات الرطوبة, وهو ما يعني انتشارا للأمراض التي لها علاقة بهذا المناخ وفي مقدمها الملاريا. هذه التغيرات المناخية لم تعد شيئا بعيدا يحذر منه العلماء ويأخذه الناس بتراخ, وإنما أضحت حقيقة نعيشها ونكتوي بنارها في عالم اليوم. ففي بعض البلدان الاستوائية, علي سبيل المثال, قلت كمية الأمطار الساقطة عليها بمعدل يتراوح بين20 إلي30 في المئة, كما هو الحال بالنسبة لإندونيسيا والهند وروسيا والبرازيل وأستراليا, وقد شهدت هذه البلدان موجات من الجفاف وقلة في الرياح الموسمية بمعدل يصل في المتوسط إلي15 في المئة عن السابق. وهو ما يعني تأثيرا مباشرا علي انتاجها من المحاصيل والحبوب والغلال.( معظم واردات مصر من الحبوب وعلي رأسها القمح والذرة يأتي من تلك البلدان). تؤكد الدراسات المتعلقة بالتغيرات المناخية لهذا العام أن أفريقيا وحدها معرضة لنقص في الطعام نتيجة لهذا السبب وأن31 مليون شخص قد يعانون أمراضا لها صلة بسوء التغذية وأن ثلث هذا العدد يتركز في دولة أثيوبيا وحدها. فإذا عرفنا أن قرابة70% من مياه نهر النيل الواصلة إلينا تأتينا من الأمطار الساقطة علي الهضبة الأثيوبية عبر النيل الأزرق فإن الجفاف الذي يضرب هذا البلد من شأنه أن يؤثر علينا تأثيرا مباشرا, ومن المتوقع أن يستمر بضعة أعوام وفق عديد التقديرات. إذا كان الحال هكذا وظاهرة التغيرات المناخية باتت علي هذه الدرجة من الخطورة والأهمية فالأمر يستوجب منهجا جديدا في التعامل معها, وأولي خطوات هذا المنهج هو وضعها ضمن قائمة مهددات الأمن القومي كي يتم وضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة لدرء أخطارها وتقليل تداعياتها. ولسنا في ذلك بدعا في تغيير مهددات الأمن القومي بالزيادة والنقصان بحسب المتغيرات, فكلنا يعلم أن الولاياتالمتحدة علي سبيل المثال قد جعلت مهدد الأمن المعلوماتي والحماية من الاختراق وهجمات قراصنة وجواسيس الإنترنت وجماعات الإرهاب الإلكتروني أحد مهددات الأمن القومي, وغيرت من تركيبة مجلس الأمن القومي لديها فأضافت إليه أحد الأعضاء ليكون تأمين البلاد من هذا التهديد تحت إشرافه ومسئوليته. التغيرات المناخية وتهديدها لأمننا المائي والغذائي إذن مسألة تحتاج إلي فكر جديد ومنهج مختلف ونظرة مغايرة للتعامل معها بما يتناسب وخطورتها علينا راهنا ومستقبلا. الأبقار الأمريكية تعد الماشية( وعلي رأسها الأبقار) واحدة من المصادرة المؤثرة بشكل كبير علي الاحتباس الحراري, نتيجة غاز الميثان الذي تطلقه هذه الحيونات خلال عملية الهضم, يبلغ المعدل الوسطي للانبعاثات في أمريكا الشمالية حوالي53 كيلوجراما من هذه الغازات سنويا من كل بقرة.. دعهم يأكلون الفحم! تعد الماشية( وعلي رأسها الأبقار) واحدة من المصادرة المؤثرة بشكل كبير علي الاحتباس الحراري, نتيجة غاز الميثان الذي تطلقه هذه الحيونات خلال عملية الهضم, يبلغ المعدل الوسطي للانبعاثات في أمريكا الشمالية حوالي53 كيلوجراما من هذه الغازات سنويا من كل بقرة..