منذ أسبوعين كان كل شيء ورديا للمرشح الجمهوري دونالد ترامب, وظن الجميع أنه حسم الانتخابات المبدئية للحزب لتكون لصالحه, وأن الزمن المتبقي لا يهم حتي عقد المؤتمر العام للحزب لإقرار ترشيحه رسميا في مواجهة المرشح الديمقراطي في نوفمبر القادم ليصبح رئيسا لأمريكا, وكما يقولون:قائدا للعالم الحر. لم يحق به أي نقد,أو يلحق به ضرر أي خزعبلات عنصرية تفوه بها ضد المكسيكيين والمسلمين والإسلام وبابا الفاتيكان والسود وأقرانه المرشحين الآخرين وضد بقية الأقليات وضد المرأة..كان الرجل في ضلاله يعمه,وكأنه في نشوة ما لها من فواق,لدرجة أنه قال ذات مرة إنه لو وقف في شارع في نيويورك وأطلق الرصاص علي البعض فإن ذلك لن يؤثر فيه أو في شعبيته الطاغية. حتي الأصوات المعارضة لعنصريته الكريهة بدأت تخبو وتستسلم لذلك..فجأة وبلا مقدمات,وقعت الواقعة,وتم استدراجه من حيث لا يعلم. في مقابلة له مع الصحفي الكبير كرس ماثيو الذي يعمل في شبكة إم.إس.أن.بي.سي, والذي سأله:ما رأيك في امرأة تعرضت للاغتصاب فحملت ثم أجرت عملية إجهاض,هل تعاقب؟..أجاب ترامب بنعم..ثم سأله سؤالا آخر عن موقفه من استخدام الأسلحة الذرية..فأجاب إنه لا يستبعد استخدامها..وأضاف أنه لا يمانع في تملك كل من اليابان وكوريا الجنوبية أسلحة نووية ليدافعا عن نفسيهما. قامت الدنيا ولم تقعد بعد تلك المقابلة. أكثر من70% من نساء أمريكا أعلن بصراحة أنهن لن ينتخبن ترامب, كما أن إجابته بخصوص استخدام الأسلحة الذرية كانت بنفس الدرجة من الاستهجان والغضب شعبيا وحكوميا ودوليا..اعتذر بعدها ترامب..وقال شفاهة وكتابة إنه لم يكن يقصد وأنه أساء التعبير..ولكن ولات حين مناص:لم يشفع له ذلك, وكأن قيامته قد قامت ونهايته حانت. نشطت بعدها المجموعات التي تري فيه خطرا داهما علي الحزب الجمهوري بالذات, فقامت بحملات مكثفة لمنعه من الفوز بالانتخابات المبدئية لولاية وسكنسن التي أجريت يوم الخامس من أبريل,حيث نجحت الحملة وخسر بفارق15% وهو فارق كبير لم يتعوده ترامب وأنصاره. المتوقع حدوثه الآن طبقا لما حدث وطبقا للتحليلات المكثفة, أن ترامب لن يحصل علي1237 صوتا انتخابيا لضمان ترشحه مثلما كان يأمل,وحتي لو فاز بكل الانتخابات المبدئية القادمة, فإن هذا لن يحدث. في هذه الحالة سيطرح الأمر علي مؤتمر الحزب في يوليو القادم فيما يعرف في هذه الحالة بالمؤتمر المفتوح, ويمكن للمجتمعين من كل الولايات عرض بديل عن ترامب, والذي خالف في حملته الانتخابية كل توصيات الحزب التي صدرت في تقرير عقب هزيمة المرشح الجمهوري ميت رامني عام2012 أمام الرئيس اوباما. هذه التوصيات التي نشرت في مارس2013, أوصت بضرورة أن يلتزم الحزب بتوسيع قاعدته وأن يخرج من قاعدته البيضاء الضيقة, وأن تكون سياساته مقبولة لقضايا المرأة الأمريكية فيما يخص عمليات الإجهاض والمساواة في الأجور وغير ذلك,وأن يكون أيضا متبنيا لقضايا الأقليات المختلفة وألا تستفز سياساته السود والأمريكان من أصول لاتينية. عندما جاء ترامب وأعلن ترشحه تبني عكس تلك التوصيات بالكامل,مما ينذر بأنه لن تكون هناك أي فرصة أمام المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم, ومما ينذر بنهاية الحزب الجمهوري. نعم تأخر رد مسئولو الحزب, والذين التزموا الحيادية والصمت في الشهور الماضية الي أن أزفت الآزفة, وأصبح ترامب خطرا داهما علي وجود الحزب الجمهوري ذاته. الجميع الآن يتنفس الصعداء ويأملون أن تستمر الحملة ضد ترشح ترامب والتصدي له في بقية الانتخابات المبدئية القادمة بكل الطرق, وخصوصا أن التهاوي الترامبي قد بدأ بالفعل, رغم توقع فوزه في نيويورك وولايات أخري. الجامعة البريطانية في مصر