العقل هو مصدر توليد الأفكار والآراء وإنتاجها سواء أكانت جيدة أم سلبية. وهو أساس الإدراك, بمعني اعتماده علي النظرة الكلية والتحليلية للأمور ثم إعادة تركيب هذه الأجزاء. وفهم الفرد ومعرفته لما يحيط به في الواقع أو البيئة التي يعيش فيها يعتمد علي الصحة النفسية والذكاء. ويري بعض علماء النفس أن السلوك البشري لا يمكن تفسيره الا بالعقل, وفي ضوء معتقدات الفرد وقيمه وطبيعة نظرته للحياة, وأن تغيير السلوك لابد أن يبدأ من العقل. فإذا انتهج العقل طرق تفكير إيجابية ومرنة استطاع الانخراط في الحياة بنجاح واستطاع الوصول لأهدافه. والتفكير الإيجابي ما هو إلا مجموعة من الخطط تدفع الإنسان نحو الإنجاز, وتفادي الفشل ومقاومته, وعدم قبول الاستسلام للقيود والعوائق, فإذا وصل الشخص إلي مستوي أمثل في التفكير, زادت رغبته في الحفاظ علي القمة, وتجاهل آراء الآخرين, لأن النجاح بالنسبة له تحول من هدف إلي سلوك ونمط حياة. أما أصحاب التفكير السلبي فلديهم رؤية تشاؤمية طوال الوقت, ومبالغة في تقييم الظروف والمواقف, والكارثة أن الوهم لديهم يحول اللا شيء إلي حقيقة ماثلة. كما يري أصحاب الفكر التشاؤمي أن الحياة سلسلة من المشكلات, ويركزون في تفكيرهم علي ما لا يملكون وهم عادة ما يشعرون بالتعاسة, ولذا ينتهي الأمر بهم بالشعور بالخوف والألم والانسحاب من الحياة الاجتماعية لأن الأفكار السلبية المتكررة تؤثر علي منطقة اللاوعي, فتترجم تلك الأفكار والأمنيات إلي نتائج سلبية تحتاج إلي التغيير. مثال: يري الشخص السلبي أن الناس مخادعة ولا يوجد من يستحق التقدير, لذا فمن الأفضل أن أعيش لنفسي, لكن الشخص الإيجابي يري أن البعض مخادع لكن جمال الحياة في هذا التناقض وعلي أن أبدا بنفسي فمازال هناك وقت للتغيير. اختلاف مستويات التفكير السلبي والإيجابي, توضح لنا إلي أين نحن ذاهبون؟ فطريقة تفكير الفرد تؤثر علي الكيفية التي يستجيب بها في المواقف, والتي يتحدد عليها سلوك حل المشكلات, ولذا فإننا جميعا في حاجة حقيقية إلي برمجة مجموعة جديدة من الأفكار التي يمكن أن يعمل بها عقلنا الباطن, وهذا يحتاج إلي وقت وتدريب حتي نتعلم اختيار الأفكار الإيجابية ونغذيها لتغيير سلوكنا, وشخصيتنا. أما خطوات تنمية التفكير الإيجابي فتبدأ من الداخل, فعليك فهم نفسك جيدا أولا, وفهم الآخرين. راجع نفسك وقومها, وخالط الأشخاص الإيجابية, احذر من الاسترسال في انفعالات الغضب والضيق, وأبعد عن أي فكرة سلبية, بمعني لا تجعل تفكيرك ينصب علي المشكلة, بل علي سبل حلها, وكف عن توليد مبررات لفشلك واستبدلها بأفكار بناءة. كن واعيا بنقاط ضعفك, وأوقف أفكارك السلبية التي تنتهي بالاحباط وتمزق الأمل داخلك, ذكر نفسك بمميزاتها, وكيف كانت قادرة في كثير من المواقف علي النجاح, ومن المهم الا تخدع ذاتك, ولا تتوقع مساعدة الآخرين لك طوال الوقت, فلكل منا مشاكله وظروفه التي لا يعلمها الا الله. وكلمة أخيرة لكل أب وأم, إياكم والانتقادات والتهكم والسخرية, وعقد المقارنات بين أبنائكم وبين الآخرين, فطرق التربية المبنية علي هدم الذات تنمي التفكير السلبي وتقضي علي الثقة بالنفس, فدور الأسرة مهم في بناء مقاومات الشخص الناجح القادر علي التفكير السوي.