مصر تتفق على تمويلات ميسّرة ب9.5 مليار دولار لدعم الموازنة خلال 2023-2026    البنك المركزي المصري يقرر خفض أسعار الفائدة بنسبة 1%    تراجع معظم أسواق الخليج وسط ‍تداولات محدودة بسبب العُطلات    الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    الداخلية تحبط محاولة غسل 500 مليون جنيه حصيلة تجارة المخدرات    الخارجية الروسية: الاتحاد الأوروبي يراهن على تصعيد الصراع الأوكراني من أجل المال    أردوغان يستقبل البرهان في أنقرة    إصابة شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين    محافظ الدقهلية يتفقد سوق الخواجات ويشدد على إصدار قرارات غلق للمحال    روسيا: نحلل خطة السلام الأمريكية بشأن أوكرانيا    هل يمنح اتفاق تبادل الأسرى هدوءاً نسبياً لليمن؟.. ترحيب عربى ودولى.. تبادل 3000 أسير ومختطف برعاية الأمم المتحدة.. توقعات بأن يشمل الإفراج عن قيادات بارزة بحزب الإصلاح.. مجلس الأمن: ندعم السلام فى اليمن    رئيس جامعة كفرالشيخ يلتقي بالطلاب الوافدين ويؤكد الحرص على تقديم بيئة متميزة    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة لمجلس النواب    نائب محافظ الجيزة يتفقد المراحل النهائية لتشغيل محطة رفع الصرف الصحى بدهشور    إغلاق موقع إلكتروني مُزوّر لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي بيع مصانع الغزل والنسيج ويؤكد استمرار المشروع القومي للتطوير دون المساس بالملكية    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    محافظ الدقهلية: تقديم أكثر من 13 مليون خدمة صحية خلال 4 أشهر    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    البابا تواضروس يهنئ بطريرك الكاثوليك بمناسبة عيد الميلاد    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    الوطنية للانتخابات: إبطال اللجنة 71 في بلبيس و26 و36 بالمنصورة و68 بميت غمر    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    حسام حسن: ⁠طريقة لعب جنوب أفريقيا مثل الأندية.. وجاهزون لها ولا نخشى أحد    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    لم يرحم إعاقته، القبض على مدرس لغة عربية هتك عرض تلميذ في الهرم    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب الإسرائيلية علي العرب ولبنان لم تتوقف منذ‏1948‏ لتبدأ من جديد

لا يوجد سيناريو افتراضي لحرب شاملة في المنطقة تبدأ من لبنان‏,‏ أو لحرب تبدأ وتنتهي في لبنان‏..‏ فقد انتهت الأجواء التي أشاعتها التهديدات الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية بشن حرب جديدة علي لبنان‏.
إلي نتيجة خلاصتها أن قرار الحرب ليس قرارا إسرائيليا منفردا‏,‏ بل قرار أمريكي أو علي الأقل قرار يلزم تنفيذه ضوء أمريكي أخضر‏.‏
ولم يعد القضاء علي حزب الله في لبنان وسلاح المقاومة عنوانا للحرب القادمة أو المحتملة‏,‏ بعدما بات الحزب ولبنان جزءا من المعركة الأمريكية الإيرانية‏,‏ فلم يعد لبنان ساحة المعركة وحده‏,‏ بل ميدان ضمن حرب شاملة‏,‏ فالأوضاع الإقليمية تدفع نحو حرب إن نشبت مختلفة عن سابقاتها‏.‏

كما لم يعد الوضع علي الجبهة الإسرائيلية اللبنانية‏,‏ أو علي الجبهة الإسرائيلية السورية محددا رئيسيا لاندلاع حرب‏,‏ بل بات الوضع في العراق أيضا ضمن هذه المحددات‏.‏
ومن ثم تتعدد السيناريوهات لأن المحرك الذريعة ليس سلاح حزب الله وحده‏,‏ بل ان هذا السلاح بات أيضا تفاصيل ضمن إطار أوسع يتعلق بالترتيبات الإقليمية في المنطقة‏,‏ تجعل تطورات الأوضاع في العراق مثلا ضمن محددات توقيت نشوب الحرب أو صرف النظر عنها واللجوء إلي سيناريوهات أخري بديلة‏,‏ كون التسرع في شن الحرب قد يحول حزب الله من حزب في لبنان إلي دولة في العراق‏.‏

الأسئلة الحائرة في لبنان في ضوء ذلك تتعلق باندلاع حرب جديدة من عدمه‏,‏ والموعد المحتمل إن اندلعت‏,‏ ومداها إن اتسعت‏..‏ وتداعياتها إن شملت هذه المرة مواقع تم تحييدها في حرب صيف‏2006,‏ لكن السؤال الأكثر شيوعا في لبنان خاصة من جانب من عايشوا النزاع العربي الإسرائيلي منذ بدايته هو‏:‏ متي توقفت الحرب الإسرائيلية علي العرب ولبنان منذ‏1948‏ لتبدأ من جديد؟‏!‏ أما السؤال أو بالأحري التوقعات التي تعبر عن غطرسة القوة وليس عن تواضع أو حكمة فهو‏:‏ هل يشن حزب الله حربا استباقية ضد إسرائيل؟

السيناريو الإسرائيلي
السيناريو الشائع للحرب الإسرائيلية حسب توقعات الخبراء‏..‏ هو اجتياح لبنان علي غرار ما حدث عام‏1982‏ لكن باتجاه البقاع شرقا‏,‏ لقطع طرق إمداد الحزب بالسلاح من سوريا‏,‏ ثم إلي بيروت لضرب قواعده في الضاحية الجنوبية‏,‏ ثم تصفية مراكزه من جنوب بيروت إلي جنوب لبنان‏..‏ وهذه الخطة واقعية بالنسبة لوزير الدفاع إيهود باراك بوصفه عسكريا تقليديا يؤمن بأنه لا نصر في حرب بدون احتلال أرض لفرض الشروط علي الطرف الآخر المعادي لإسرائيل‏..‏ ويسعي لتجنب سيناريو حرب‏2006‏ التي نجح حزب الله في جر إسرائيل إليها‏,‏
وفي إرباك قياداتها أولمرت وعامير بيريتس وحالوتس‏,‏ الذين أداروا حربا يوما بيوم دون خطة استراتيجية‏,‏ واعتمدوا فيها علي القصف الجوي‏.‏ ويعزز هذا السيناريو بشن حرب شاملة علي لبنان وليست حربا علي الحزب علي غرار عنوان حرب‏2006‏ تصريحات نتنياهو وباراك اللذين حملا حكومة لبنان وليس الحزب مسئوليتها أسمياه تهديد أمن إسرائيل‏..‏ وهددا بالتالي بضرب لبنان وتدمير بنيته الأساسية ومرافقه بحجة أن حزب الله هو جيش لبنان الحقيقي والرسمي‏.‏

هل يشن حزب الله حربا استباقية؟‏!‏
برغم أن السيد حسن نصر الله أمين عام الحزب قد أعلن أن قرار الحرب بالنسبة للمقاومة هو قرار دفاعي في مواجهة أي عدوان صهيوني‏,‏ إلا أن هناك تكهنات بأن تتخذ المقاومة قرارا بحرب استباقية إذا اضطرتها الظروف الميدانية لذلك‏..‏ وفي ضوء التعامل مع سيناريو الحرب الإسرائيلية لإجهاض أهدافها‏,‏ وإرباك الخطط العملياتية للهجوم الإسرائيلي المحتمل والذي لم تستعد إسرائيل لشنه بدرجة كافية بعد‏.‏

وترجح المصادر ذلك استنادا إلي الدرجة العالية من الجهوزية التي باتت عليها عناصر الحزب والمقاومة‏,‏ بشرا معتادا حيث دعم الحزب ترسانته من الصواريخ متعددة المدي والتي قد تضم صواريخ أرض جو للمرة الأولي‏..‏ مما يعزز التفكير ربما في شن حرب استباقية استنادا إلي عقيدة توفيقية‏(‏ التوفيق من الله‏),‏ تربك الحسابات الإسرائيلية بدرجة أعلي مما حدث في حرب صيف‏2006‏ وجاء لقاء نجاد مع السيد حسن نصر الله وزعيم حماس خالد مشعل في دمشق الخميس الماضي‏,‏ كرسالة ردع لإسرائيل تعزز فكرة الحرب الاستباقية‏.‏
ويدحض هذا السيناريو أن مثل هذه الحرب الاستباقية ستوفر لإسرائيل الذريعة التي تبحث عنها لشن حرب علي لبنان‏,‏ ولتبرير الحرب أمام الرأي العام الدولي‏,‏ بأنها حرب دفاعية عن النفس‏,‏
ويرفع بالمقابل الغطاء الإقليمي والدولي لنصرة لبنان‏,‏ ناهيك عن أن الحكومات الغربية تعتبر أصلا عدوان إسرائيل علي العرب دفاعا عن النفس‏!!‏
كما يدحض هذا السيناريو أيضا أن قرار الحرب لم يعد قرار الحزب‏,‏ وأن الإقدام علي حرب استباقية دون مشاركة إيران وسوريا في القرار يضر بحسابات البلدين خاصة سوريا التي دعمت مركزها الإقليمي خلال السنوات الثلاث الماضية دعما غير مسبوق وتبني علاقات جديدة مع أوروبا وأمريكا يعترف فيها الطرفان بدور سوريا الرئيسي في المنطقة‏.‏
ومن ثم فإن هذا السيناريو حرب استباقية مستبعد ليس فقط لأنه ينسف جهود سوريا في الاتجاه المشار إليه‏..‏ ولكن أيضا لأن الحزب لا يستطيع اتخاذ مثل هذا القرار وحده‏..‏ وبرغم ذلك يبقي هذا الاحتمال قائما حسب الخبراء ولو بنسبة ضئيلة‏.‏

السيناريو السوري
لكن هل تدخل سوريا الحرب‏(‏ الشاملة‏)‏ كرها؟‏..‏ فبطبيعة الحال فإن سوريا تدرك طبيعة الكيان الصهيوني‏,‏ وربما تقدم إسرائيل في ظل رئاسة نتانياهو للحكومة علي فعل أحمق دون انتظار ضوء أخضر أمريكي‏,‏ والاستعداد السوري للتعامل مع المخاطر الإسرائيلية علي درجة معهودة‏,‏ برغم حساباتها ومصالحها الخاصة بالعلاقة المميزة مع إيران وفي لبنان
والقضية الفلسطينية‏.‏
ومحاولة جر إسرائيل وسوريا إلي حرب احتمال قائم لحسم الموقف في المنطقة برمتها‏,‏ وفي هذه الحالة فإن الحرب لن تكون علي غرار حرب صيف‏2006‏ وانما حرب محاور ضد محور الممانعة الذي يضم إيران وسوريا والمقاومة في لبنان‏(‏ حزب الله‏)‏ وفي الأراضي الفلسطينية‏(‏ حركة حماس‏),‏ لأن تكرار سيناريو‏2006‏ يطرح السؤال‏:‏ لماذا تشن إسرائيل حربا جديدة إذن؟‏..‏
إذا لم تكن تستهدف هذه المرة القضاء علي المقاومة تماما ومن يدعمها‏(‏ سوريا وإيران‏)‏ باعتبارها يد إيران علي البحر المتوسط‏,‏ والمطلوب إسرائيليا هو قطع هذه اليد‏.‏
في الوقت نفسه رفعت سوريا مستوي التحدي ردعا واستعدادا‏,‏ وبعثت رسائل علي الهواء لإسرائيل والولايات المتحدة معا بأن الحرب القادمة إذا بدأتها إسرائيل ستكون شاملة وستطال مدنها سواء بدأت من سوريا أو من لبنان‏,‏ ولن يشهد هذا الجيل السلام في اشارة إلي استمرار العنف والفوضي في المنطقة‏,‏ وذلك قبل أن توجه إليها رسالة مشتركة مع إيران خلال زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الأخيرة لدمشق بأن علاقتهما الوثيقة لا انفصام فيها‏,‏ وبأنهما مستمران في دعم المقاومة‏,‏ ومستعدان للتعامل مع التهديدات الإسرائيلية بشن حرب جديدة‏(‏ شاملة‏)‏ في المنطقة سواء بدأت في لبنان أو في غير لبنان‏,
‏ ولن يسكتا علي أي عدوان جديد معا ومعهما المقاومة‏(‏ حزب الله في لبنان وحركة حماس في الأراضي الفلسطينية‏)..‏ فالمنطقة إذن مقبلة علي تطورات خطيرة‏,‏ لكن نجاد رهن هذه التطورات التي ستؤدي برأيه إلي زوال الكيان الصهيوني في حالة أقدمت إسرائيل علي تكرار أخطائها‏.‏

موقف أمريكا من حرب شاملة
يتأرجح رأي المصادر في موقف الولايات المتحدة الأمريكية بين الذهاب إلي تأييد هذه الحرب‏,‏ وبين رفضها بل والعمل علي منعها من الأساس‏.‏ ويستند احتمال التأييد الأمريكي إلي الرغبة في حرق أوراق إيران التفاوضية في الملف النووي‏,‏ وإنهاء وجودها علي البحر المتوسط‏,‏ والقضاء علي تجربة‏(‏ حزب الله‏)‏ موحية للعرب والمسلمين‏(‏ قدوة‏)‏ ومظاهر ذلك في غزة‏(‏ حماس‏),‏ حيث بدت الظاهرة تتسع وتتنامي وتظهر تجلياتها في مناطق أخري منها اليمن‏.‏
ويستند احتمال الرفض الأمريكي وعدم منح واشنطن تل أبيب ضوءا أخضر لشن الحرب إلي أن هذه الحرب قد تمتد إلي حرب شاملة توقف امدادات النفط للولايات المتحدة‏,‏ وتتعرض خلالها المصالح الأمريكية في البلدان العربية والإسلامية للاستهداف‏,‏ وتوسع دائرة العداء للأمريكان‏,‏ وتشكل وقودا لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة‏,‏ وتجذر مشاعر الكراهية لأمريكا لأن الاعتقاد الراسخ لدي شعوب المنطقة هو أن إسرائيل لا تقدم علي شن حرب علي طرف عربي من دون ضوء أخضر أمريكي‏,‏ كما ستنسف تماما صورة أوباما ومبادرته لفتح صفحة جديدة مع العرب والمسلمين التي طرحها في خطابه بجامعة القاهرة في يونيو من العام الماضي‏,‏ ناهيك عن أن دول الخليج العربية ترفض هذه الحرب‏(‏ الشاملة بضم إيران إلي ساحة الحرب‏)‏ لأنها ستكون متضررا رئيسيا من تداعياتها‏.‏
وهناك سبب داخلي يستند إليه هذا الاحتمال هو أن الشعب الأمريكي الرافض للاستمرار في الحرب في العراق وأفغانستان غير مهيأ بالتالي لاستقبال حرب جديدة حتي لو بدت الولايات المتحدة وكأنها ليست طرفا مباشرا فيها‏.‏
وهناك أيضا سبب إقليمي هو أن حلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة خاصة مصر والسعودية لا يرحبون بذلك‏,‏ فضلا عن أن الرأي العام في هذه البلدان بات معبأ ضد إسرائيل ولديه فائض غضب تجاهها‏,‏ في وقت تواجه بعض هذه البلدان استحقاقات داخلية‏,‏ فضلا عن أنه لا أحد يضمن أن تكون مثل هذه الحرب قصيرة الأمد أو حاسمة‏.‏

العراق في سيناريو الحرب الشاملة
إن حرب بسيناريو مصمم علي أن يكون عنوانه القضاء علي المقاومة في لبنان كل لبنان بأهداف محددة يمكن أن يحظي بضوء أخضر أمريكي‏..‏ لكن ما هي الضمانات أن يبدأ وينفذ ويستمر مثل هذا السيناريو تحت السيطرة؟‏..‏ وهل يمكن أن تكون إيران متفرجة أم ستعمل علي أن تمتد النيران إلي ثياب الولايات المتحدة وأن تتسع رقعتها من الناحية الأخري؟
تبرز هنا حسب المصادر أهمية ورقة العراق‏,‏ فالأمريكيون مهتمون بالوضع في العراق
من أجل تحقيق هدف الانسحاب الآمن من العراق بأقل تكلفة للولايات المتحدة‏,‏ وبحد أدني من الأمن والديمقراطية في العراق‏.‏ وإيران تسعي بدأب إلي تعزيز وجودها في العراق وإحكام سيطرتها علي الأوضاع به بغلبة شيعية في السلطة سواء عبر حزب الدعوة‏(‏ برئاسة نوري المالكي‏)‏ أو عبر المجلس الإسلامي الأعلي‏(‏ برئاسة عماد الحكيم‏)‏ أو عبر تحالفهما معا بدفع إيراني لهما نحو فرض واقع شيعي عام‏,‏ لاستخدام هذه الورقة ضد المصالح الأمريكية في العراق في حالة شن إسرائيل حربا علي إيران أو حتي علي حزب الله في لبنان‏,‏ بما لايؤمن انسحابا أمريكيا آمنا من العراق أو حتي وجودا أمريكي آمن في العراق‏.‏

ومن ثم تري المصادر أن التهديدات الإسرائيلية بشن حرب علي لبنان جاءت هدية تكتيكية إسرائيلية لإيران لجهة العمل علي تحقيق اصطفاف شيعي في العراق قبل الانتخابات العراقية التشريعية في السابع من شهر مارس جعل الأمريكان يسارعون إلي لجم التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران ومنشآتها النووية‏,‏ فالتهديدات الإسرائيلية عجلت بسعي إيران إلي العمل علي تصميم نظام حاكم في العراق يكون مناوئا للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة من دول الخليج‏,‏ ففتحت إيران الباب أمام إيجاد حالة من عدم الاستقرار في المنطقة في حالة تعرضها وحلفائها للعدوان‏,‏
وفي حالة ما إذا امتدت آلة الحرب الإسرائيلية إلي محاولة قطع أيديها في لبنان‏.‏ وفي هذا الصدد باتت لافتا تلك الرسالة التي بعث بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إبان تلك التهديدات التي شدد فيها علي دعم إيران للبنان‏,‏ وأعلن أن الحرب القادمة ستشهد نهاية الكيان الصهيوني‏.‏ بهذا المعني بات الوضع في العراق إذن‏(‏ مفتاحا‏)‏ محددا رئيسيا ضد محددات قرار الحرب الإسرائيلي‏,‏ فالحرب بهذا المعني ستحول حزب الله من حزب في لبنان إلي دولة في العراق‏.‏ لذلك تؤكد المصادر أن قرار الحرب هو قرار أمريكي وليس إسرائيليا فقد كانت حرب‏2006‏ قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وفريقه من المحافظين الجدد‏,‏ لكن ذلك لا يجعل اللبنانيين يشعرون بالاطمئنان لأن الخطورة في ذلك‏(‏ قرار الحرب أمريكي‏)‏
هي أن لبنان قد يصبح جزءا من المعركة الأمريكية الإيرانية مثل العراق‏.‏
ومن ثم تري المصادر أنه برغم وجاهة منطق دعوة تيار‏14‏ آذار ومسيحيي لبنان إلي ضرورة حصر السلاح في البلد بالدولة وجيشها‏,‏ إلا أن ذلك قد يجر علي لبنان مشكلات كارثية أكبر لأن السلاح إذا اصبح بيد الدولة وتخلت عنه المقاومة وحزب الله‏..‏ فهل ستكون الدولة دول مقاومة؟ وهل ستضع هذا السلاح ضمن خياراتها لتحديد الأمراض اللبنانية المحتلة‏(‏ مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر‏)‏؟‏.‏

السيناريو البديل للحرب
إذا كان قرار شن حرب جديدة علي لبنان ليس قرارا إسرائيليا منفردا‏,‏ وتستبعده الأوضاع الإقليمية ولو مؤقتا فهل لدي إسرائيل سيناريو بديل؟‏..‏ تؤكد المصادر أن هذا السيناريو البديل دائم وجاهز منذ الخمسينيات من القرن الماضي‏,‏ وهو مخططات إثارة الفتنة المذهبية التي تعد أسوأ من الحرب لأنها تحقق لإسرائيل أهدافها من دون إطلاق رصاصة أو جرح جندي واحد من جنودها‏,‏ أما الحرب فتوحد اللبنانيين ولا تقسمهم شيعا وطوائف‏.‏
وفي كل الأحوال فإن اللبنانيين العجائز الذين واكبوا وخبروا الصراع يتساءلون‏:‏ متي توقفت الحرب الإسرائيلية علي العرب ولبنان منذ‏1948‏ حتي تبدأ من جديد؟‏!.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.