جاء منتدي إفريقيا الذي عقد بشرم الشيخ الأسبوع الحالي بمثابة رسالة بالتوجه المصري الصادق نحو القارة السمراء. هدف المنتدي ليس كما اعتقد البعض أنه فرصة لاجتذاب الاستثمارات الأفريقية إلي مصر وان كان ذلك أمرا مرغوبا إلا أن الهدف الأهم يتمثل في تحقيق تواصل فعال يحقق المنفعة والمصلحة المشتركة لدول أفريقيا سواء فيما يتعلق بالتعاون المشترك بينها أو بالتعاون مع دول العالم المختلفة. إفريقيا لم تعد تلك الدول المتخلفة التي تسيطر عليها النزعات القبلية والعاطفية فهي الآن شعوب طامحة مدركة لأهمية ما تمتلكه من موارد طبيعية وفرص نمو واعدة أصبحت تمثل عوامل تميز لا تتوافر بالأسواق التقليدية للاستثمار. الصراع المستتر بين اللاعبين الرئيسيين بالاقتصاد العالمي وعلي رأسهم الصين وأمريكا يمكن ملاحظته بشكل واضح في توجههم نحو القارة السمراء حيث تتجاوز الاستثمارات الصينية بدول أفريقيا20 مليار دولار ومن ثم ليس غريبا أن تصبح الصين أكثر دول العالم ارتباطا وتأثيرا في الاقتصاد الإفريقي عكس القوي التقليدية مثل فرنسا وانجلترا وايطاليا والتي كانت تعتمد في هيمنتها علي دول القارة السمراء علي التاريخ الاستعماري لهذه الدول وتكريس مفهوم التبعية الاقتصادية والثقافية بشكل مطلق وهو ما أصبح غير واقعي الآن. أهمية المنتدي الذي استضافته مدينة السلام تكمن في الإشارة إلي اشراقة مصرية جديدة علي محيطها الإفريقي حيث تميزت الاشراقة الأولي باحتضان مصر لجميع حركات تحرر الدول الأفريقية ومد يد المساعدة لها بالعديد من المجالات وهي الاشراقة التي خفتت تدريجيا منذ السبعينيات لتصل إلي ما يشبه الكسوف وبالتالي فإن توجه القيادة السياسية نحو استعادة دور مصر بمحيطها الإقليمي هو توجه استراتيجي لأنه يعطي لمصر منابع إضافية لقوتها أمام الدول الكبري خاصة أن أوروبا تدير بوصلتها الآن نحو أفريقيا بعد أن أكدت معظم المؤسسات الاقتصادية العالمية أن معدلات النمو الاقتصادي المرتفع لن يكون لها مكان إلا في الدول الأفريقية. رجال الأعمال المصريون عليهم عبء كبير لترجمة توجه القيادة السياسية إلي مشروعات للتعاون المشترك وأن يستبدلوا بالأسواق التقليدية للواردات المصرية بالواردات من أفريقيا قدر المستطاع علي أن يكون ذلك تزامنا مع فتح قنوات لتدفق الصادرات المصرية إلي هذه الأسواق. اعلم تماما مشاكل النقل وتكلفته المرتفعة إلي هذه الدول وكذلك الصعوبات التي تعوق قدرة هذه الدول علي توفير العملة الصعبة لسداد قيمة وارداتها غير أن تطوير ما كان يعرف بنظام الصفقات المتكافئة يمكن أن يكون مدخلا للتغلب علي هذه الصعوبات حتي وان اقتصر الأمر بداية علي الواردات التي لم تزل الحكومة مسئولة عن توفيرها سواء اللحوم أو الاقماح وهنا فإن الاستفادة بالخبرات والإمكانات الخاصة بشركة النصر للتصدير والاستيراد التي كانت لسنوات طويلة الذراع الاقتصادية المصرية بالدول الأفريقية يمكن أن تختصر الكثير من الوقت والجهد المطلوب لتحقيق ذلك. لا ينكر المستثمرون المصريون الفرص الواعدة للمنتجات المصرية علي اختلاف مستويات جودتها للنفاذ إلي هذه السوق المتسعة التي تشكل ما يقرب من المليار نسمة إذا ما تم التحرك الاقتصادي مدعوما بمساندة حكومية وقيام وزارتي التجارة والتعاون الدولي بوضع رؤية مستقبلية للوجود المصري في أفريقيا والاستفادة من الكوميسا وتعطش أسواق هذه الدول لمنتجات تلبي احتياجاتها المختلفة ووفقا لتصريحات وزير الصناعة والتجارة طارق لبيب فإن الصادرات المصرية إلي أفريقيا, خلال عام2014, بلغت نحو3.9 مليار دولار مثلت نحو14.7% من إجمالي صادرات مصر للعالم,بانخفاض10.4%, عن عام2013 كما تراجعت الواردات المصرية من أفريقيا لتسجل1.2 مليار دولار مقابل1.4 مليار دولار في.2013