هذا هو العنوان الذي اختاره اللواء صفوت شاكر للكتاب الذي أصدره أخيرا لكي يشرح فيه رؤيته لما حدث وما زال يحدث في بلدان الربيع العربي, وما تتعرض له من تفكك وتدمير, في الوقت الذي يتم الترويج فيه وبطريقة ضبابية لمفاهيم وأفكار لا تعبر عن واقع وطموحات منطقتنا العربية. ويري الكاتب ان كل ذلك يترافق أيضا مع إساءات بالغة للإسلام وانحراف عن سماحته وقيمه إلي أعمال قتل وتدمير باسم الله, الأمر الذي كانت حصيلة تفاعلاته ما نشاهده الآن من انهيار كامل لمقدرات هذه الدول وما تعانيه شعوبها من قتل وتهجير وانتهاكات وحشية. عرفت اللواء شاكر إبان الفترة التي قضاها محافظا لقنا, في النصف الثاني من التسعينيات, وقد شهد عهده وضع اللبنات الإولي لعملية تطوير قنا والسعي لتنميتها, والتي نهض بها بعد ذلك اللواء عادل لبيب ثم استكمل المسيرة اللواء مجدي ايوب.. ومنذ ذلك الحين لمست أن السمات الغالبة علي شخصية اللواء شاكر هي التجرد والرصانه والتركيز علي الهدف والعمل المثمر الصامت.. ولعله اكتسب هذه الصفات من عمله السابق كرئيس لهيئة الأمن القومي ونائبا لرئيس المخابرات العامة. هذه السمات تتجلي أيضا في الأطروحة الرئيسية التي يتناولها كتابه المهم الذي يمثل إضافة جادة لمحاولة فهم وتحليل التفاعلات الصاخبة التي تمر بها منطقتنا والتي تتقاذفها الخطوب والأنواء من كل جانب.. وهو وإن كان قد بذل جهدا حقيقيا وموضوعيا لتأصيل وتوضيح الأفكار والرؤي التي تقود التدخلات الخارجية في منطقتنا, الا انه يؤكد أيضا أن الربيع العربي بدا في أول الأمر كظاهرة ايجابية تفاعلت مع وجدان شعوب هذه المنطقة التي خرجت بكل فئاتها, يحدوها الأمل في استعاضة ما عانته من قهر وظلم اجتماعي علي مر السنين ويقدم نقدا قويا للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي سادت في مرحلة ما قبل يناير2011.. وبهذه الروح والقناعات الواضحة يأخذ الكتاب بيد القارئ في تتابع ويسر إلي تأصيل الأحداث وسبر أغوارها, فيستعرض الوثائق ويسرد الوقائع ويحلل الأحداث.. كل ذلك بإسلوب سلس وجذاب, ودون ان يغرق في التفاصيل المتشعبة فيفقد الخيط الناظم للأفكار والاحداث, الأمر الذي يوضح موسوعية ثقافة المؤلف وقدرته علي السيطرة علي الأفكار التي يريد توضيحها, والذي من فرط تواضعه, يقول في مقدمة الكتاب مخاطبا القارئ او المتلقي: قد قرأت لك في إشارة إلي العدد الكبير من المراجع التي عاد اليها باللغتين العربية والانجليزية, في حين انه يقدم عملا أصيلا, يشكل إضافة مهمة واعية للمكتبتين المصرية والعربية. طاف المؤلف في عدة فصول وتنقل بين الماضي والحاضر ليرسم خريطة متكاملة توضح موقع منطقتنا في سياق تفاعلات وتوجهات النظام الدولي والقوي الكبري المتحكمة فيه, والمراحل والخطط التي وضعت لخدمة مصالح هذه القوي بغض النظر عن مصالح منطقتنا العربية. فيستعرض وثيقة كامبل التي صدرت عن مؤتمر لندن للقوي الاستعمارية عام..1907 ثم ينتقل الكتاب في استعراض سياسات التقسيم الي اتفاقية سايكس بيكو ثم وعد بلفور وصولا الي مشروع برنارد لويس في عام1983. يتناول الكتب أيضا مشروع الشرق الاوسط الجديد والفوضي الخلاقة واساليبها والادوار التي لعبها تنظيم الإخوان المسلمين وعلاقته الدولية والإقليمية. كما يرصد موقع حركة6 ابريل من هذه الاحداث, والسياق الذي تتحرك فيه وعلاقة ذلك بكتابات جين شارب وتحركات الإسرائيلي الامريكي جاريد كوهين.. ويختتم بخلاصة ينصح فيها بتهيئة فرص الانطلاق أمام الشباب لرحاب المستقبل باعتبارهم أمل الغد وعماد تقدم المجتمع.