قرار الحكومة بإنشاء شركة أملاك, بغرض الاستثمار في القطاعات الخاصة بالبنية الأساسية والأنشطة الأخري قرار جيد وان كان تأخر كثيرا. استغلال الأصول المملوكة للدول فكرة ليست جديدة عالميا حيث بدأت في الظهور نهاية الستينات, ورغم اختلاف الأهداف التي أسست الصناديق السيادية من أجلها الا أن هناك أهدافا مشتركة بينها منها حماية وضمان استقرار الموازنة ومساعدة السلطات النقدية في استيعاب وتوظيف السيولة الزائدة, وزيادة حجم الادخار للأجيال الصاعدة حيث تتكون من أصول مثل الأراضي, والأسهم, والسندات المملوكة للحكومة وقد بلغت قيمتها عالميا7.1 تريليون دولار العام الماضي وارتفع عددها من ثلاثة عام1969 إلي82 صندوقا في عام2014 وذلك وفقا لمعهد صندوق الثروة السيادية المنوط به متابعة مثل تلك الصناديق. ورغم اختلاف التقديرات الخاصة بقيمة هذه الصناديق وترتبها فإن أكبرها قيمة طبقا لتقرير مؤسسة مورجان استانلي العالمية هو الصندوق الصيني بقيمة831 مليار دولار يليه الاماراتي بقيمة773 مليار دولار ثم السعودي757 مليار دولار. بالنسبة لمصر فإن تكوين صندوق سيادي أو شركة لإدارة الأصول غير المستغلة المملوكة للحكومة ظهر علي الساحة خلال العقد الأخير ولكنه كان لا يتجاوز طرح الفكرة علي استحياء ثم التراجع عنها تدريجيا, وفي خلال حكومة المهندس إبراهيم محلب تم تبني الفكرة مرة أخري حيث وافق مجلس الوزراء وقتها علي مقترح إنشاء صندوق مصر السيادي ليكون صندوقا مملوكا بالكامل للدولة من خلال بنك الاستثمار القومي ويعمل من خلال منظومة متكاملة لتعظيم العوائد علي أصول وثروات الدولة ثم أعلن مجلس الوزراء منذ أيام قليلة عن تأسيس شركة أملاك لإدارة الأصول غير المستغلة. وبعيدا عن المسميات صندوق أو شركة فإن الأمر الأهم هو التحديد الدقيق للأصول التي سيضمها الصندوق وكذلك شكل إدارته والأهداف المنشودة من تأسيسه علاوة علي ضرورة الالتزام بالشفافية المطلقة في كل ما يتعلق به. إن عدم وجود تحديد دقيق لماهية الأصول الحكومية غير المستغلة بمصر وقيمتها نقطة يجب العمل علي علاجها كخطوة أولي وأساسية كما أن هناك تساؤلات تحتاج إلي إجابة أولها ما هو المقصود بغير المستغل ؟ هل هي الأصول العاطلة من مصانع وشركات تابعة للحكومة ؟ أم أنها الأصول التي تدار ولكنها تحقق عوائد اقتصادية منخفضة أو خسائر ؟ أم كلاهما معا ؟ وهناك أيضا حاجة ملحة للإعلان عن الطريقة التي ستدار بها هذه الأصول سواء من خلال الحكومة أم من خلال شركات محترفة ؟ وهل هي مصرية أم أجنبية ؟ وفي كل الأحوال هل سيكون للحكومة رأي حاكم في تحديد أوجه ومجالات استغلال هذه الأصول ؟ أم أن الأمور ستجري وفقا لرؤي الشركة التي ستتولي الإدارة ؟ كما يبقي السؤال الأهم ويتمثل في مدي الالتزام بالتنفيذ هل سيكون مرهونا بالحكومة الحالية أم انه التزام دولة لا يرتبط بحكومة بعينها ؟ مشروعية الأسئلة السابقة تستند إلي الحرص علي نجاح المشروع لأنه في حقيقته يمكن أن يسهم بدرجة كبيرة في إعادة هيكلة مفردات الاقتصاد المصري وإتاحة منافذ جديدة لعلاج مشكلات مزمنة خاصة تلك التي تتعلق بشركات قطاع الأعمال العام وما تعانيه من تشغيل غير اقتصادي وجميعنا يتذكر حالة شركات استصلاح واستزراع الاراضي وشركات الغزل والنسيج وغيرها. ويبقي أن تأكيد الحكومة ضرورة إعادة تشغيل هذه الكيانات بشكل اقتصادي سوف يترتب عليه توفير فرص عمل جديدة وحقيقية وهو هدف سيجعل الجميع مؤيدا لهذا المشروع. [email protected]