دبي: شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً في استثمارات الصناديق السيادية الخليجية والتي قدرت قيمتها بنحو 1.5 تريليون دولار أواخر 2007. ورغم تراجع أصول هذه الصناديق بنحو 20 % بسبب الأزمة العالمية، فإن مؤسسات عالمية توقعت أن تصل أموالها إلى 3 تريليون دولار بحلول 2010، إذا حافظت أسعار برميل النفط على مستويات بين 60 و65 دولاراً. ورغم ارتفاع استثمارات هذه الصناديق في المنطقة، إلا أن الخبير الاقتصادي هنري عزام توقع ألا يكون تأثيرها كبيراً على الاقتصاد العالمي وأسواق رأس المال، لأن مجموع استثماراتها لا تشكل سوى 12 % من الناتج الإجمالي العالمي و5.1 % من إجمالي قيمة السندات والأسهم المدرجة في أسواق المال العالمية والبالغة نحو 100 تريليون دولار. أشار إلى أن مستقبل دول الخليج لم يعد يعتمد فقط على دخلها من صادرات النفط، بل أيضاً وفي شكلٍ متزايد على حسن إدارة هذه الدول لأصولها المالية واستثماراتها العالمية. ولاحظت شركة "بوز آند كومباني" في تقرير صدر أمس، وأوردته صحيفة الحياة اللندنية أن دول الصناديق السيادية في الخليج "اتخذت دوراً استثمارياً نشيطاً يهدف إلى دعم الاستراتيجيات والاقتصادية لبلدانها مع عولمة الأسواق العالمية". ويري الاقتصادي الأول، مدير مركز الفكر في "بوز آند كومباني" حاتم سمان، أن الإمارات تحاول تعزيز التنمية الاجتماعية الاقتصادية من خلال استثمارات استراتيجية، إذ توفر استثمارات "دبي انترناشونال كابيتال" في "آرت مارينا" تطوير قطاع السفن والمرافئ في المنطقة، إضافة إلى استثمارات أخرى في خدمات التصنيع الخاصة بالطيران، والمطارات، والتعليم. لكن مع ارتفاع عدد الصناديق السيادية وتوسع استثماراتها المالية، علت أصوات في البلدان المضيفة، خصوصاً في الولاياتالمتحدة، تطالب بتنظيم الصناديق، خشية أن تسيطر علي قطاعات اقتصادية استراتيجية. وأكد سمان أن "استثمارات الصناديق السيادية لدول الخليج، مثل هيئة أبوظبي للاستثمار التي استثمرت 7.5 مليار دولار في مصرف "سيتي جروب"، مثلت مصدر قلق لأوساط في الولاياتالمتحدة إزاء احتمال تأثير الصناديق السيادية في قطاعات استراتيجية مثل المصارف. لذلك لابد جعل الصناديق تعمل في إطار منظم وفائق الشفافية. وحول دور الصناديق في مجلس التعاون, فمن الممكن أن تقوم الصناديق بأدوار إيجابية في المنطقة، بما في ذلك المساعدة في تأمين الاستقرار الاقتصادي، والاستثمار الطويل المدى، والسعي إلى تحقيق العائدات المالية المرتفعة. ويمكن للصناديق السيادية في دول المجلس أن تدعم استراتيجيات النمو الاقتصادي المحلي من خلال استثماراتها الدولية والمحلية، فالاستثمارات الدولية مثلاً توفر سبلاً للتعاون مع إدارات الشركات المستثمر فيها والتعرف إلى نماذج عمل مختلفة، إضافة إلى إجراءات واستراتيجيات من شأنها أن تُضاف إلى الخبرات المحلية. وأشار التقرير إلى أن للشركات الحكومية جزءاً كبيراً من النشاطات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، ما يمثل فرصة لإدارة مجموعات من الشركات المملوكة من الدولة تحت مظلة شركة قابضة تعمل بأسس تجارية، على اعتبار أنها تمكن حكومات المنطقة من تكوين تحالفات أعمال مهمة، إضافة إلى وفورات الحجم والنطاق. وحضّ التقرير الصناديق السيادية في الخليج على أن تستخدم ثروتها في المراحل التي تتميز بحركة اقتصادية ضعيفة بهدف إطلاق عجلة النمو الاقتصادي وحفظ تمويل الاستثمارات الاستراتيجية، مثلما فعل صندوق النرويج السيادي، بدعمه مشاريع البنية التحتية غداة الأزمة الاقتصادية العالمية بهدف الحفاظ على النمو الاقتصادي للبلاد. وشجع الصناديق السيادية في مجلس التعاون الخليجي على تأسيس صناديق مشتركة على المستويين الإقليمي والدولي.