كغيرها من دور العرض السينمائي والمسرحي ببورسعيد سقطت سينما ومسرح الألدرادو ضحية لكل ما هو قبيح لتجربة المنطقة الحرة التي انطلقت في يناير1976 لتقضي علي كل ما هو جميل من عقار وآثار تركه الأجانب ومؤسسو المدينة منذ حفر القناة في1859 وحتي الألفية الجديدة. والألدرادو البورسعيدية حكاية طويلة وتاريخ أطول مع الفنون والمشاهير بدأت مع إنشائها بالحي الافرنجي( تقاطع النهضة وممفيس) في نهايات القرن التاسع عشر وانتهت بنكسة67 قبل أن تفتح واحدة من أسوأ صفحاتها علي الإطلاق بعدما تحولت أطرافها لأسواق عشوائية احتلت الأرصفة, ومطبخا للكشري, ودكاكين تجارية حكومية وأخيرا مركزا مؤجرا للدروس الخصوصية. ويقول المهندس محمد بيوض المؤرخ البورسعيدي الكبير إن بورسعيد قد شهدت نهضة فنية كبيرة بأواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وامتدت تلك النهضة حتي حقبة الستينيات من القرن الماضي حيث تباري الأجانب والجاليات الأوروبية في إقامة دور العرض السينمائي والمسرحي وامتلكت بورسعيد في تلك الفترة الزمنية المشرقة أكثر من25 دار عرض ومسرح ومن بينها مسرح وسينما الألدورادو, وشهدت تلك المنشآت الفنية عروضا مسرحية لفرق أوروبية وموسيقية شهيرة وسبقت سينمات بورسعيد بعض دور العرض السينمائي بأمريكا وأوروبا للعروض الأولي لأفلام شركات الإنتاج الإنجليزية والأمريكية والفرنسية وبالطبع كان أغلب جمهورها من الجاليات الأجنبية التي سكنت بورسعيد مع حفر قناة السويس, وتحويل ما حول موقع بداية الحفر إلي مدينة جديدة ضمت مناطق لسكن الأجانب ومناطق أخري لسكن المصريين الوافدين لأعمال الحفر. وأضاف أن سينما ومسرح الألدرادو تحديدا كانت رائعة دور العرض ببورسعيد بأسرها لما تميزت به من جمال معماري داخلي كان قريبا من دار الأوبرا بالقاهرة وأوبرات المدن الأوروبية الشهيرة الكائنة في النمسا وإيطاليا وفرنسا كما امتلكت الألدرادو ميزة رحابة المكان واتساع الصالة والبلكون وهو ما أعطي المشاهد الفخامة ومتعة متابعة العروض باريحية كاملة من أي مكان أمام المسرح وشاشة العرض السينمائي كما عرضت شاشة السينما لأفلام بدايات فن السينما بصفة عامة وكانت شاهدا علي تطوره بمراحله المختلفة حتي ما قبل تهجير أهالي مدينة بورسعيد لبقية محافظات الجمهورية عقب نكسة.67 وأضاف بيوض لا أحد في بورسعيد يعرف أسباب عدم استئناف الألدرادو لنشاطها الفني بعد العودة من التهجير ولماذا سقطت مع بقية دور العرض السينمائي التي راحت ضحية للمنطقة الحرة والتي تحولت لمخازن ومحلات تجارية؟ والانكي أن تتحول حاليا بعدما انهارت جزئيا وأصبحت آيلة للسقوط إلي مركز للدروس الخصوصية لتضيع آخر ذكريات البورسعيدية مع دور العرض الجميلة التي كانت قبلة لأهالي المدينة الراغبين في قضاء وقت ممتع مع فن السينما الراقي.. سقطت الألداردو كما سقطت بقية دور العرض التاريخية ببورسعيد مثل أمبير والحرية والكورسال وفريال والأهلي لتدخل المدينة زمنا من القبح والتشويه انتهت بها ومنذ سنوات إلي معقل من معاقل البلطجة والإجرام والتهريب والترامادول الشهيرة. ويصرخ المصور الفنان وليد منتصر والذي كشف عن مأساة الألدرادو وحالتها الإنشائية المتدهورة منذ4 سنوات مطالبا وزير الثقافة ومحافظ بورسعيد بالتدخل لإنقاذ تلك التحفة المعمارية الرائعة والتي مازال هناك أمل في الحفاظ عليها قبل انهيارها المتوقع في أي لحظة. ويضيف مؤكدا أن الألدرادو أوبرا متكاملة يفوق جمالها نظيرها في القاهرة والإسكندرية وليس هناك مبرر للتفريط فيها بسهولة مشيرا لضرورة البدء في ترميمها والتفاهم مع من آلت إليهم ملكيتها بشأن إعادتها للحياة مرة أخري كمنارة ثقافية لا مثيل لها في منطقة القناة بالكامل.