حث الإسلام المسلمين علي التكسب والبناء والتعمير وتنمية المال ودفع الفقر بكل سبب مشروع, فالفقر قرين الكفر, وقد استعاذ منهما رسول الله, فقال: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر, وإذا كان من الواجب علي المسلم أن يعمل لحياته الأخروية وجب عليه كذلك أن يعمل لحياته الدنيوية وأن يوازن بينهما, كما قال الله تعالي:( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) سورة القصص الآية:.77 وبعض الناس يعتقد أن العمل للآخرة يقتضي الانقطاع عن الدنيا واعتزال الحياة فلا يعمل لها, فأحيانا تجد من يقول: إما دنيا وإما آخرة, وقد أدي سوء الفهم في التفريق بين الدين والدنيا إلي تأخر المسلمين وهزيمتهم في كل الميادين, فلا هم أقاموا دينا ولا هم أصلحوا دنيا, فالدين ليس عزلة عن الحياة إنما هو من صميم الحياة, والإنسان المثالي في الإسلام ليس الذي يعتزل الحياة فلا يعمل لها ولا يأكل من طيباتها ولا يستمتع بزينة الله فيها, ولكن الإنسان المثالي في الإسلام هو الذي يجمع الحسنيين, ويعمل للدارين, فيعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا, ويعمل للآخرة كأنه يموت غدا, فليس من هدي الإسلام كما قال العلامة رشيد رضا أن يترك المسلمون الدنيا ومعانيها وسياستها ويكونوا فقراء أذلاء تابعين لغيرهم من الأقوياء, ولا أن يكونوا كالأنعام لا هم لهم إلا في شهواتهم البدنية, فعمل الدنيا لا ينافي عمل الآخرة, بل إن العمل الشريف في حد ذاته نوع من العبادة يثاب عليه صاحبه متي قصد به طاعة الله, وهذا ما أكده الرسول,,, لأصحابه, فعن كعب بن عجرة, قال: مر علي النبي, صلي الله عليه وسلم, رجل, فرأي أصحاب رسول الله, من جلده ونشاطه, فقالوا: يا رسول الله: لو كان هذا في سبيل الله؟, فقال رسول,: إن كان خرج يسعي علي ولده صغارا فهو في سبيل الله, وإن كان خرج يسعي علي أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله, وإن كان يسعي علي نفسه يعفها فهو في سبيل الله, وإن كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان رواه الطبراني في الأوسط. ولقد جاء النبي مصلحا لهذه البشرية, مصلحا لدينها ودنياها وآخرتها, فهو الذي يقول, في دعائه: اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري, وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي, وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. من علماء وزارة الأوقاف