قبل أيام, اعتمدت196 دولة من الدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية بشأن تغير المناخاتفاقا جديدا, أطلق عليه اتفاق باريس للمناخ وهو يحدد خريطة الطريق واجبة التنفيذ من جانب المجتمع العالمي سعيا لتخفيف الآثار المدمرة للتغير المناخي. الاتفاق الجديد, الذي يوصف بأنه من أهم الاتفاقيات الدولية, يستهدف الإسراع في العمل من اجل الحد من زيادة انبعاث الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض, من خلال خفض استخدام مصادر الطاقة التقليدية, كالفحم والبترول والغاز, وتشجيع اللجوء إلي مصادر الطاقة المتجددة, وتغيير أساليب إدارة الغابات والأراضي الزراعية, إلي جانب مجموعة أخري من الإجراءات الضرورية لضمان حياة البشرية علي الأرض في المستقبل. وتتركز أهم نقاط الاتفاق, الذي سيدخل حيز التنفيذ في عام2020, في محاولة الحفاظ علي زيادة متوسط درجة الحرارة العالمية بنهاية القرن الحالي في حدود أقل بكثير من درجتين مئويتين, ومواصلة الجهود الساعية إلي عدم تجاوز هذه الزيادة1.5 درجة مئوية, من خلال الحد من معدل الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض.. وكذلك مراجعة مساهمة كل دولة علي حدة في تقليل معدل انبعاثات الغازات بها كل خمس سنوات, بدء من عام..2023 ووضع إطار عمل مستقل وشفاف لتتبع التقدم في تنفيذ المساهمات المحددة لتخفيض الانبعاثات, بما يضمن بناء الثقة المتبادلة وتعزيز فعالية تنفيذ الاتفاق من جانب الدول النامية والمتقدمة.. وأخيرا, قيام الدول الغنية بمساعدة الدول الفقيرة عبر الدعم الفني لإنتاج الطاقة من المصادر المتجددة. وإذا كان هناك من يري أن اتفاق باريس للمناخ, الذي يبدأ التوقيع عليه رسميا في22 أبريل2016, يبعث برسالة واضحة للمرة الأولي في التاريخ بأن دول العالم الغنية والفقيرة عازمة علي التحرك, معا بحزم, لمواجهة الأخطار الكارثية المترتبة عن استمرار معدل الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض بنفس مستوياتها الحالية, إلا أن هناك انتقادات عنيفة وجهتها جماعات المحافظة علي البيئة للاتفاق, ووصفته بأنه لم يكن طموحا بالقدر الكافي لحماية العالم, وانه بمثابة فرصة ضائعة لمواجهة حقيقية للتغير المناخي العالمي, حيث ترصد الدراسات الدولية مجموعة من التداعيات المناخية الخطيرة, وفي مقدمتها التصحر والجفاف من جهة, وهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات من جهة أخري, والنتيجة المباشرة لهذه التداعيات هي تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية, وبالتالي نقص حاد في الغذاء.. إضافة إلي ما سينتج عن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض من ذوبان جليد القطبين, وبالتالي ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات, وغرق مساحات شاسعة من الأراضي. وعلي الرغم من ذلك, يمكننا القول إن اتفاق باريس للمناخ, هو بالفعل اتفاق تاريخي.. ولكن يبقي وضعه موضع التنفيذ, وهذا لن يتحقق إلا إذا بدأ قادة العالم في اتخاذ خطوات جادة فيما يتعلق بوفاء الدول الغنية بتعهداتها بضخ مائة مليار دولار كل عام بحلول عام2020, واستخدام هذا المبلغ كأساس لتوسيع الدعم المالي إلي الدول الفقيرة بشكل أكبر, لتحقيق ما يمكن أن يطلق عليه العدالة المناخية التي تقتضي قيام الدول المتقدمة ب تحمل مسئولياتها التاريخية بسبب كونها المتسبب الأول في الانبعاثات الغازية المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض, كما يجب علي الدول النامية والناشئة أن تستكمل خططها في الانتقال للاعتماد علي إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة.. والأهم أن يحظي الاتفاق, والالتزام بتنفيذ بنوده, باهتمام عالمي يدرك خطورة الأزمة التي يتعرض لها كوكب الأرض نتيجة التغير المناخي وتداعياتها علي مستقبل البشرية.