لا يمكن الحديث عن التنمية في القارة الإفريقية بأبعادها المختلفة دون الحديث عن التعاون مع الشركاء الدوليين الذين يسعون بصورة جادة إلي دعم التنمية في دول القارة السمراء, بعيدا عن تحقيق المصالح الأحادية بغض النظر عن مصالح الدول الأخري, وتأتي الصين في مقدمة الشركاء الدوليين لأفريقيا, حيث يقوم التعاون الأفريقي الصيني علي الشراكة بين الجانبين وبالتالي تحقيق منفعة متبادلة للطرفين معا, وهو ما جعل الصين محل ترحيب وتعاون من قبل جميع الدول الأفريقية, وهو ما عكسه الحضور الكبير للقادة الأفارقة لمنتدي التعاون الأفريقي الصيني والذي سوف تنطلق أعماله غدا في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا. وأعتقد أن القمة سوف تحمل العديد من الموضوعات والملفات الهامة للجانبين, في مقدمتها السعي لإقامة عدد من المشاريع الكبري في القارة بالتعاون مع الصين, ومنها تنفيذ مشروع قطار القاهرة كيب تاون وهو القطار السريع الذي يربط بين شمال وجنوب القارة بالإضافة الي تنفيذ مشروعات كبري في مجال البنية الأساسية, سواء إنشاء شبكات للطرق للربط بين دول القارة وبالتالي تسهيل حركة نقل البضائع ومرور المواطنين, خاصة اذا علمنا إن حجم التجارة بين الصين وإفريقيا سجل عشرة مليارات دولار امريكي في عام2000 وارتفع هذا الرقم إلي220 مليار دولار في العام الماضي. وتسعي الصين لرفع الرقم إلي400 مليار دولار بحلول عام2020 ومن المحتمل ان تصل القيمة الاجمالية إلي300 مليار دولار بنهاية العام الحالي, وهو ما يكشف حجم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين في ظل حاجة إفريقيا الي توفير دعم كبير من قبل بكين لتنمية عمليات التصنيع بها وأيضا تكثيف الاستثمار في التنمية البشرية وتدريب الكوارد من دول القارة خاصة, علي تكنولوجيا المعلومات بما يتوافق مع مخططات التنمية في تلك الدول. والمؤكد ان تصريحات وزير الخارجية الصيني وانغ يي والتي وصف فيها أفريقيا ب أساس الأساس في الدبلوماسية الصينية تؤكد ان هناك استراتيجية صينية للتعامل مع القارة السمراء منذ سنوات بعيدة, سواء في القضايا السياسية والتي تسعي بكين من خلالها الي توفير غطاء ودعم سياسي لقضايا القارة في الأممالمتحدة والمحافل الدولية الكبري, سواء مجموعة العشرين او دول البريكس او غيرها خاصة فيما يتعلق بملف الإرهاب والنزاعات في القارة, وضرورة مساندة العالم للقارة للتخلص من الإرهاب الذي يعوق جهود التنمية من خلال إقامة العديد من المشاريع الاستثمارية في دول افريقيا لإيجاد فرص عمل للشباب والسعي لتجفيف منابع الارهاب والقضاء علي الحركات المسلحة دون قيام الصين بفرض شروطا سياسية مقابل المساعدة,- كما قال وانغ او التدخل في الشئون الداخلية للدول الإفريقية. ويقينا فان القمة الأفريقية الصينية ستركز بشكل أكبر علي مجالات تحسين معيشة الشعب والتخفيف من الفقر والاستثمار في الدول الأقل نموا والنساء والأطفال, وان القمة سترسل ايضا- إشارة قوية إلي المجتمع الدولي حول الأهمية والاحترام والدعم الذي تمنحه الصين إلي أفريقيا, وبالتالي تقوية ثقة المجتمع الدولي في القارة وجذب المزيد من الاستثمارات الدولية اليها. وعلي الرغم من ان الصين تسعي دون شك الي خدمة مصالحها فهي في نفس الوقت تسعي الي تنفيذ ذلك دون الأضرار بمصالح الدول الإفريقية بل تسعي الي تنفيذ استراتيجية تقوم علي الشراكة وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الطرفين من خلال إقامة مشاريع تحقق الفائدة للشعبين في آن واحد وتدعم جسور التعاون بين الصين ودول القارة السمراء سياسيا واقتصاديا وثقافيا, وتفوت الفرصة علي من يسعون الي ضرب جذور العلاقة والتعاون بين الجانبين.