في سياق مساعيها لفتح أسواق جديدة، والحصول علي المواد الأولية الرخيصة، استغلت بكين القمة الاقتصادية الأفريقية الصينية، لإقرار مشاريع استثمارية هائلة الحجم، لمصلحة الصين في القارة السمراء، في الوقت الذي تصاعدت أصوات منددة بالاتفاقيات، معتبرة أنها تتجاهل حقوق الإنسان. وقال البيان الختامي لقمة التعاون الاقتصادي، التي ضمت إلي الصين 48 دولة أفريقية، "إن التعاون الحالي سيكون مبنياً علي أسس الشراكة الكاملة والاحترام المتبادل، في ظل سعي عالم اليوم إلي السلام والتنمية والشراكة." وشدد البيان الختامي للمؤتمر الذي حضره رؤساء 35 دولة افريقية، وممثلين عن 13 دولة أخري، وتلاه رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي، أن الاتفاقية تدشن انطلاقة حقبة جديدة من التعاون الأفريقي الصيني، لتحقيق الإنماء والفائدة المشتركة. وتم خلال المؤتمر، توقيع العديد من الاتفاقيات، التي ستقوم بموجبها شركات صينية بتنفيذ مشاريع استثمارية وتطويرية، تطال البنية التحتية والاتصالات والقطاع المالي في القارة السمراء، بعقود تبلغ مليارات الدولارات، مثل تطوير شبكة سكك الحديد النيجيرية، مقابل 8.3 مليار دولار. وقرر الرئيس الصيني في أعقاب المؤتمر، مضاعفة مساعدات بلاده المقدمة إلي أفريقيا، حيث ستبلغ في العام 2009 أكثر من 10 مليارات دولار، علي شكل قروض ميسرة، وحوافز استثمارية للشركات الصينية، وتسهيلات تصديرية لبضائع الدول الأفريقية إلي أسواق الصين. وكان القرار الصيني بزيادة الاستثمارات في القارة، قد استرعي ردوداً وانتقادات كبيرة، علي خلفية أن الدعم سيقدم لبعض الحكومات التي تمتلك سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان، كما قال البعض أن الصين تعامل أفريقيا "بنفس" استعماري جديد. غير أن هذه التصريحات، أثارات ردوداً رافضة من جانب رئيس الوزراء الصيني، ون جياو باو، الذي اعتبر أن الدعم الصيني "صادق وغير مشروط" مشيراً إلي أنه يتوقع أن تدفع هذه الاتفاقية معدلات التبادل التجاري بين بلاده ودول القارة، إلي أكثر من 100 مليار دولار، بحلول العام 2020. يذكر ان معدلات التبادل التجاري الحالية تبلغ حوالي 40 مليار دولار، خاصة في قطاع النفط حيث تقوم شركات قطاع النفط الصيني بمشاريع استثمارية في دول مثل السودان وأنغولا ونيجيريا. علي ان هذه المشاريع تجر علي الصين انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي تتهما بدعم حكومات أفريقية لا تحترم الديمقراطية مقابل تمتع شركاتها بامتيازات باستغلال حقول النفط في تلك الدول. وتعهد الرئيس الصيني هو جينتاو في كلمته الافتتاحية للمنتدي بداية الأسبوع الحالي بمضاعفة بلاده لمساعداتها لأفريقيا بتقديم تسهيلات ائتمانية، والسماح بدخول المزيد من السلع الأفريقية إلي الأسواق الصينية بدون رسوم جمركية، وذلك بحلول عام 2009. جاء ذلك في إطار سعي الصين لإقامة علاقة شراكة إستراتيجية من نوع جديد ولتقوية التعاون في المزيد من المجالات مع القارة السمراء وعلي أعلي المستويات، بحسب ما أعلنه الرئيس الصيني الذي استضفته بكين في الفترة من 3 إلي 5 نوفمبر. وأسست الصين وأفريقيا منتدي التعاون الصيني الأفريقي في أكتوبر من العام 2000 وشكل تأسيسه مبادرة هامة لتعزيز أواصر الصداقة والتعاون الصينية - الأفريقية. ووصل حجم التجارة البينية بين الصين ودول القارة الأفريقية إلي 39.8 مليار دولار أمريكي في عام 2005 في حين أسقطت الصين 10.9 مليارات يوان (1.4 مليار دولار) من ديون الدول المثقلة بالديون والدول الأقل تقدما في أفريقيا. وحتي أغسطس من العام الحالي قامت الصين بتدريب أكثر من 11 ألفا من العاملين في الدول الأفريقية.