لن يتغير الغرب أبدا منذ القرن العاشر. وكأن هذا قدر مقدور. تألمنا نحن فى بلادنا ألما شديدا لما أصاب فرنسا من قرح وجرح نتيجة الحوادث الإرهابية الأخيرة التى أصابتها. لدرجة أن الدولة كلها فعلت ذلك وكأن المصاب مصابها. وكذلك المواطنون من كل الأطياف. منهم من غير عنوان صفحته على الفيسبوك ومنهم من عبر بكلمات الحزن الشديد. هذا طبيعى. لأن الرابطة الإنسانية رابطة أساسية. والجرح البشرى مؤلم لكل البشر. فى المقابل نجد عكس ذلك فى مجتمعات الغرب التى تصف نفسها دائما بأنها الأكثر حضارة. والأكثر رقيا. فى فرنسا يحرقون المصاحف فى الشوارع تمعينا فى إيذاء مشاعر أكثر من بليون ونصف مسلم. يعتبرون هذا خطيئة كبرى واعتداء فاحشا على عقيدتهم لا يغتفر، كما يقومون بحرق معسكرات اللاجئين انتقاما وطغيانا. وفى بريطانيا نجد من يحاول إلقاء طالبة مسلمة تحت القطار السريع لولا أن تداركتها رحمة الله فنجت بأعجوبة. كما نجد أيضا سائق أتوبيس عام يمنع راكبة لمجرد أنه اشتم منها رائحة الكارى فاستنتج بعنصرية أنها لا بد أن تكون مسلمة. وفى أستراليا ضرب مواطن استرالى فتاة مسلمة بكأس مشروب البيرة الزجاجى فشوه وجهها. الأخطر من تلك الحوادث التى تدل على عنصرية متأصلة لدى الإنسان الغربى. هو ما تنزح به ألسنة الساسة فى الغرب. فى أمريكا نجد المرشح الجمهورى دونالد ترمب يصرح قائلا إنه فى حالة فوزه سيمنع مساجد الله التى يذكر فيها اسمه. ومثله كثير من المرشحين فنجد السيد جيب بوش المرشح الجمهورى أيضا ينادى بأنه يتعين على أمريكا قبول المسيحيين السوريين فقط وعدم قبول المسلمين. هو ابن جورج بوش الذى بدأ العداوة والحرب فى المنطقة والتى تعصف بها كل يوم. وهو أيضا شقيق جورج بوش الإبن الذى أدت سياسته الخرقاء الى مانشهده من فوضى مدمرة والى خلق داعش ذاتها كما وضح وفسر كل المحللين. السؤال الآن: ماذا سيكون رد الفعل لدى البليون والنصف من المسلمين؟ للأسف الشديد سيكون محزنا ومخذلا. وقبل ذلك سيكون نصرا مؤزرا لداعش والتى قد تكون فعلت الهجوم الإرهابى على فرنسا لتوقعها مثل تلك الأفعال الغربية بدءا من المواطن البسيط الى السياسى الحالم بكرسى الرئاسة فى أمريكا وفى فرنسا نفسها. والتى سيكون للحادث تأثير كبير على نتائج الانتخابات الفرنسية التى ستحدث قريبا. يبدو أن الشيطان. أمير الظلام هو الذى يخطط لداعش لأنها بالتأكيد الفائزة من جراء كل هذه الحماقات. وأنها ستزداد قوة وأعدادا تجندهم تلك التصرفات الكريهة الى جانبها. إنى أتخيل داعش تحتفل لذلك النصر المؤزر. هل هناك خدمة تؤدى لداعش أكبر من حرق كتاب الله فى شوارع عاصمة النور باريس؟ القانون الطبيعى يقول إن لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الإتجاه. حرق المصاحف فعل تهتز له السموات فى نظر أى مسلم مهما كانت درجة إيمانه. وقفل المساجد مثلما يعد ترمب ظلم كبير وفساد فى الأرض عند كل مسلم. هذه أمور كنا نتمنى ألا تحدث وخصوصا أننا فى العالم الإسلامى ضحايا لداعش أكثر من الغرب ذاته، وأن كل الدمار الحضارى والإنسانى عندنا بداية من تدمير كل المتاحف والتماثيل التى لن تعوض والى المتاجرة بها. والى تهجير لمدن بالكامل والى حرق النسل والحرث. نحن المصابون بكل شرورها يوميا والذين يضرب اقتصادهم وسياحتهم. إذن نحن ضحايا داعش وضحايا الغرب الذى أصبح لا يميز، وأصبحت سياساته حمقا وجهلا كبيرين. إن الزمن يدور دورته. لتعود الصراعات القديمة من خلال مستصغرات الشرر تلك. ومن خلال تكبيرها وتجسيمها بواسطة وسائل التواصل الاجتماعى ونشرات الأخبار والتى تنقل الحدث فى أثناء وقوعه. البشرية فقدت عقلها ورشدها وقلبها وروحها.